أدري أن تدهور التعليم وتردي الأداء في الوزارات والهيئات والمؤسسات المسئولة عن ترقية الضمير والوجدان أنتج لنا هذه الحالة المزرية من أنصاف المبدعين الذين قذفوا في وجوهنا بمسلسلات وإعلانات وبرامج تجعلهم بحاجة الي مصحات عقلية ونفسية.. أتابع كمتخصص ما تبثه الفضائيات في سباقها الرمضاني, وأقارن بين الأداءات المختلفة فأجد حالة من تناسخ الافكار الإعلانية والبرامجية والدرامية وكأن معين الإبداع في هذا البلد قد نضب.., فضلا عن تقديم صور مغلوطة عن المصري( الصعيدي) مسلسل ولد فضة مثالا.., عن المسلم, مسلسل مأمون وشركاه مثالا, عن المرأة, مسلسل جراند اوتيل مثالا, ثم أتحفونا بمشاركة13 راقصة دفعة واحدة يمثلن في رمضان لزوم التسويق الدرامي..!!. من المسئول؟ هل الحكومة المصرية وغياب السياسة التعليمية والثقافية وسيطرة بعض الحواة الهواة علي مجالنا التعليمي والثقافي؟ في مجال التعليم نري( سيرك).., تعليم حكومي أميري وخاص متعدد الثقافات والجنسيات والولاءات ورسومه بالاسترليني والدولارات..!!, ثم تعليم أزهري حكومي وازهري لغات وجامعات امريكية وروسية وبريطانية وعلي كل لون وجنسية( أين الدولة المصرية هنا؟؟) ثم خبرني بنوعية خريج كل نظام من هذه الانظمة المتعددة؟؟ هل تكافؤ الفرص متاح؟؟ هذه الفسيفساء التعليمية مسئولة عن ضعف الابداع الاعلامي والمسرحي والسينمائي, الابداع في كل مجالات الحياة ولا يخرج الانتاج الرمضاني الذي شغل شاشات الفضائيات عن هذه الحالة لأن هذا الخريج( البزرميط) قدم لنا انتاجا اعلاميا( بزرميط).. خذ مثالا: هل نسمي مسلسل الاسطورة دراما اجتماعية أم دروسا مجانية في احتقار القانون وتأكيد البلطجة قانونا بديلا؟؟ بماذا نسمي تلك الحالة الاعلانية الرمضانية, نصف الاعلانات طلب تبرعات بصور تقطع نياط القلوب وتستدر عطف أبي لهب والنصف الاخر اعلانات فيلات ثلاثية الحدائق والطوابق وسيارات فاخرة وكمبوندات ساحرة؟؟ ألا يعرف هؤلاء المعلنون شيئا عن الامن القومي المصري؟ هل يعرفون طريقا أسرع من هذا لاثارة السخط الشعبي العام سيشعل حريقا جديدا في مصر!!. ثم ما تلك الصورة السلبية للمتدين التي اشارت اليها تقارير جمعية حماية المشاهدين في كل مسلسلات رمضان هذا العام؟ هل بها تحاربون الاخوان أم تحاربون الدين وكل متدين؟ لماذا تؤذون مشاعر المتدين الوسطي السمح؟ ولماذا تصدرون لنا صورة المتدين الوقح الفظ غليظ المشاعر القابع في العصور الوسطي( مسلسل مأمون وشركاه نموذجا)؟؟ يتجلي فقر الابداع مع الغلو في النفقات الانتاجية في برنامج ضحل الفكرة( رامز بيلعب بالنار) لم يقدم شيئا مفيدا سوي السخرية ممن أوقعهم الحظ العاثر في براثنه وبرنامج يناظره في الضحالة( ميني داعش) يعبث بمشاعر البسطاء.., ما الهدف من تلك البرامج المسماة برامج المقالب؟ البسمة؟ التسلية؟ لم تحقق شيئا من هذا!! تقارير المراصد الاعلامية هذا العام ضجت من تفاهة المعروض وخطورة ما يحمل من قيم, تقرير مرصد صندوق مكافحة الادمان رصد آلاف المشاهد المحتوية علي مسكرات ومخدرات وتدخين وتقارير المجلس القومي للمرأة رصدت اصرارا علي تقديم صورة مشوهة للمرأة المصرية في الاعلانات والمسلسلات وتقارير جمعية حماية المشاهدين رصدت غيابا كبيرا لبرامج الاطفال والبرامج الدينية بل والمسلسلات الدينية وتدهورا في مستوي الافكار الدرامية وسرقات الافكار الاعلانية ومقدمات بعض المسلسلات. غاب الابداع وغابت القدرة علي الابهار, وحضرت الفهلوة.. وناقوس الخطر يدق لمن يهمه الامر.. الابداع بعافية.. والعواقب وخيمة.