من الأمور المشجعة دائما أن يخاطب الرئيس من وقت لآخر الرأي العام من خلال لقاءاته الصحفية والإعلامية,فثمة قضايا داخلية وخارجية تتطور ويحتاج الرأي العام إلي أن يستمع إلي رأي الرئيس وتقيمه لهذه القضايا وخاصة التي يثور حولها لغط وتتداخل فيها الآراء. سوف أركز في هذا المقال علي تناول الرئيس لعلاقات مصر الخارجية: مع القوي الدولية الرئيسية, والعالم العربي والإفريقي, والقضية الفلسطينية.. ففي الإطار الأشمل لعلاقات مصر الدولية تحدث الرئيس عن علاقات مصر مع القوي الرئيسية الثلاث:الولاياتالمتحدة, روسيا, والصين, والواقع أن هذه العلاقات التي وصفها الرئيس بالمتوازنة, هي نتيجة الإستراتيجية التي تبنتها مصر بعد ثورة30 يونيو مباشرة من توسيع قاعدة علاقاتها الدولية, حيث بلور الرئيس في حديثه الأخير هذه الإستراتيجية في شراكة.. لا تبعية, وهكذا وصف الرئيس العلاقة مع الولاياتالمتحدة بالإستراتيجية وأنها جيدة وإن كنا نلاحظ أن اهتمام الولاياتالمتحدة يتركز الي حد كبير علي البعد الأمني في العلاقات, والذي يجب أن يتوسع ليشمل الأبعاد الاقتصادية, والاستثمارية والمشاركة في مشروعات مصر القومية. ووصف الرئيس العلاقة مع روسيا بالقوية, الراسخة, ذات أبعاد تاريخية, كما تجئ دعوة الصين للرئيس لحضور قمة مجموعة العشرين ,ذات الثقل الاقتصادي الدولي, مؤشرا علي مستوي العلاقة والتعاون والثقة بين البلدين. وعلي المستوي العربي, كان أهم ما ورد في تقييم الرئيس للواقع العربي قوله إن الواقع العربي يحتاج الي مراجعة شاملة, وهو تقييم دقيق بالنظر الي الحالة الحرجة جدا التي يعيشها هذا الواقع, وفي تقدير كاتب هذه السطور أن تبدأ هذه المراجعة من خلال دول النواة: مصر, السعودية,الإمارات, الأردن, المغرب, والجزائر. أما اللغط الذي يثار حول علاقة مصر مع دول الخليج, خاصة السعودية والإمارات, فقد أشار الرئيس إلي خطأ الاتجاه الذي يختزل هذه العلاقات في جانب المساعدات, ذلك أن العلاقات المصرية الخليجية تتجه الي أن تشمل الأبعاد الأمنية و الاستثمارية والاقتصادية. أما القضية الفلسطينية, فقد اعتبر الرئيس أن علاقة مصر مع كل من الفلسطينيين والإسرائيليين تعطيها الفرصة لكي تدفعهما في اتجاه تسوية مقبولة, والواقع أن هذا كان من أهداف مصر لتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية بتوسيع قاعدة سلام مصر مع إسرائيل لكي تشمل الفلسطينيين. ويشير الرئيس الي استعداد بوتين للجمع بين محمود عباس ونيتانياهو, والجمع بين الطرفين اتجاه مشجع ولكن نخشي أن يستخدم نيتانياهو هذه اللقاءات الثلاثية لكي يتفادي الدعوة الي مؤتمر دولي يضع قواعد السلام ويطالب بالالتزام بها. ونتمني أن يكون التفاوض حول شاغل مصر بسد النهضة الإثيوبي يسير كما وصفه الرئيس بأنه مطمئن ويبعث علي الرضا ذلك أن الزمن يتقدم نحو انتهاء إثيوبيا من بناء السد وجعله أمرا واقعا. وفي كل الحالات نؤيد دعوة الرئيس إلي أن يكون تعاملنا مع هذه القضية هادئ وواثق, ذلك أن أسلوب الإثارة والتهديد في زمن سابق قد أضر بالموقف المصري. وفي المجمل فإن استعراض الرئيس لعلاقات مصر الدولية والإقليمية يؤكد حقيقة أن إدارة مصر لسياستها الخارجية واقتناع العالم وإقباله عليها هي من بين أهم إنجازات مصر ما بعد30 يونيو.2013