أسعار الفاكهة في سوق العبور ثاني أيام عيد الأضحى المبارك 2025    أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق ثاني أيام عيد الأضحى المبارك    مجانًا خلال العيد.. 13 مجزرًا حكوميًا بأسوان تواصل ذبح الأضاحي    الأسهم الأمريكية ترتفع بدعم من بيانات الوظائف وصعود «تسلا»    هل ترتفع اسعار اللحوم بعد العيد ..؟    5 مشروعات تنموية جديدة فى الأقصر بالتعاون مع هيئة تنمية الصعيد.. صور    17 شهيدا جراء هجمات الاحتلال على محافظتي خان يونس ورفح الفلسطينية    وزير العمل يهنئ فلسطين بمنحها "عضو مراقب" بمنظمة العمل الدولية    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب بابوا غينيا الجديدة    الشناوي: الأهلي يُحارب لعدم التتويج بثلاثية الأبطال تواليًا.. ونهائي الوداد علامة استفهام    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    رسميًا.. جون إدوارد مديرًا رياضيًا لنادي الزمالك    ثاني أيام عيد الأضحى.. مقتل شاب بطلق ناري في نجع حمادي    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الأحياء (فيديو)    محافظ أسيوط يشارك المواطنين احتفالات عيد الأضحى بنادي العاملين بالمحافظ    في ثاني أيام العيد.. إصابة 4 أبناء عمومة خلال مشاجرة في سوهاج    «الداخلية»: ضبط 363 قضية مخدرات و160 قطعة سلاح وتنفيذ 85690 حكما قضائيا خلال 24 ساعة    ننشر أسماء 7 مصابين بانقلاب ميكروباص ببنى سويف    القبض على المتهم بقتل والدته وإصابة والده وشقيقته بالشرقية    أسما شريف منير: اخترت زوج قريب من ربنا    إيرادات ضخمة ل فيلم «ريستارت» في أول أيام عيد الأضحى (تفاصيل)    أواخر يونيو الجاري.. شيرين تحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان موازين بالمغرب    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الأزهر للفتوى يوضح أعمال يوم الحادي عشر من ذي الحجة.. أول أيام التشريق    "البحوث الإسلامية": عيد الأضحى مناسبة إيمانية عظيمة تتجلى فيها معاني التضحية    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    الصحة: أكثر من 1.4 مليون قرار علاج على نفقة الدولة في 5 أشهر    10 نصائح لتجنب الشعور بالتخمة بعد أكلات عيد الأضحى الدسمة    الصحة تنظم المؤتمر الدولي «Cairo Valves 2025» بأكاديمية قلب مبرة مصر القديمة    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    أسعار الحديد اليوم في مصر السبت 7-6-2025    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 7-6-2025 في مصر بعد آخر ارتفاع    محافظ الإسماعيلية يوجه بفتح الأندية لنزلاء دور الرعاية والمسنين (صور)    بعد خلافه مع ترامب.. إيلون ماسك يدعو إلى تأسيس حزب سياسي جديد    صدام ترامب ونتنياهو بسبب إيران.. فرصة تاريخية لدى رئيس أمريكا لتحقيق فوز سياسي    بعد تصدرها الترند بسبب انهيارها .. معلومات عن شيماء سعيد (تفاصيل)    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    إيلون ماسك يخسر 35 مليار دولار من ثروته بعد خروجه من الحكومة الأمريكية    محمد هانى: نعيش لحظات استثنائية.. والأهلي جاهز لكأس العالم للأندية (فيديو)    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    مباحثات مصرية كينية لتعزيز التعاون النقابي المشترك    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    «المشكلة في ريبيرو».. وليد صلاح الدين يكشف تخوفه قبل مواجهة إنتر ميامي    مبالغ خيالية.. إبراهيم المنيسي يكشف مكاسب الأهلي من إعلان زيزو.. وتفاصيل التعاقد مع تركي آل الشيخ    المطران فراس دردر يعلن عن انطلاق راديو «مارن» في البصرة والخليج    زيزو: جيرارد تحدث معي للانضمام للاتفاق.. ومجلس الزمالك لم يقابل مفوض النادي    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    سالى شاهين: كان نفسى أكون مخرجة سينما مش مذيعة.. وجاسمين طه رفضت التمثيل    الكنيسة الإنجيلية اللوثرية تُعرب عن قلقها إزاء تصاعد العنف في الأراضي المقدسة    ترامب يأمر بدعم تطوير الطيران فوق الصوتي وتوسيع إنتاج المسيرات الجوية    تفشي الحصبة ينحسر في أميركا.. وميشيغان وبنسلفانيا خاليتان رسميًا من المرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحب "حلم العلم" : بالتقدم فقط سنفر من مصير "الهنود الحمر"
نشر في محيط يوم 18 - 04 - 2009


بالتقدم فقط سيفر العرب من مصير "الهنود الحمر"
ندوة حلم العلم
محيط – شيماء عيسى
تحدث الكاتب والشاعر المصري الكبير جمال بخيت في ندوة صالون د. حامد طاهر الثقافي عن مبادرته "حلم العلم" ، وقال نعلم جميعا أن " وزن العرب في المعادلة الدولية أصبح صفرا ؛ فالكتلة العربية في أدبيات السياسة العالمية صديق لا ينفع وعدو لا يضر ! " ، ونعلم أيضا أن " المؤامرات تحاك ضد العالم العربي يوميا ونشهد الغزو العسكري الأمريكي في العراق والإسرائيلي في فلسطين ، وتقسيم السودان والعراق ، وبعد أن ساد الاعتقاد بأن الاحتلال العسكري ولى زمنه فاجأنا ثانية بوجهه القبيح .
ألم أقل لكم العالم يقول أنه لن تحدث مشكلة إذا ما اقتصر الضرر والقتل والتشريد على إنسان عربي ! " . إذن نقترب من حال الهنود الحمر ، بقايا ثقافة .. بقايا وجود ، وللهروب من هذا المصير الصفري لا سبيل أمامنا إلا العلم . نعم التقدم العلمي هو أول ما يجب أن يفعله العرب ليهربوا من هذا المصير الصفري .
"حلم العلم " ببساطة هو مبادرة لاكتتاب شعبي لتمويل البحث العلمي في مصر ، وقد بنيت "جامعة القاهرة" والتي كان اسمها " الجامعة المصرية الأهلية" بنفس الأسلوب ، وهي التي خرجت من عباءتها كل الجامعات العربية . وبموجبها يلتزم 40 ألف مصري أدبيا بتسديد 2500 جنيه لمدة عشر سنوات ، وبذا تتكون لدى هيئة علمية مستقلة مكونة من كبار العلماء المصريين البارزين عالميا نحو مليار جنيه ، وهو الحد الأدنى لبدء جمع المبتكرين المصريين تحت مظلة الهيئة العلمية . وتجميع ابتكاراتهم العلمية وعمل دراسات جدوى لها ، والتفكير في تطبيقها عمليا بإنشاء مصنع صغير لكل منها وبحيث نضمن تسويق المنتج ، وهكذا يتوقف نزيف الأدمغة المصرية والعربية للخارج ، والتي بها بنت الدول المتقدمة حول العالم تقدمها .
صالون د. حامد الثقافي في ندوته بعنوان " المؤسسات الاهلية ودورها في تقدم البحث العلمي " استضاف نخبة من كبار الباحثين والإعلاميين ، وعلى رأسهم أ. د. ابراهيم بدران وزير الصحة المصري السابق والمفكر البارز ، وكذا أ. د محمد علي أستاذ الفيزياء ورئيس لجنة البحث العلمي في المجلس الاقتصادي الأفريقي ، إضافة لصاحب المبادرة الشاعر جمال بخيت.
د. ابراهيم بدران
تسخير إلهي
وقال د. ابراهيم بدران أن الإنسان "مسخر" من قبل الله في كل حياته ، وعلى ذكر هذا المعنى ، روى قصة عجيبة حدثت له ، حيث كان يقوم بمناسك الحج في الستينات بصحبة اثنين من الأطباء المصريين ، وبينما هو جالس في الحرم المكي ، إذ برجل يطرق كتفه برفق ويسأل عن طبيب له خبرة في الحروق ، وأجاب د. ابراهيم بالإيجاب وفي الواقع فقد كان هو هذا الطبيب وكان يشرف على قسم الحروق في القصر العيني بالقاهرة ، اما الرجل فكانت زوجته تعاني من حروق شديدة .
وما حدث أن د . ابراهيم سعد للغاية بهذه الإشارة الإلهية وذهب مع الرجل في سيارته لمنزل الرجل بمكة ، وكان مهندسا مصريا يعمل بالسعودية . حينما وصلوا للمنزل وكان بالقرب من غار حراء ، صعد الرجل مع د. ابراهيم للطابق الثالث ، إذ كان الطابق الأول الذي تقطن فيه المريضة "رجاء" خاويا! وخرجت سيدة عجوز من الأقارب تقول له ، لم نعد بحاجة لطبيب ، فقد استدعينا سيارة الإسعاف من جدة ، وأقلت المريضة وذهبوا بها متجهين لطبيب مصري اسمه " ابراهيم بدران" ، ودهش للغاية ودهشت حينما علمت أنه بنفسه أمامها وبدون ترتيب ، وبالفعل عادت المريضة لبيتها وظل الدكتور بدران لأيام يخرج من الحرم المكي ويذهب لها يعمل لها كمادات ، وكتب الله لها الشفاء !
أما عن البحث العلمي فأوضح د. بدران أن النظريات العلمية الآن لا تخرج من المعامل ولكن من الشارع والمصانع ؛ وقد صدر كتاب في أواخر الثمانينات بعنوان a new system of production of technology ، وخلص مؤلفه إلى أن النظرية العلمية يجب أن تعتمد على ملاحظة أخطاء الصناعة في أي منتج وتصليحها وتطويرها ، وهنا تحديدا تكمن مشكلة البحث العلمي في مصر والمنطقة العربية ؛ فرجال الصناعة غير مقتنعين بأهمية البحث العلمي لهم وبأن رزقهم في المعمل .
البداية من الطفل
الاستثمار في البشر
نعود للنقطة الأولى ، تكوين الطفل وعلاقته بتقدم بلده العلمي ، وفكرت لماذا يولد أطفالنا ويكبروا حتى سن ست سنوات في قمة الذكاء ، ثم يصابون بالبلادة والغباء بعد دخول المدرسة ؟ وعثرت على كتابين – والحديث ما زال ل د بدران – الكتاب الأول ألفه أستاذ قانون جنائي بجامعة القاهرة د. علي راشد ، واسمه "التربية والتكوين" ، والكتاب الثاني ألفه ثيودور ثولت الحاصل على نوبل في الثلاثينيات وعنوانه "الاستثمار في الإنسان" .
في كتاب "الاستثمار في الإنسان" رأى المؤلف الغربي أن أعلى استثمار هو في البشر ، وأغلى ربح يأتي من رعاية الطفولة منذ المرحلة الجنينية بحسن تغذية الأم وراحتها النفسية ، ثم التنشئة في الأسرة والتي تتطلب ضمن ما تتطلبه "الدلع" ، نعم لأن "الدلع سبيل لإذكاء الذكاء واستثارته ، والإنسان به يكبر وهو صغير أما بالضرب والعنف فيصغر الإنسان وهو كبير" .
ولو عدنا لنتائج الكتاب الأول ل د. علي راشد ، فقد خرجت منه بوصايا أهمها إشاعة جو من المحبة والاستقرار النفسي ، تخفيف السلطة الوالدية فليس المطلوب ذلك الأب المتقمص لدور "جنكيز خان" ، الحوار بالكلمة المعتدلة ، العدل بين الأبناء والمساواة بينهم ، دعم روح الاستقلال والحرية المرشدة ، تشجيع التفكير قبل التعبير ، صدق الوالدين مع الطفل ، مكافاة السلوك الحميد بالتحفيز ، تجويد الأداء وتنمية الإحساس بقيمة الوقت وتعظيم عائد العمل ، زرع قيمة العطاء وصلة الرحم والعطف على الفقير والضعيف والمسن . تخيلوا أننا بكل ما سبق ننمي الذكاء لدى الطفل .
ثم جاء كتاب هام بعد ذلك لأستاذ التربية بجامعة عين شمس د. سعيد اسماعيل ، وتحدث عن المرحلة التالية وهي "التنشئة الوطنية" ، ولخصها د . بدران في أنه لابد أن تغرز في المواطن كيف ينعي هم من حوله ، أن تعوده خدمة الغير تأهيلا لخدمة المجتمع ، وأن يعمل في فريق غير ملتفت لذاته ، وهنا سيشعر أنه جزء من مجموع ولا يواجه الدنيا منفردا ، أن تجعل ابنك يتفهم ما يعرض عليه ويرفض ما يضره. وينبغي أن يلتزم بأصول عقيدته ويؤمن بالتواصل مع الآخر ، وكذلك أن يؤمن أن القراءة والدراسة أساس المستقبل .
حي على الفلاح
انتقد د. بدران التعليم العلمي في الأزهر ، فهو يقوم على التحفيظ كما لو كانت نصوصا دينية ، وهذا يلغي التميز والتفكير . وتذكر حديثا قدسيا – يعتقد في صحته - يدل على النظرة السامية للإنسان في الإسلام ويقول الحديث : " ما خلقت عليا أعز من العقل .. به يعرفني عبدي .. وبه اعطي وبه آخذ " . وللشيخ أمين الخولي مقولة شهيرة " لو كان العقل خواء لاستقرت فيه كل البدع" .
ووجه د. ابراهيم حديثه للمسلمين جميعا ، قائلا أن نداء الصلاة يقول " حي على الصلاة .. حي على الفلاح " ، فلماذا تدركون معنى الصلاة ، ولا تنتبهون للفلاح ، وهو النجاح في الحياة والإصلاح في الأرض ، وينادى به أيضا خمس مرات كل يوم ! .
معضلة المعلم
ومن الأمور المؤسفة في مصر والتي تحدث عنها د. بدران ، المنهج التعليمي العقيم الذي يفترض وحدة البشر ، وهو افتراض خاطيء ، وقال أننا نعيش في عصر الإنترنت والفضائيات فكيف نعتمد على تلقين المناهج للتعليم ؟ .
ويؤكد د. بدران على أن التعليم المتطور باستخدام الكمبيوتر ، يحتاج لهواة وليس لموظفين ، وهؤلاء الهواة يجمعون بين الخلفية التربوية والهندسية معا . ومن القناعات التي يعتقد بقوة فيها أن نواة التقدم في أي بلد تعتمد بداية على كل من العلوم والهندسة والإدارة واخيرا الاقتصاد ، ثم تأتي المجالات الإنسانية الاخرى بعد ذلك .
صياد العقول
وطرح عليه د. حامد طاهر سؤالا حول الطريقة التي نحقق بها القفزة العلمية حاليا في مصر ؟ فقال د. بدران : لابد أولا أن نستغني عن فكر "اللجان" ، وهي التي تعوق أي شيء في مصر وتملؤه بالبيروقراطية .
ولكي نحقق القفزة لابد أن نوجد ذلك المعلم ال " brain hunting " أو "صياد العقول" . ونتذكر محمد علي باشا الذي أرسل 76 طالبا نجيبا من مصر وكان يتابع بنفسه أدائهم في فرنسا للتعليم ، وكان الطلبة المصريين يتفوقون على نظرائهم الفرنسيين ، وألف عليهم كلود بك رئيس البعثة كتابا قيما ، ترجمه للعربية محمد بدران .
وننظر للعالم كيف يتميز ، ففي اليابان يعتمدون على نظرية أن كل ما ينتجه المصنع يباع ، فالياباني لا ينفق قرشا واحدا على التخزين ، أما الألمان ففعلوا شيءا مبهرا هو "فرانهوفر جيزلشافت" وهي مؤسسة "بيت الإبداع" عمرها 200 سنة ، ومهمتها ربط التعليم ببرامج البحث العلمي وتطوير الصناعة بكل ذلك ، ومقرها في ميونخ ، وقد استفاد منها هتلر لتصنيع سيارة تسير في الصحراء ولا تحتاج للماء وتعمل بالهواء فقط ، وهي باختصار اجتماع لعلماء يبتكرون ما تحتاجه الدولة .
في الهند يقومون بشيء آخر ، وهو فكرة الهندسة العكسية ؛ فإذا احتاجوا طيارة من طراز معين فإنهم يستوردونها المرة الأولى فحسب ، وبعدها يفكونها ويركبونها داخل البلاد ، ولا يشترونها ثانية أبدا .
لابد أن نعتمد على أنفسنا إذا أردنا أن تكون لنا قيمة ونظل على قيد الحياة في هذا العالم ، وأتذكر مقولة رئيس اليونيسكو السابق ساراكوزا في كتاب هام له يقول : " الدولة التي تعيش على غمز لقمتها في أطباق المعونات لا يمكن أن ترتقي" .
وضمن تحقيق القفزة أيضا ، أن تكون لدى الدولة التزام سياسي بالتقدم ، وهذا أيضا مفقود في مصر ، فالجهاز التنفيذي في مصر يحصر نفسه في مشاكل جانبية كثيرة ولا يفكر في التطوير .
د. محمد علي
أبحاث للعلم لا الترقية
ثم تحدث أ. د محمد علي أستاذ الفيزياء عن مدى تأثره بفكرة "حلم العلم" ، وكيف أن الأبحاث العلمية حاليا حبيسة الأدراج لا تجد من يطبقها . وقال : أنا للأسف أمين لجنة الفيزياء على مستوى مصر ، وتصب عندي كل الأبحاث العلمية ولكنها أبحاث للترقية لا غير ، وليست مبتكرة وجادة . ونظام الأبحاث للترقية منتشر في مصر في مجالات الطب والتجارة والآداب والعلوم وفي كل شيء .
هل يمكن أن نتقدم في الوقت الذي لا تزيد عدد معامل الفيزياء في مصر عن 25 معملاً فقط ، هي المجهزة بالأدوات الحديثة . هل يمكن أن نتقدم في الوقت الذي لا تزيد ميزانية البحث العلمي في مصر عن 22 , .. اثنان وعشرون من المائة ، نسبة للدخل القومي المصري ؟ . ولكي نحقق طفرة في البحث العلمي لابد أن أساعد الباحثين الشباب وأتبنى أبحاثهم الجادة .
ما لا نعرفه ، أن الدول المتقدمة تاخذ أبحاثنا وتعطي للباحثين درجات الترقية لكي يسعدوا بها ، ولكنهم يفكرون في الأبحاث الجديدة ويطبقون أفضلها لديهم ، وبالتالي أبحاثنا تصب في تطورهم هم ، ونحن لا نحصل إلا على درجات علمية معلقة في شهادات !! .
وكانت لي تجربة في ربط البحث العلمي بالصناعة ، فكنت أجمع طلبتي من الكليات العلمية وأذهب معهم للمدن الصناعية مثل مدينة 6 اكتوبر والعاشر من رمضان ، وأسأل صاحب المصنع عن مشكلات المنتج لديه ، ومن بين المصانع كانت هناك مصانع الثلاجات والسخانات ، وكنت أحول المشكلة لمشكلة بحثية يحصل الباحث بعد حلها على درجة الماجستير ، ثم أعطي لصاحب المصنع الحل ، وأطلب منه أجهزة علمية يزودها لمعمل الكلية في نظير ذلك ، فأفاجأ بالرفض ! .
الشاعر جمال بخيت
على دقة قلب زويل
ثم تحدث صاحب المبادرة ، الشاعر والكاتب المصري جمال بخيت ، وبخيت أحد أكبر شعراء العامية المصرية ، وقال عن نشأة فكرة المبادرة أن الشعراء يتعاملون مع الواقع بالحلم ، والواقع بائس جدا للأسف الشديد .
فوجئنا بدولة عربية كبرى تحتل عسكريا ، العراق ، ورأينا ما فعله الجيش الامريكي وجيش الحلفاء في الأبرياء العراقيين . كل هذا جرى في بلد تمتلك ميراث نصف الحضارة الإسلامية بلا منازع ، كما نرى تخطيط إسرائيل جديا للتحكم في منابع نهر النيل وهو شريان الحياة لمصر والعراق . والسبب في رأيي في كل هذه الكوارث التي حلت بنا هو غياب العلم من العالم العربي.
أجرت أمريكا إحصاء عن السينما ، ووجدوا أن بها 50 نوع من العلوم ، والسينما الأمريكية كما نعرف تغير في تفكير شعوب العالم ، وتسعى لأمركته بكل السبل الناعمة ، كما أنها تصب بقوة في الدخل القومي الأمريكي .
وتابع : كنت مهموما طوال الوقت في كتاباتي الصحفية بالدعوة للنهضة العلمية . وتابعت ذلك الهدير الشعبي بعد فوز الدكتور أحمد زويل بجائزة نوبل للكيمياء ، وبدأ الحديث معه عن هيئة علمية تغير مكانة مصر وتشركها في سباق العلم ، ولكن مشروعه أجهض مبكرا ، وتوقف أمام عائق التمويل وتقاعس الحكومة المصرية عن دعمه .
بعدها كنت أحد المدعوين لاحتفالية النادي الأهلي بمئويته والتي قرروا أن يستهلوها بمحاضرة يلقيها د. أحمد زويل في الصالة المغطاة من الاستاد ، وكانت الصالة ممتلئة عن آخرها بنحو 25 ألف مصري وعربي واغلبهم من جمهور النادي من الشباب ، وكانوا يقفون بالآلاف أيضا خارج الصالة . رأيت جماهير غفيرة وشاشات كبيرة تنقل لهم المحاضرة ، وقبل وصول د. زويل بدأت الشاشات تعرض إنجازات النادي ، إلى أن حضر ففوجئنا بمقطع من أغنية لطيفة التي ألفتها " تعرف تتكلم بلدي " وتحديدا عند مقطع " محفوظ بيغني يا ليل .. على دقة قلب زويل " هالني وقوف كل هذه الآلاف تهتف بالاغنية وبالمقطع هذا تحديدا بصوت كالرعد ، حتى بكيت . ما الذي يعنيه ذلك ؟ هؤلاء الشباب الذين اتهمناهم بالهيافة والتسطيح لم يكونوا كذلك ، فهم رأوا في زويل طوق نجاة من التخلف ويريدون أن يدعموا حلمه في العلم .
ثم مر الوقت ، وجرى ما جرى في غزة من قصف وقتل للأبرياء ، فكتبت قصيدة " مش باقي مني .. " والتي احدثت صدى عربي واسع ، وكانت بكائية على وضع الإنسان المصري والعربي . وكنت أتامل ألهذا الحد نلتف حول البكائيات ؟ وظل كل ذلك بضميري ، فنحن وصلنا لمرحلة يائسة على المستوى الشعبي.
د. أحمد زويل
وقد أطلقت مبادرة "حلم العلم" التي اعتبرتها تصلح بقوة لتكون مشروعنا القومي ، من مجلة "صباح الخير" التابعة لمؤسسة روزا اليوسف ، وتبنتها صحيفة "المصري اليوم" .
ويدير المشروع هيئة علمية مستقلة عن الحكومة ، ويتحدد دور الدولة فقط في قرار رئيس الجمهورية ، وتخصيص الأراضي اللازمة للمشروع ، وإسقاط الجمارك عن الهيئة لأنها قومية وتصب بمصلحة مصر .
وسوف تتكون الهيئة من كبار العلماء المصريين الذين حققوا إنجازات عالمية ، مثل د. أحمد زويل ، د. مصطفى السيد ، د. مجدي يعقوب ، د. محمد غنيم ، د. محمد النشائي ، د. محمد البرادعي ، ود. فاروق الباز ، وبالمناسبة فقد وافقوا بالفعل على إدارة المشروع وتبنوه رسميا .
وابتكرت موضوع الكوبون ، والذي يتم التبرع بموجبه ، حتى يتأكد كل المتبرعين المصريين أن أموالهم لن تذهب لأشخاص حقيقيين ولا اعتباريين ، ولكن لهيئة متسقلة تقوم بعد خطوات قانونية . وقد بدأنا حملة صحفية لنشر الكوبون وسيكون له موقع إلكتروني أيضا خلال أيام قليلة قادمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.