أشعر بسعادة غامرة كلما طالعت خبرا عن بناء جديد يضاف إلي منشآت الوطن, فالبناء عمران يقوم به الانسان وفق المهمة التي خلق من أجلها وهي تعمير الكون, وتزيد سعادتي كلما كان العمران والبناء في مجال الرعاية الصحية لمجابهة انتشار امراض العصر التي وجدت في أجساد أهلنا مكانا للسكن, حيث كثرت الشكوي من أمراض الأورام التي لم تفرق بين صغير وكبير, والكبد بفيروساته التي تحصد الأعمار وتقض مضاجع الأسر. ومع انتشار الأمراض وعجز مستشفيات الحكومة التابعة لوزارة الصحة والمستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالي رغم امكاناتها الكبيرة, باتت الحاجة ماسة لدور مجتمعي يسهم في رسم البسمة وتخفيف الألم عن أهلنا المرضي غير القادرين, ومن هنا فإن كل مبادرة في مجال الصحة تستحق التوقف امامها والاشادة بها وبالرجال الذين يقفون خلفها, ومن فضل الله علي مصر أن أهلها الطيبين حقا لايتوانون لحظة عن مد يد العون والتبرع من اجل بناء صروح طبية وتجهيزها من مالهم الخاص, في اطار التكافل المجتمعي الذي حضت عليه الأديان, وفي السنوات الأخيرة نجح المصريون من خلال تكافلهم وتبرعاتهم في تشييد صروح نباهي بها العالم فهاهي مستشفي سرطان الأطفال التي نجحت في فرض نفسها وتحقيق معدلات شفاء رائعة وشجع نجاح تجربة القاهرة علي تشييد فرع في طنطا بجهود اهل الخير, وهذه مؤسسة الاورمان الخيرية التي انتهت من تشييد مستشفي للاورام في الاقصر لخدمة اهالي الصعيد, وسبقها مستشفي الراجحي للكبد في جامعة اسيوط وهو من التبرعات المصرية والعربية, كما قامت جمعية الكبد المصري بإنشاء فروع لها في عدة محافظات آخرها اسوان لعلاج مرضي الكبد من غير القادرين. وهاهي جمعية جديدة تدخل الخدمة في المجال الاجتماعي الصحي تحمل علي عاتقها رعاية مرضي الجهاز الهضمي في منطقة الدلتا, وتتخذ من المنصورة مقرا لها, حيث شرعت إدارة الجمعية برئاسة الدكتور جمال العبيدي في بناء مستشفي بمدينة جمصة علي الطريق الدولي الساحلي, بعدما كشفت جولات القوافل في محافظات الدلتا( الدقهلية والغربية وكفر الشيخ والبحيرة ودمياط) أن أكبر نسبة لمرضي الجهاز الهضمي في مصر تسكن هذه المحافظات, فقررت الجمعية تبني فكرة اقامة مستشفي ومعهد علمي بالتبرعات من أعضاء الجمعية وأهل الخير, للتخفيف عن المرضي وعائلاتهم من جهة وعدم الارتكان إلي الدولة وتحميلها أعباء تفوق طاقة ميزانيتها, ورغم أن الجمعية تأسست عام2014 أي قبل اقل من عامين, إلا فإنها بادرت بالحصول علي أرض في مدينة جمصة وقامت بتخطيط المشروع الذي يقع علي مساحة15000 متر مربع, ليشمل136 غرفة للمرضي و6 أسرة عمليات10 أسرة افاقة و20 سرير عناية مركزة وقسما للمناظير إلي جانب مدرسة تمريض ومركز مؤتمرات وعيادة خارجية لاستقبال الطوارئ وقسما للاشعة. كل هذا كان حلما راود الدكتور العبيدي وأصدقاءه الذين تحمسوا للفكرة معه وشاركوه الحلم بها, وانضم إليهم المعاونون والطيبون من أبناء مصر الذين آمنوا بالهدف الانساني النبيل للمشروع فاقبلوا علي الإسهام فيه من أجل ظهوره للنور, وانطلقت مسيرة العمل الانساني الذي يعكس اصالة هذا الشعب والتفافه حول الأهداف النبيلة, ومع دخول شهر الجود والكرم شهر رمضان المبارك فإن إدارة المشروع تنتظر من أهل الجود أن يوجهوا زكاتهم وصدقاتهم تجاه هذا المشروع الخيري ليكتمل بناؤه ويبدأ في تقديم خدماته للمرضي الفقراء الذين لايملكون القدرة علي العلاج.