أخيرا.. تحركت الكتلة الصامتة التي وصفها خبراء السياسة والاجتماع بالقادمين الجدد والتي ستكون كلمة السر في الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. أخيرا.. اعترفت الكتلة الصامتة بأن صوتها مؤثر وأنه من الممكن أن يقلب كفة الميزان لمرشح دون الآخر لتحديد ملامح المستقبل( دون مقابل). تلك هي المرة الأولي التي تركوا فيها منازلهم وقرروا النزول للانتخابات مرجعين عزفهم في الماضي إلي إرادتهم لان المناخ لم يكن ديمقراطيا وأن إرادتهم كانت تزور. هؤلاء سوف يزدادون إقبالا علي الصناديق وسوف يحسمون المعركة لمن يفهمهم. الاهرام المسائي سألت خبراء النظم السياسية عن أسباب خروج الكتلة الصامتة إلي الانتخابات ومحددات ازدياد اعدادهم مستقبلا وكذلك البحث عن آليات منع وقوعهم كفريسة لأصحاب الرشاوي الانتخابية وأصحاب البرامج الورقية. قال الدكتور محمد العدوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط إن الكتلة الصامتة ستكون كلمة السر في جميع الانتخابات المقبلة, وان ما حدث في ثورة ال25 من يناير في التوجه نحو التحول الديمقراطي جعلها غير مسيسة سواء من جانب أحزاب سياسية أو جماعات دينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية, وأضاف أن الكتلة الصامتة فرضت نفسها في صورة تشبه الحشد رغم أنه لم تكن لدي معظمها خلفية تحليلية كافية عن التعديلات الدستورية, لذلك وقع بعضهم فريسة لبعض العبارات العامة التي يمكن من خلالها استهواء هذه الفئات خاصة فيما يتعلق بالمادة الثانية من الدستور. وأضاف د. العدوي أن هذه الكتلة تعاني مشكلة أساسية تتمثل في ضعف الثقافة السياسية لهذه الكتلة خلال58 عاما من العيش في نظم حكم لايعول المواطنون كثيرا علي إمكانية تغييرها من خلال الصناديق, والإحساس بأن أصواتهم لا تفيد في صنع السياسات العامة التي تتعلق بحياتهم اليومية. وقال إن الغياب الواضح للأحزاب السياسية وعدم انتشارها في الحيز الجغرافي لوجود أغلبية أعضاء الكتلة الصامتة سيؤديان إلي وجود كتلة كانت صامتة تتحول إلي فاعل في عمليات التصويت ومن ثم تستطيع هي تحديد القوي السياسية الفائزة في الفترة المقبلة في جميع الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية. وأضاف واصفا هذه الكتلة من خلال عدة ندوات حاضرها لبعض أفرادها في المناطق الريفية أنها تسيطر عليها أخلاقيات تشبه أخلاقيات الحشد أو السريان وراء أهل الثقة. وأن معظمهم في المناطق الريفية والعشوائية بأطراف القاهرة الكبري لا يملكون القدرة علي الاختيار حتي الوصول إلي صندوق الانتخاب, وأن الزخم الإعلامي ما بين مؤيد ومعارض وكذلك اختلاف الأداء يخلق عندهم حالة من التشوه مع مراعاة أن الفترة الممنوحة للاختيار للحوار حول التعديلات الدستورية علي سبيل المثال كانت قصيرة, الأمر الذي يتطلب ضرورة القيام بحملات من التثقيف السياسي لهذه الكتلة الصامتة شريطة أن تقوم بها جهات محايدة تتناول قضايا عامة بشأن التطور السياسي في مصر, سواء في صورة لقاءات جماهيرية أو ندوات وحلقات تدريبية وأن تكون في مصر منظمات هدفها الأساسي التوعية والتثقيف للمواطن المصري دون حثه علي التصويت في اتجاه تيار معين وهو ما ينشئ دورا للمؤسسات الحكومية يجب أن تقوم به سواء كانت مراكز الإعلام الحكومية أو قصور الثقافة في القري والنجوع وكذلك المدارس والجامعات ومراكز الشباب, إضافة إلي مؤسسات المجتمع المدني التي لا تتلقي أجندة خارجية للعمل بها. وقال د. العدوي أن هذه الكتلة الصامتة سوف يتم اللعب عليها للفوز في الانتخابات البرلمانية المقبلة ومن ثم يلزم اتساع الفترة الممنوحة قبل إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة, خاصة أن انتخابات النظام الفردي تعزز من إمكانية استخدامها وتوجيهها خاصة في المناطق الريفية في الوجهين البحري والقبلي واستخدام العصبيات وعلاقات النسب والمصاهرة لتأييد مرشحين بعينهم أو استخدام عبارات تستهوي هذه الفئات خاصة في ظل عدم وجود رؤية تحليلية لدي غالبية أفراد هذه الكتلة الصامتة, وبخاصة أن عدد المنتمين لأحزاب سياسية في مصر منها لايتجاوز ال5% من إجمالي ال45 مليونا الذين لهم حق التصويت وهو ماظهر بوضوح في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية. وأكد د. العدوي أن القادمين الجدد من الكتلة الصامتة سوف يزدادون إقبالا علي الصناديق في الانتخابات البرلمانية المقبلة وأن المرشحين سوف يحرصون علي استخدام وسائل دعائية أخري في إدارة العملية الانتخابية تتمثل في الرشوة والعنف والعصبيات والخلفيات القبلية في بعض المناطق, وعلي حسب التفاوتات في مستويات الوضع السياسي وأيضا في المستويات الاقتصادية والاجتماعية, معتبرا أن استخدام هذه الوسائل لكسب تأييد الكتلة الصامتة نوع من الإفساد السياسي, متوقعا شدة المنافسة من جانب العديد من القوي السياسية أو حتي المرشحين المستقلين لان المعركة القادمة تعتبر معركة إثبات ذات ومصيرية وأضاف أن استهواء هذه الكتلة الصامتة يمكن أن يتم من خلال ترشيح نواب الخدمات عند اختيار المرشحين لعضوية البرلمان, معتبرا أن ذلك الأمد في غاية الخطورة لدي سكان المناطق الفقيرة وسكان الريف المصري الذين يفضلون من يقدم خدمات سواء من خلال تبرعات أو من خلال حل المشكلات المحلية والتستر علي بعض الأخطاء في ظل أنه يخدم أهالي دائرته. وأضاف العدوي أن مرشحي الرئاسة سوف يعتمدون علي الشائعات والتضليل الاعلامي لجذب الكتلة الصامتة نظرا لأن معظم المرشحين للرئاسة ليس لهم جذور واسعة وممتدة في الشارع السياسي,وأن حملات التشويش والتشكيك الاعلامي بين منظمي حملات الرئاسة سوف تؤثر علي استهواء الناس نتيجة انتشار الشائعات وتعدد وسائل التأثير علي المواطن المصري عند الاختيار بين المرشحين. بينما قال الدكتور مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية: القادمون الجدد من الكتلة الصامتة هم المتعلمون الذين كانوا لايشاركون في الانتخابات لأنهم كانوا يدركون أن التزوير شيء طبيعي في النظام السياسي المصري السابق مشيرا إلي أن قلة منهم تتماثله, مشاعر دينية تتأثر بمواقف الاخوان والسلفيين مؤكدا أن المرشح أو الحزب الذي يطرح في برنامجه قضايا واقعية تتعلق بحل مشاكل الناس يستطيع جذب معظم أعضاء الكتلة الصامتة. وأضاف مصطفي كامل أنه لاتوجد قوي سياسية جاهزة في الشارع المصري تستطيع الاستفادة الكاملة من الكتلة الصامتة متوقعا أن معظم هؤلاء سوف يصوتون لصالح مرشحين مستقلين معتبرا أن ثورة25 يناير أحدثت نقلة هائلة في وعي هذه الكتلة وأنهم أصبحوا بعد رغبتهم في إقامة دولة مدنية لا تؤثر عليهم إغراءات المال أو روابط العصبية والقبلية وقال الدكتور حمدي حسن الخبير الاعلامي المصري أن أعضاء الكتلة الصامتة التي كشفها الاستفتاء كانوا عازفين عن المشاركة السياسية لأسباب مرتبطة بعدم ثقتهم في أدوات النظام السياسي السابق وقدرته علي تغيير الارادة السياسية للمواطنين وأوضح د.حمدي أن هذه الكتلة من الصعب توجيهها خلال الفترة المقبلة وأنها لن تكون لقمة في يد محترفي الانتخابات, وطالب بتغيير الوجوه التي احتكرت العمل السياسي وتشغيل أحزاب سياسية جديدة لها برامج سياسية واقتصادية واضحة تستطيع إقناع باقي أعضاء هذه الكتلة الصامتة بالخروج إلي الصناديق وأضاف أن مصر تحتاج إلي وجوه جديدة تتحدث في وسائل الاعلام لتحقيق نوع من المشاركة في صناعة الرأي العام بدلا من الوجوه المتكررة التي تتحدث يوميا في نفس القنوات وفي نفس البرامج حتي يحدث نوع من التنوع في الأفكار والمعتقدات السياسية. وقال يسري العزباوي الباحث بمركز الدراسات السياسية بالأهرام أنه من الظلم القول أن الأخوان أو أي قوي سياسية ساعدت في حشد الكتلة الصامتة التي خرجت للاستفتاء, معتبرا أن خروج أبناء هذه الكتلة الي التصويت يعتبر جرس انذار منهم إلي جميع القوي السياسية علي قدرتهم في تحديد كفة الانتخابات المقبلة سواء كانت برلمانية أو رئاسية وأنها لم تعد تترك زمام الأمور لأي قوي تحاول حشدها. وأضاف عزباوي أن أعداد الكتلة الصامتة التي شهدناها في الاستفتاء في ضوء التغييرات التي حدثت علي مستوي الجمهورية وبدء اهتمام الناس في المشاركة سوف تزداد خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة والرئاسية, وأبدي العزباوي تخوفه من بعض مرشحي الخارج بمساعدة الأيدي الخفية بالضغط والاغراءات.. يحصلون علي تأييد تلك الفئة التي ليس لها خبرة سابقة في إدارة العمل الانتخابي وأنه سوف تذهب حصيلتها في النهاية إلي مرشح الخارج وقال أنه اذا بقي شيء من أصواتهم فسوف يكون مجرد حالات فردية أفلتت من حصاد مرشح الخارج والأيدي الخفية لأسباب عصبية أو قبلية, وتوقع أن تكون كلمة السر في حسم الانتخابات المقبلة هي الكتلة الصامتة وأضاف عزباوي أن هؤلاء الصامتين شعر معظمهم بالخوف بعد الفوضي التي بثها النظام واتفقوا علي قبولهم للتغيير ودعمهم له أمر ضروري للغاية, وأن مساندتهم ولو معنويا لحركة التغيير أمر لا يقل أهمية عن الصمود في مطالب التغيير ذاتها وأنهم قادرون علي قلب المشهد بإبعاده لصالح أي الطرفين التغيير أو بقايا النظام. وأضاف عزباوي أن الكتلة الصامتة سوف تسارع الأحداث في تطورها وتغييرها بين ساعة واخري علي المشاركة في تشكيل الوجه الجديد لمصر وأنها لم تصبح فيما بعد صامتة متفرجة علي الصراع الذي يحدث بين القوي السياسية والدينية في الشارع المصري رغما عنهم أو باختيارهم لأنهم الأكثر ضررا طوال حكم الرئيس مبارك, خاصة أن كل قوة في حلبة الصراع كانت تقوم باستعراض عناصر قوتها الداخلية والخارجية من خلال أجهزة الاعلام وخاصة الفضائيات. فالشباب والشيوخ والسيدات الذين خرجوا يوم الاستفتاء للإدلاء بأصواتهم مطالبين بالاستقرار وتحسين صورة مصر وحدوث إجراءات إصلاحية علي النظام الانتخابي السابق سيتحولون إلي كرة اللهب التي تدير الصراع بين القوي السياسية. الأهرام المسائي طرحت ما قاله المتخصصون عن امكانيات القادمين الجدد من فئات الكتلة الصامتة علي بعض فئاتها سواء كانوا سكان قري أو نجوع أو متعلمين يسكنون القاهرة الكبري أو شباب صنعته ثورة25 يناير. قال أشرف عبد الدايم عمر محام يسكن في منطقة الهرم سنخرج إلي صناديق الانتخابات مهما كلفتنا الظروف لنحافظ علي ما فعلته ثورة ال25 من يناير, وأضاف أن الذي كان يمنعهم عن الخروج إلي صناديق الانتخابات هو المناخ غير الديمقراطي الذي صنعه النظام السياسي السابق مؤكدا أن جميع أصدقائه من المحامين اتفقوا علي الخروج للصناديق في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة لتحديد ملامح المستقبل دون مقابل من أحد ودون توجيه كما كان يحدث في الانتخابات الماضية وأضاف سأحاول إقناع كل جيراني مهما اختلفت انتماءاتهم وتوجهاتهم للخروج إلي صناديق. وقال علي محمود محمد شيخ قرية النواصر بالأقصز أتفقنا منذ يوم الاستفتاء علي تكوين لجان شعبية أمام مقرات اللجان الانتخابية سواء الرئاسية أو البرلمانية لحث الناس علي الخروج من المنازل للإدلاء بأصواتهم ولمنع وضع أي ملصقات من شأنها التأثير علي إرادة الناخبين الجدد وكذلك للقضاء علي سطوة القبيلة والعصبية في توجيه إرادة الناخبين, وقال منذ يوم الاستفتاء نطرق الأبواب ونشجع المزارعين وشباب القري والنجوع للخروج إلي صناديق الاقتراع, وأضاف قائلا لن نقف مكتوفي الأيدي أمام القوي السياسية الدينية لأن الانتخابات القادمة سواء الرئاسية أو البرلمانية سوف تتم في ظروف طبيعية وأن درجة التغيير التي حدثت في مصر سوف تشجع الناس علي المشاركة. وطالب بالسماح للسيدات بالتصويت بشهادات الميلاد أو بطاقات التعارف. وقالت ريهام سالم من شباب مؤسسة نهضة مصر لم أضع صوتي الانتخابي في أي صندوق من قبل يوم الاستفتاء, واعتبرت أن ما حدث من حركة التفاف طلابية وشبابية علي القيود التي كان يفرضها النظام السابق في المعاهد والجماعات عن طريق استخدام الانترنت والمدونات الشخصية والبرامج التليفزيونية أدي إلي إزالة الغموض و الالتباس في مدي إمكانية تأثير الكتلة الصامتة علي القرار السياسي بعد ثورة25 يناير وقالت ان التركيبة الشخصية للإنسان المصري البسيط, والمشكلة من فلاحين وعمال وأصحاب مهن حرة وأرزقية وربات بيوت الذين تم تحريكهم في الاستفتاء وسيتم تحريكهم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة عن طريق تسهيل الخطاب الاعلامي الموجه لهذه الفئة من الجماهير, كذلك ضرورة تسهيل الخطاب السياسي والبرامج الانتخابية للمرشحين بحيث يتواءم مع هذه التركيبة البسيطة. وطالبت بضرورة توافر وسائل إعلام مسموعة بسيطة اللهجة الإعلامية قبل إجراء الانتخابات المقبلة وكذلك حرصها علي شرح نتائج الاستفتاء والتأكيد علي أن كل صوت خرج إلي صندوق الانتخابات كان مؤثرا في النتيجة حتي تستطيع هذه الفئات الصامتة التأكد والاحساس من تقيمة صوتها الانتخابي وبالتالي نستطيع دفع البقية الباقية من الكتلة الصامتة للخروج إلي صندوق الانتخاب بإرادتها دون الشراء أو الضغط.