علي مدار ما يقرب من ال150 عاما كاملة ظلت مناطق وسط البلد بالإسكندرية والتي تمتد من منطقة الشاطبي وصولا لمنطقة بحري, هي جوهرة المدينة الساحلية وجزء لا يتجزأ من هويتها الثقافية, حيث تم بناؤها بالكامل علي أشهر الطرز المعمارية الأوروبية علي أيدي الجاليات الأجنبية التي كانت تعيش بالمدينة في ذلك الوقت. ومؤخرا لم تسلم تلك المناطق رغم أهميتها التاريخية ورغم وجودها داخل مجلد حفظ التراث من عبث مافيا البناء المخالف بالمحافظة, حيث شهدت عمليات هدم متعددة بالمخالفة للقانون, وسط غياب تام من أجهزة المحافظة المختصة أو بمباركة منها في أحيان أخري, كما أكد الدكتور محمد عوض رئيس لجنة حماية التراث بالمحافظة. ورصدت االأهرام المسائي, هدم ثلاثة عقارات تاريخية بمنطقة كورنيش البحر المواجهة للميناء الشرقي وبالقرب من مسجد المرسي أبو العباس بمنطقة بحري, رغم وجودها في مجلد حفظ التراث, بالإضافة إلي عمليات هدم وبناء مخالف لعشرات العقارات الأخري داخل الشوارع الجانبية بالمنطقةب. يقول الدكتور محمد عوض أستاذ الهندسة المعمارية, رئيس لجنة حماية التراث-إحدي الجهات التابعة لمحافظة الإسكندرية-إن منطقة كورنيش الميناء الشرقية هي واحدة من مناطق حفظ التراث-وهي مناطق محظور الهدم أو البناء فيها- بالإضافة إلي مناطق أخري وهي شارع أحمد يحيي بمنطقة زيزينيا والتي شهدت مؤخرا وقائع هدم لعقارات تاريخية بالمخالفة للقانون وبتواطؤ من الأحياء, وكذلك كل من ميدان المنشية وميدان سعد زغلول بمحطة الرمل, وشارع شريف ومنطقة الشاطبي. وأضاف اعوض, في تصريحات خاصة لبالأهرام المسائي, أن جميع العقارات الموجودة بطريق كورنيش البحر وجميع المباني المطلة عليه في المنطقة ما بين قلعة قايتباي والسلسلة مدرجة بالكامل كمنطقة حفظ تراث, بمجلد حفظ التراث تحت رقم6002, ومن التوصيات الرئيسية بالمجلد عدم التعرض بالبناء أو الهدم سواء لسور الكورنيش أو المباني المواجهة له. وتابع: فوجئنا مؤخرا بهدم عدد من العقارات الموجودة بمنطقة حفظ التراث رغم مخالفة ذلك الأمر للقانون والذي منع الهدم أو البناء أو الترميم بمناطق حفظ التراث إلا بعد العرض علي لجنة حماية التراث وهيئة التخطيط العمراني وهو ما لم يحدث. واستطرد قائلا: تقدمنا باحتجاج رسمي إلي الأجهزة التنفيذية علي ما يشهده كورنيش البحر بالميناء الشرقي من بناء لعقارات مخالفة تغير الشكل المعماري التاريخي المميز له ولكن لم يتم البت فيها من أي من الجهات المختصة ليستمر الوضع كما هو عليه. وأضاف اعوض, لدينا مشكلة كبيرة في الأحياء والمراكز الذكية التابعة لها والمختصة بإصدار تراخيص الهدم والبناء وهي عدم التزامها بالقانون فيما يتعلق بإصدار تراخيص الهدم والبناء في مناطق حفظ التراث, قائلا: إلي يومنا هذا لا المراكز الذكية ولا المحافظة تريد تطبيق الاشتراطات الخاصة بالتنسيق الحضاري, والتي صدر بها مرسوم ولدينا الكثير من المشاكل العالقة معها وليس هناك بوادر للحل في الوقت الحالي. وقال:انحن أمام جهاز حكومي لا يريد أن يخطو خطوة واحدة في اتجاه الحفاظ علي المباني التراثية, مضيفا:المهندس محمد عبد الظاهر, محافظ الإسكندرية, أصدر عددا من القرارات بإلزام الجهات المختصة بعرض التراخيص علي لجنة التراث ولم تلتزم به أي جهةب. وعن الحلول المقترحة لوقف نزيف العقارات التراثية بالمحافظة, أكد اعوض, أن الحل الوحيد هو أن هيئة التخطيط العمراني لابد وأن تصدر الاشتراطات الخاصة بالحفاظ علي المناطق التراثية, مشيرا إلي أن القانون الجديد يتيح لها ذلك, ولكنه لم يتم إقراره حتي الآنب. وقال حمدي خلف, عضو مبادرة انقذوا الإسكندرية- إحدي المبادرات الشعبية المهتمة بالشأن التراثي وحماية المباني التراثية, إن المدينة شهدت خلال السنوات الأخيرة والتي أعقبت ثورة25 يناير عمليات هدم ممنهجة قضت علي جانب كبير من التاريخ الثقافي والتراثي لها, والذي يمثل جانبا من شخصيتها وهويتها المميزةب. وطالب اخلف, بتشديد العقوبات القانونية فيما يتعلق بجرائم تشويه وهدم العقارات التراثية حتي تكون رادعة وتوقف ما وصفه بنزيف الهدم الحاصل في الوقت الحالي لهاب. من جانبه, نفي المهندس فرج شعبان, رئيس حي الجمرك بالإسكندرية, اتهامات الدكتور محمد عوض, بشأن الفساد الموجود داخل المراكز الذكية بالأحياء فيما يتعلق بإصدار تراخيص الهدم والبناء للعقارات التراثية, مؤكدا أنها ليس لها أساس من الصحةب. وأضاف اشعبانب أن الحي يقوم بالتدقيق جيدا فيما يتعلق بإصدار أي تراخيص بناء أو هدم وخاصة بمناطق حفظ التراث, مؤكدا وجود حملات تخرج بشكل منتظم للتعامل مع العقارات المخالفة التي يتم بناؤها بدون ترخيص.