مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدارة العشوائية وسوء التخطيط السبب:
كبد أسيوط يزداد وجعا
نشر في الأهرام المسائي يوم 08 - 03 - 2016

بينما كان الأمل يراود أهالي أسيوط.. وبينما كاد الحلم أن يتحقق بأكبر مستشفي لعلاج مرضي الكبد. توغل فيروس التراخي واستأسد الألم وتشدد الروتين فازداد الوضع وجعا وعز علي مسئولي المستشفيات الجامعية بجامعة أسيوط أن تكون لها الصدارة والانفراد في إنشاء أول مستشفي لمرضي الكبد وجراحاته
وأن تسير نحو الهدف الذي أنشئت من أجله, فقد تدهورت الأحوال بسبب سوء الإدارة والتخطيط وتدخل عنصر المجاملات الذي أضر بالخدمات الطبية والعلاجية المقدمة لمرضي الكبد داخل المستشفي وأصبح حلم الصعايدة في مهب الريح التي جاءت بما لا تشتهي السفن, فالأمور كانت تسير علي خير ما يرام إلي أن جاءت الإدارة الحالية للمستشفيات الجامعية بأسيوط وقامت باتخاذ قرار يراه البعض عشوائيا وغير مدروس بدمج قسم الجهاز الهضمي والباطنة في المستشفي بل لم يقتصر الأمر علي ذلك وتم نقل المرضي أيضا من المستشفي الرئيسي إليه مستشفي الكبد التي لم تستوعب طاقتها عدد المرضي مما تسبب في انهيار الخدمة بها خاصة المقدمة لمرضي الكبد الذين يتم تحويلهم لتلقي العلاج بمستشفي الكبد لحالتهم الحرجة والمتأخرة جدا والتي تستوجب العناية بهم والعلاج الفوري في الأجهزة الخاصة وحجرات العناية المركزة التي استولي عليها مرضي الباطنة الذين يعانون من أمراض القيء والإسهال ليتحول أول مركز لجراحات الكبد بالصعيد إلي وحدة صحية تقدم خدماتها لمرضي القيء والإسهال.
الأهرام المسائي تجولت داخل غرف المرضي وبين طرقات المستشفي لترصد الواقع المرير الذي بات عليه ذلك الحلم الذي كان الجميع يتسابق نحو تنفيذه وازدهاره.
البداية كانت صعبة للغاية فبعد أن تزايدت أعداد مرضي الكبد بالصعيد بشكل كبير في الآونة الأخيرة بدأت إدارة الجامعة في حينها تفكر وتحلم بإنشاء أول مركز متخصص لعلاج أمراض الكبد وجراحاته بل إن الأحلام ذهبت بعيدا بتحويله إلي مركز بحثي ولكن ميزانية الجامعة في حينها كانت لا تسمح وظلت الفكرة حبيسة الأدراج إلي أن جاء عام2002 حين بذل أطباء قسم طب المناطق الحارة والجهاز الهضمي بكلية طب أسيوط مجهودا كبيرا وعلي رأسهم المرحوم الدكتور محمد نافع والدكتور أحمد مدحت نصر والدكتور أحمد حلمي وقاموا بعرض الفكرة علي رئيس الجامعة آنذاك د. محمد رأفت محمود والذي تشجع للأمر وخصص لها الأرض وبدأ الإنشاء.
ولكن ميزانية الجامعة لم تتحمل الأعباء المالية بعد أن جفت الموارد وتوقف المشروع حتي ظن الحالمون به أن اكتماله بعيد المنال ولكن أحلام مؤسسية لم تتوقف حتي نجح أحد أبناء القسم الدكتور أحمد حلمي سالم الذي سافر ومعه حلم إكمال الصرح إلي السعودية ومن إحدي المحاولات نجح في أن يحصل علي أكثر من خمسة وخمسين مليون جنيه كتبرع لاستكمال المركز والمستشفي من السيد الدكتور/ محمد بن صالح بن عبد العزيز لينتعش الأمل من جديد وتدور عجلة العمل بكل همة وبالفعل وصلت الأموال وتم البناء والتجهيز وبدأ الجميع يشارك الحلم من خلال نشر الدعوات للتبرع للمستشفي بشتي الطرق حتي إن البعض قاموا بتنظيم مباراة خيرية بين نجوم الأهلي والرياضيين علي أرض جامعة أسيوط وخصص دخلها بالكامل من قبل لاعبي الكرة ونجوم الرياضة والمقدر في حينها بقرابة ال20 مليون جنيه لصالح المستشفي وبدا الحلم للمخلصين قريب التحقيق حتي اكتمل المبني وتم تجهيزه وتشغيله رسميا باستقبال حالات الكبد وبدأت الخدمات الطبية المقدمة تتطور شيئا فشيئا.
نجاح أول زراعة للكبد
وعقب ذلك بدأ القائمون علي المستشفي في حينها التسابق للحصول علي التراخيص اللازمة لإجراء جراحات الكبد وبالفعل نجحت إدارة المستشفي في عام2014 في إجراء أول جراحتين لزراعة الكبد بأيدي أطباء الصعيد وبالمجان حيث تتكلف الجراحة الواحدة في المراكز الخارجية قرابة ال300 ألف جنيه ولكن إيمانا من الدور الخدمي والمجتمعي لجامعة أسيوط تم إجراء الجراحتين بالمجان دون أن يتحمل أهالي المريض أي تكاليف سوي إحضار المتبرع ولكن أشارت كل الشواهد إلي تبخر الحلم.
بداية الانهيار
يقول الدكتور أحمد حلمي سالم أستاذ الكبد بجامعة أسيوط, أحد رواد فكرة إنشاء هذا الصرح إن الحلم تحقق رويدا رويدا وكان مخططا له أن يتحول بقرار سيادي لمعهد عالي لبحوث ودراسات وعلاج الكبد ليكون منارة من منارات العلم في مصر العليا تشع بنورها تبحث وتثقف وتقي وتعلم وتعالج وتعد الكوادر في مصر والمنطقة العربية بل ودول حوض النيل ولكن الإدارة لاحظت ضعف نسبة الإشغال بالأسرة البالغة190 سريرا من حيث قله عدد المرضي بسبب عجز الأطقم المدربة علي التعامل مع حالات مرضي الكبد من هيئة تمريض عمال. وناشد مديرو المستشفي حينها مسئولي إدارة المستشفيات الجامعية بضرورة توفير أطقم التمريض لتشغيل المستشفي بكامل طاقتها وليتهم ما فعلوا حيث أصبح الصرح الحلم نهبا لكل ذي مصلحة فمنهم من يريد استغلال الأسرة الشاغرة لجراحات الجهاز الهضمي ويهمش أمراض الكبد الأخري ومنهم من يريد تهميش دور الجراحين ومنهم من يريده لزراعة وجراحة الكبد, وظل المركز ذو ال190 سريرا لشهور عديدة كالبئر المعطلة والقصر المشيد به مرضي بعدد أصابع اليد الواحدة او اليدين.
وقررت الإدارة نقل الأقسام القديمة بالمستشفي الرئيسي للمبني الجديد بحلوها ومرها بمن يصلح ومن لايصلح, وخفض عدد الأسرة المخصصة لمرضي الكبد ونقل إلي نفس المكان مرضي الجهاز الهضمي والمرارة والبنكرياس وغيرها وتم إلغاء وحدة مناظير وأماكن أقسام تعمل منذ أكثر من خمسين عاما وأحدث فوضي بعدما لم يتم عمل دراسة لعواقب الأمر وزاد الخلاف والتخبط واستقالات وتغييرات في الإدارة والأطباء, وتحول الحلم إلي سراب وبدأت الخدمات المقدمة لمرضي الكبد تتضاءل بعد أن استولي مرضي الباطنة علي المستشفي.
وتساءل: كم مريض أزهقت روحه بسبب التأخير في الإنجاز والصراعات والاستقالات؟ وهل الصعيد بحاجة إلي مركز متخصص ومتميز لأمراض وجراحات وزرع الكبد أم لا؟ وهل يوجد بديل دفع المسئولين لاتخاذ هذا القرار؟ وهل ضم الجهاز الهضمي ونقل الأقسام يخدم إجابة السؤال الثاني أم يعيقها؟ وهل من الأمانة بل هل يجوز شرعا أن تتصرف إدارة الكلية والجامعة في أموال زكاة في غير الهدف الذي اعطيت من أجله ودون معرفة أو موافقة المتبرع وهل معدل انتشار أمراض الكبد بمصر يستلزم زيادة الأسرة المخصصة لمرضي الكبد أم تقليصها وهل أنشئ هذا المركز لعلاج حالات القيء والإسهال والإمساك والبواسير وجراحات المرارة والمعدة والقولون والسمنة وغيرها والتي تتم رعايتها بأماكن أخري بالمستشفيات الجامعية, ثم يأتي مريض الكبد بغيبوبته وفشله ونزيفه وأورامه فلا يجد مكانا ويظل أياما بالاستقبال لحين توفر سرير؟
سابعا: هل أهل الصعيد مكتوب عليهم غياب مراكز متميزة ترحمهم من الذهاب للقاهرة والمنصورة وغيرها لتلقي رعاية طبية ثالثية متميزة(TERTIARYCARE).
وطالب بالتدخل العاجل لإنقاذ المركز والمستشفي, ووضع لائحة وسياسة تشغيل جديدتين, وسياسة دخول, وهيكل تنظيمي ينظم العلاقة بين الأقسام بصورة تكاملية, ويضمن الاستقلال المالي والإداري والفني للمركز والمستشفي عن المستشفيات الجامعية, وتشكيل مجلسي أمناء وإدارة يضعان رسالة ورؤية وأهداف ووسائل صحيحة تصل بالصرح إلي تحقيق أهدافه مع تحصين ما يضعه هذان المجلسان من تقلبات وتغييرات الإدارات المتعاقبة, مع توفير الاعتمادات اللازمة وعمل وقف وتوفير مصادر تمويل غير تقليدية يضمنا استمرار توافر الخدمات مع وضع خطط موازية للصيانة والتطوير, واستكمال ماينقص المكان من كوادر وإمكانات وخدمات, وربط المركز وتوامته بنظرائه محليا وعربيا وإفريقيا ودوليا, واستحداث درجات علمية في مجال الكبد علي معهد الكبد بالمنوفية, ووضع برامج واقعية للتدريب والبحث العلمي والتثقيف الصحي والترصد والوقاية والكشف المبكر, هذا إضافة الي برامج الزرع والعيادات التخصصية والخدمات متعددة الأنظمة.
توقف جراحات زراعة الكبد
لقد تسبب القرار العشوائي بدمج مرضي الجهاز الهضمي مع مرضي الكبد داخل المستشفي في تدمير الخدمة الصحية المقدمة لمرضي الكبد وخاصة زراعات الكبد التي خطت خطواتها الأولي بنجاح عقب إجراء جراحتين ناجحتين بالمجان في عام2014 ليفتح المستشفي الأمل أمام فقراء الصعيد في زراعة الكبد بالمجان ولكن تلك الآمال تبددت عقب قرار الدمج حيث لم تجر المستشفي أي جراحات منذ اتخاذ ذلك القرار الذي أضر بكيان الجامعة قبل أن يضر بالمرضي أنفسهم ليتوقف مسار ذلك الصرح العملاق ويكتفي بتقديم خدمات العلاج لمرضي الإسهال والقيء وغيرها من الأمراض التي يمكن لأي وحدة صحية علاجها والتكفل بها.
صرخات المرضي
أثناء تجول الأهرام المسائي داخل المستشفي وجدنا أهالي أحد المرضي يستغيثون بأطباء العناية المركزة لنجدتهم فاقتربنا منهم لمعرفة حقيقة الأمر حيث قال أيمن عبد الساتر مهندس إن والده كان يتلقي علاجه بمستشفي المبرة بأسيوط ولكن حالته دخلت مرحلة حرجة للغاية بعدما بدأت تحدث له عمليات قيء دموي من الفم ومن ثم بدأت حالته الصحية تتدهور ونظرا لعدم توافر الإمكانات بمستشفي المبرة قرر الأطباء نقله في سيارة إسعاف مجهزة إلي وحدة العناية المركزة بالمستشفي لجراحات الكبد وحينما وصلوا إلي المستشفي كانت الفاجعة حيث رفض الأطباء دخوله للعناية لعدم توافر أسرة شاغرة. وقال إن أطباء القسم الخاص حرموه من حقه في دخول العناية المركزه لإنقاذه وعقب ذلك توجهنا إلي أحد العاملين بالمستشفي رفض ذكر اسمه وقال لنا إن تلك الحالة ليست هي الأولي أو الأخيرة التي تتعرض لنفس الظروف حيث إن غرفة العناية المركزة تضم11 سريرا مجهزة وكان معد لها مستقبلا أن يتم تجهيز طابق بالكامل كوحدة للعناية المركزة وهو ما كان سيزيد عدد الأسرة
المستشفي لا يعمل بكامل طاقته
ومن المفارقات الغريبة التي شهدناها داخل المستشفي أن المستشفي مازال لا يعمل بكامل طاقته حتي الآن بالرغم من نقل جميع مرضي قسم الجهاز الهضمي حيث إن الطوابق العليا لاتزال خاوية علي عروشها بالإضافة إلي الجناح الأيسر الذي كان مخطط له كمعهد لأبحاث الكبد وهو ما يبرهن أن قرار الإدارة بدمج مرضي الجهاز الهضمي مع مرضي الكبد كان خاطئا وليس الهدف منه القضاء علي نسبة الأشغال حيث إن المشكلة الرئيسية التي مازالت تلقي بظلالها هي نقص التمريض بالمستشفي.
وكان لزاما علينا استطلاع الأمر من كافة أطرافه, وكانت الداية الطرق علي باب الدكتور طارق الجمال عميد كلية الطب المشرف علي المستشفيات الجامعية لكننا لم نجد ردا, رغم تكرار المحاولات, وطرقنا أبواب عدد كبير ممن عاصروا بداية المشروع, أملا في وضع النقاط فوق الحروف بما يحقق الهدف الذي يصب في مصلحة المواطنين البسطاء في الصعيد الذين تعلقت آمالهم بالمستشفي الوحيد للكبد في الصعيد, لكن الجميع اعتذر بزعم أن شهادته إما مجروحة أو حياء حتي لايفسر كلامه بمصالح شخصية, ما وضعنا في مهمة صعبة للبحث عن الحقيقة الغائبة, فواصلنا البحث في التفاصيل حتي وقعت أعيننا علي قرار يمكن وصفه بأنه النقطة الأهم في القضية, وهو يكفي لحسم الأمر تماما.
إذ تبين أن القائمين علي أمر المستشفيات الجامعية آنذاك قرروا تشكيل لجنة برئاسة الدكتور مصطفي كمال رئيس الجامعة وضمت في عضويتها نخبة من أساتذة التخصصات المتعلقة بالكبد والجهاز الهضمي لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص مستقبل المستشفي الجديد, وجاء رأي اللجنة بتخصيص المستشفي لجراحات الكبد المتقدمة وفي مقدمتها زراعة الكبد, باعتبار أن الصعيد كله لايوجد به مستشفي متخصص لهذه الجراحات.
ومن هنا استقر الرأي لدي إدارة المستشفيات علي التخصص لتقديم الخدمة الطبية المتميزة للمرضي الذين يمثلون نسبة26 بالمئة من مرضي الكبد في مصر, وليكون بمثابة نموذج تباهي به جامعة أسيوط علي غرار مركز الكلي في المنصورة ومستشفي سرطان الأطفال في القاهرة ومستشفي مجدي يعقوب في أسوان, خصوصا وأن مرضي الجهاز الهضمي يمكن علاجهم في أي مستشفي آخر.
وبعد افتتاح المستشفي وتمكنها من الحصول علي اعتماد زراعة الكبد وبالفعل اجريت عمليتان تحت اشراف الدكتور محمود المتيني عميد كلية الطب جامعة عين شمس وبفريق من أطباء المستشفي الأكفاء, وحققت العمليتان نجاحا كبيرا, لفت الأنظار إلي المستشفي داخل مصر وخارجها, ماجدد رغبة اعداء النجاح والباحثين عن الشهرة والمصلحة الخاصة في اثارة بدء قضية الدمج مع الجهاز الهضمي مستغلين تغيير إدارة المستشفيات الجامعية.
ولأنه كان رئيسا لفريق عمل زراعة الكبد مرتين في المستشفي, كان لابد من التعرف علي رأيه في القضية, فتوجهنا بالسؤال للدكتور محمود المتيني الذي بادرنا بالإعراب عن أسفه لتوقف عمليات زراعة الكبد في مستشفي الراجحي بجامعة أسيوط, والتي تحمس لها من البداية وكان يراها حلما طال انتظاره, يقول الدكتور المتيني: عندما علمت بقيام جامعة أسيوط العريقة بإنشاء مستشفي الراجحي لجراحات الكبد بالتبرعات تحمست لها كثيرا, لأنها المستشفي المناسب في المكان المناسب, أولا لأنها في منتصف الصعيد وستخدم كل أهله من المصابين بالكبد وهم نسبة تفوق ال26 بالمئة من المصابين بهذا المرض في مصر, ثانيا لأنه لايليق أن تكون كل الخدمات الطبية المتميزة في القاهرة وحدها ونترك الصعيد يتألم ومن يقدر منهم الحضور الي القاهرة يعاني من السفر والاغتراب, لذا تحمست للمستشفي لأنني أؤمن بأن زراعات الكبد لابد أن تكون في مستشفيات جامعية وليس في مستشفيات عادية تابعة لوزارة الصحة, لأن الجامعات قادرة علي التطوير من خلال المراكز البحثية التابعة لها في ذات التخصص, وهو ما يتم الآن في جامعة الإسكندرية التي قمنا بزراعة حالتين والثالثة ستتم بعد عدة أيام وسأتشرف بهذه المهمة كما حدث في أسيوط عندما أجرينا عمليتي زراعة لمرضي بالمجان وهي خدمة جليلة تقدمها المستشفيات الجامعية للمرضي البسطاء, ولم يتقاض طاقم العمل أي مقابل مادي.
وحول تغيير مسار المستشفي ودمجه مع الجهاز الهضمي, قال الدكتور المتيني لا أود الدخول في قضايا إدارية خاصة بالجامعة هناك, كل مايعنيني أن البرنامج يعمل والزراعات تتم للتخفيف عن المرضي, أما الفصل والدمج فهو شأن القائمين علي العمل هناك.
وأعرب طلعت أسعد أستاذ الاقتصاد والتسويق بجامعة المنصورة الذي كان حلقة الوصل بين جامعة أسيوط والممثل الرسمي للمتبرع, عن أسفه لدمج الجهاز الهضمي مع الكبد في المستشفي الوحيد المتخصص الذي يخدم مساحة جغرافية تبلغ نحو الف كيلو متر, وتساءل لمصلحة من يتم هذا العمل؟ ولماذا يتفنن بعض المسئولين في اغتيال الأحلام البريئة؟.
وقال الدكتور طلعت: لقد تم وضع تصميم عالمي يأخذ في الحسبان كافة التفاصيل العلمية حتي إننا أحضرنا نظام معلومات بلغت تكلفته ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه يشبه الموجود في مركز الطب العالمي بالقاهرة, كنا نسعي لأن يكون المستشفي متخصصا بنسبة مئة بالمئة, وجاءت التصاميم الإنشائية من الداخل علي هذا الأساس حتي اللافتات الإرشادية تعاملنا معها باحترافية لتضاهي الموجودة في أي مستشفي عالمي.
ووجد المستشفي دعما رسميا من الحكومة الدكتور, وشعبيا من خلال التبرعات للمواطنين والرياضيين والإعلاميين الذين ألقوا الضوء عليه وبشروا به باعتباره فتحا طبيا لمصلحة أهل الصعيد, وحضر الدكتور الراجحي الافتتاح وأجهش بالبكاء الحار وهو يري الحلم يتحقق.
وعاد الدكتور طلعت للتساؤل من جديد: لمصلحة من ما سمعناه عن قرار إدارة مستشفيات جامعة أسيوط إدخال الجهاز الهضمي الي المستشفي المتخصص بالكبد وحده؟ وأضاف, مستشفيات البانة موجودة في كل مصر والجهاز الهضمي يعالج في كل مكان حتي في مستشفي جامعة أسيوط نفسه, أما الكبد فلا يوجد نظير له في الصعيد كله, وأرجع ماحدث إلي الرغبة في السطو علي نجاحات الآخرين, أو طلبا للمادة وفي النهاية الخاسر الأكبر هو مريض الكبد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.