أكد الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية أن سبب إفشال الانقلاب في تركيا هو عدم استغلال الشخصيات القيادية المختلفة مع الرئيس رجب طيب أردوغان للموقف حفاظا علي أمن وسلامة تركيا وأيضا سلامة الديمقراطية فيها وخوفا من خطورة الانقلاب علي وطنهم الذي يعاني من التفكك. وأشار نافعة إلي أن ما حدث في تركيا سيؤثر علي هيبة أردوغان متوقعا أن يقوم بتغيير سياسته والطريقة التي يتعامل بها مع معارضيه, مؤكدا أنه لن يتعامل مع معارضيه دمويا.. كما كشف الكثير من تداعيات الأحداث الأخيرة في حواره مع الأهرام المسائي. لماذا فشل الانقلاب في تركيا..وهل لرئيس الدولة أردوغان يد في إفشاله؟ هذا الانقلاب كان متوقعا منذ فترة ليست بالقليلة بسبب الانتقاضات المتوجهة لسياسية أردوغان سواء علي الصعيد الداخلي أو الخارجي ولكنه فشل لأسباب واضحة منها أن أردوغان شخصية قيادية لها شعبية واضحة استجابت الجماهير لندائه للنزول للشارع والتصدي مباشرة لهذا الانقلاب يضاف لهذا أن الشخصيات القيادية التي اختلفت معه داخل الحزب لم تحاول استغلال الموقف وتوحدت فورا ليس حبا في أردوغان ولكن لخطورة الانقلاب علي مستقبل تركيا وعلي سلامة الحياة الديمقراطية فيها والأهم أن الأحزاب المعارضة والتي تختلف معه اختلافا جذرية لم تحاول بدورها استغلال الموقف استشعارا منها بخطورة تأثير الانقلاب علي الوضع الداخلي لأن تركيا مهددة بالتفتت حاليا وبالتالي كان الحرص علي إنقاذ التجربة الديمقراطية من كل القوي المدنية والأحزاب المعارضة شديدا بغض النظر عن درجة حبها أو كرهها لأردوغان. لو استشرف أردوغان ما حدث قبل أمس هل كان من الممكن أن يغير من سياسته؟ ما حدث سيكون له تأثير مباشر علي أردوغان نفسه لأنه حتي لو نجح في المواجهة فإن ما حدث أصاب هيبته ومكانته لأنه أظهر أن هناك قطاعات من الجيش مستعدة للذهاب لحد الانقلاب وهذا يطعن في كبريائه وأيضا لابد وأنه شعر أن نجاحه في مواجهه الانقلاب لا يعود لشجاعته بقدر عودته لحكمة المختلفين معه وحكمة المعارضة التي التفت في لحظة توحد نادرة لإنقاذ التجربة الديمقراطية وبالتالي هو يدرك أن الذي أنقذ تركيا من براثن هذا الانقلاب ليس شجاعته وإنما وحدة الشعب التركي وبالتالي عليه أن يخفف بعض الشيء من كبريائه ونزعته الاستبدادية وأن يغير من الأسلوب الذي أدي إلي انقسام الحزب في الداخل. البعض يري أن تركيا ذاهبة إلي حالة عدم استقرار سياسي.. هل هذا صحيح؟ طبعا هذا بسبب موقف أردوغان من الأزمة السورية من ناحية وبسبب تصاعد حدة الأزمة الكردية من ناحية أخري ولكنه تراجع مؤخرا ربما تحسبا لهذا الانقلاب وخصوصا بتعديل سياساته مع روسيا الاتحادية وأعتقد أن هذا المنحي سوف يستمر وربما تقوي لديه النزعة في العودة للسياسة التي انتهجها أحمد داود أوغلو حول مشكلاته مع كل دول الجوار. كيف تتوقع الطريقة التي سيتعامل بها مع من قاموا بالانقلاب؟ ستكون متشددة جدا وأعتقد أن الشعب التركي سيكون متشددا ولكنه لن يكون دمويا لأن ذلك سيحدث له مشكلات في المستقبل وأظن أن هذه فرصة نادرة لتطهير الجيش من النزعة الأتاتوركية المتسلطة. هل سيتراجع دور تركيا إقليميا بسبب المشكلات الداخلية؟ الأوضاع في المنطقة أكبر من قدرة أي دولة منفردة علي مواجهتها ولذلك المشكلة أن هناك عددا كبيرا من اللاعبين بالمنطقة وسياسيات متناقضة ومتعارضة وتركيا تواجه تحديا مزدوجا بسبب تصاعد المشكلة الكردية من ناحية وبسبب تصاعد حدة وأساليب المنظمات الإرهابية من ناحية أخري, التي تواطأ معها أردوغان في لحظة ما ولكنها انقلبت عليه الآن وبالتالي هناك خطر مزدوج تواجهه تركيا من حزب العمال الكردستاني من ناحية ومن المنظمات الإرهابية التي تحالفت معه في السابق والتي تخلي عنها الآن بعد أن أصبحت قدرتها واضحة للعالم كله وتحالف العالم ضدها وبالتالي لا تستطيع تركيا أن تستمر في تواطؤها القديم. كيف تري شكل التعامل مستقبلا بين أمريكاوتركيا؟ ربما يزداد التوتر بين الولاياتالمتحدة وأردوغان إذا ثبت تورط المفكر والداعية الإسلامي جولن في هذا الموضوع وأن الولاياتالمتحدة كانت علي علم بما حدث ولكن الولاياتالمتحدة الآن تطالب أردوغان بإثبات تورط جولن في الانقلاب ولكن سيصر أردوغان علي تسلمه ولكنه لابد وأن يقدم أدلة دامغة علي تورطه. وهل بالفعل قد يكون متورطا؟ طبعا ليس مستبعدا علي الإطلاق خاصة ومنذ فترة وصل الصراع بين أردوغان وجولن إلي حدود خطيرة ولكن السؤال الغامض والذي لا يستطيع أحد أن يجيب عليه هو ما إذا كانت الولاياتالمتحدة علي علم بتورط جولن وتريد الاحتفاظ به أم لا أو كانت هي نفسها متورطة بشكل غير مباشر في هذا الصراع. هل يمكن أن تكون هناك نقطة التقاء بين أردوغان والجيش بعد ما حدث؟ الجيش ليس كله من الانقلابيين وإلا قد نجح الانقلاب, الجيش سيجبر حاليا علي الحد من طموحة وسعيه القديم للسلطة وبالتالي ستكون هناك إعادة للصياغة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني بحيث تنضبط المؤسسة العسكرية وتمارس نمطا من السلوك يتفق مع الدول الراسخة في الديمقراطية مثل فرنساوأمريكا وإنجلترا. أكد أردوغان في خطابه أن المؤسسة العسكرية بتركيا بها عناصر إرهابية وسوف يتعامل معها الأمن, ما الطريقة التي سيستخدمها لعقاب هؤلاء علي ما قاموا به؟ هذا من قبيل المبالغة في القول ولكنه يقصد أتاتوركيين أو علمانيين بشكل مبالغ فيه جدا وبالتالي هذا يتناقض مع أطروحته المذهبية, هو ينظر إلي بعض العناصر بأنها متطرفة.