لقد اهتزت الميديا حزنا علي موت قامة علمية محبة لمصر وهو د.احمد زويل. وهل كان سيبقي العالم الي الأبد؟..أم كان حتما سيأتي اليوم ويواري جسده الثري؟ ويترك خلفه علما صنعه في بلاد الغرب في بيئة خصبة تتبني وتحتضن العلماء. لذادعوني أتحدث بصراحة ودون تجمل حتي اجيب علي سؤال وجه الي كرجل من رجل العلم وبروفيسور يعمل في إحدي جامعات مصر..السؤال هو: وماذا بعد موت زويل, هل من أمل في صناعة علماء أمثال زويل؟. مصر كالتائه في صحراء جرداء تبحث عن ماء العلم يرويها عطشا ويعيد اليها أمجاد الماضي فلا تجد من يروي عطشها سوي التشبث بالماضي والتمسح بطيورها المهاجرة. صناعة العلماء تبدأ بصناعة الإنسان..صناعة الإنسان تنبع من وضوح الهدف..وضوح الهدف ينبع من الرؤية..وضوح الرؤية يبدأ من فكر القائم علي وضع خطط التطوير. صناعة العلماء تعتمد علي المنهج الذي يتبعهالمجتمع ويتبناه. المجتمعات العلمية والثقافة والتنشئة هي التي تنتج العلماء. كيف ننشئ علماء ومجتمعا ثقافته هزلية يتم فيها تحطيم كل رموز الإنجاز او تنحيتهم وإبعادهم عن المشهد. أعطني تعليما متميزا ومنظومة صالحة اعطك انسانا صالحا يبني مجتمعا ويحافظ عليه. وان اعطيتك تعليما متميزا فهل سننجح بالفعل في انتاج جيل قادم من العلماء.إحصائيا فأن العلماء يتميزون بقدرات خاصة(الملاحظة..الابتكار..التحليل..التركيب..والفكر الناقد) وشخصية قادرة علي المثابرة والصبر والاطلاع وهم قلة كنسبة احصائية لا تتعدي في معظم الحالات عن4% في اوساط المتعلمين. تلك هي المعايير الأساسية في الوصول الي عقلية بشريةتخطو في طريق العلم..تبدأ مسيرة العالم مع التنشئةفي بيئة ثقافية مناسبة ومحفزة علي الإبداع حتي تتحقق عناصر تكوين العقلية العلمية مع وجود الأساس الموروث مع ايمان من المجتمع بأهمية العلم والعلماء, لذا فان العلماءصناعةيسبقها صناعة قرار يعتمد علي خطط متزامنة تعتمد علي تكاتف كل الجهات المعنية ببناء العقول فيكون في أولها إعداد المعلم الذي يتقن ويستوعب مهنة المعلم, وهنا أقصد الباني للعقول لا الناقل للمعرفة كما نجد في مدارسنا وجامعتنا. السؤال الذي يلح ويطرح نفسه: هل ننتظر علماء في المستقبل ونحن نري تلاميذ مرحلة التنشئة تعزف عن الدراسات العلمية هربا من جحيم مناهج هزيلة لو اطلع عليها الغرب المتقدم لمات ضحكا وسخرية مما تحتويه مناهجنا من أخطاء في البنية المعرفية وإخراج كتاب مدرسي هزيل ومعلومات مليئة بالأخطاء تشوه فكر النشء واسماء يتكرر ذكرها في كل مرحلة من مراحل التعليم وكأن مصر خلت من العقول الواعية والتي تقدر معني بناء الإنسان. هل بناء العلماء ينبع من مشروع فردي؟..بالطبع لا.. بناء العلماء ينبغي ان يكون مشروعا قوميا تلتف حوله كل فئات المجتمع وبالأخص من يستطيعونالمساهمة الفعليةفقط عندما يؤمن المجتمع بأهمية العلم والعلماء..العلماء الحقيقيين وليسوا اصحاب الشهادات الوهمية. اذا كنا نريد بالفعل وهناك ارادة حقيقية فلابد أن نضع رؤية واضحة تعتمد علي فكرة واحدة ان التعليم هو بناء العقل بحديث العقل وليس بالخطط المزعومة في التطوير, التي تعتمد كلها عليالترقيع أو ترميم سطوح من تقليد لمنظومات لها فكرها وبيئتها ومناخها ويتركون الأساس تضرب في جذوره المياه الراكدة لسنوات حتي ينهار البناء التعليمي, لأن ما بني علي خطأ فهو خطأ وما بني علي وهم فهو جنون. دعونا نعمل لمصر..ورحم الله علماء قضوا نحبهم في سبيل العلم وقتلتهم البيروقراطية والجمود الفكري عبر عقود من إهمال التعليم الحقيقي.