شيء من مرارة يسكن قلبي كلما تذكرت أني بعت نفسي وقلبي بلا ثمن فقد أحببت رجلا كان لي كل حياتي الأمل الذي أعيش به وله لا أتصور حياتي من غيره وكأنني كنت مريضة لا أعي من أمر نفسي شيئا. قبل أن أعرفه وأجتر مأساتي معه كنت فتاة حالمة أؤمن بالحب وأسعي إليه وكأنني أسبح عكس التيار فالناس من حولي لا يعترفون بالرومانسية أساسا للعلاقة بين المحبين.. الكل يعرف المصلحة أساس لكل شيء حيث تتحور المشاعر الرقيقة إلي مسخ غريزي ممجوج. ما أن قام خراط البنات بمهمته ونحت ملامح الأنوثة في جسمي وغادرت طور الطفولة حتي نبضت خيالاتي بأحاسيس غريبة أحلق بها مع أنغام أم كلثوم وعبدالحليم وروايات إحسان عبدالقدوس.. كن رفيقاتي يتندرن بي ويسخرن من سذاجتي ويقلن أني لابد وأن أتعرض يوما لطعنة غادرة تطيح بكل خيالاتي وأحلامي أعرف بعدها أن الحب لم يكن غير اسطوانات مشروخة يلهو بها الفتيان سعيا وراء الفتيات ابتغاء صيد منهن ما أن ترتوي رجولته منه حتي يلفظه لاهثا وراء صيد آخر يروي عطش الحيوان الذي يسكنه. كنت أشمئذ من كلامهن و أنزوي وحيدة حتي جاء يوم قرر القدر فيه أن يضعني في اختبار قاس مفعم بالخيالات الوردية التي أحلم بها. تعرفت علي شاب يكبرني بعامين.. كان مختلفا في كل شيء.. مثقف.. يعرف أشياء.. كثيرة.. يمتلك قدرات مميزة تمكنه من جذب الآخرين إليه.. وسيم.. من أسرة ثرية وفوق كل هذا كان متفوقا في دراسته حتي إنه تخرج في الجامعة بتقدير امتياز وتم تعيينه معيدا بها. جمعت بيننا مشاعر راقية سرعان ما تحولت إلي حب جارف أقدم علي أثره طالبا يدي من والدي. لا أستطيع أن أصف لك كم كانت سعادتي في ذلك اليوم فقد خيل إلي أن أحلامي كلها تحققت بحبي لهذا الشاب. اقتنع والدي به وقبل طلبه ولكن اشترط عليه أن يعقد القران مع حفل الخطوبة و كان مبرره أنه لابد من إطار شرعي يمكن من خلاله أن نخرج سويا بلا حواجز أو خوف من أن تجرح طهارتنا ونقاء قلبينا وساوس الشيطان وأفاعيله. ولم يعترض حبيبي.. كان مرحبا وسعيدا بالفكرة.. ومضت بنا الأيام علي وتيرتها من السعادة والحب كنا لا نفترق إلا عند النوم.. قمنا بتشطيب شقتنا سويا واختيارات الأثاث وبات كل شيء مهيأ للزفاف وقد بقي عليه شهور. في تلك الفترة كنت قد اقتربت من حبيبي إلي حد التوحد.. تواصلنا حبا وعشقا.. لم تكن بيننا غير حواجز زجاجية شفافة تمنع جسدينا من التلاقي ولا تمنع قلبينا وروحينا من التوحد. لم يمض كثير علي هذه الحواجز الزجاجية حتي تحطمت علي بقايا شوق ارتوي بالخطيئة في لحظة غاب فيها العقل وذاب الوعي علي حر رغبة تملكت مني ومنه وسيطرت علينا شيطانية اللقاء تأنيبا وحسرة عند الفراق. قال لي حبيبي يومها أني زوجته ولم نرتكب خطأ وأن أياما تفصل بين أشهر الزواج سوف تمر سريعا وكأن شيئا لم يكن. اقتنعت بكلامه وما هدأ من روعي غير حبه وعطفه علي ولكني لم أكن أدر أن القدر يريد أن يشعل نيران الخوف في قلبي بحدث هو الكارثة بحق فقد اكتشفت أن ثمرة لقائنا الخاطئ تتحرك في أحشائي تعلن في إرهاصات مرعبة عن فضيحة مرتقبة. مذعورة لذت بحبيبي أخبره فلم يخيب ظني فيه.. قال لي إنه سوف يذهب لوالدي ويطلب استعجال الزواج حتي لا يفتضح الأمر. وفي اليوم الذي جاء فيه حبيبي يصلح ما بيننا وقعت كارثة أخري فقد توفي عمي بأزمة قلبية مفاجئة وبات مستحيلا علينا تقديم موعد الزفاف. لست أدري ماذا أفعل.. هل أواجه أهلي بخطيئتي؟ ولا أريد أن أكمل جريمتي بجريمة أخري وأزهق روحا بريئة لا ذنب لها غير زنها لأم غفلت عن شرفها في لحظة حب شيطانية خاطفة.. قل لي بالله عليك ماذا أفعل؟ ت س القاهرة كيف يمكن للحب ان يتحول إلي خطيئة؟ وهل لو لم تكوني تعيشين لحظة عاطفية صادقة مع رجل أنت علي يقين من أنه زوجك وتحلين له هل كنت ستفرطين في نفسك بلا ثمن كما تقولين؟ لا تفرطي في جلد نفسم يا ابنتي فما كنت صاحبة وزر بقدر كونك خالفتي ما جري عليه العرف وثقافة المجتمع المتوارثة وتقاليده. فأنت زوجة بعقد زواج صحيح وموثق ولكن ليس فيما أقول ما يعطيك العذر فيما أوقعتي نفسك فيه ولكن أريد تبرئتك أمام نفسك وربك أولا من الخطيئة ثم نبحث عن حل جذري للمشكلة التي أنت وزوجك فيها وهي مشكلة في رأيي ليست دينية بقدر ما هي مشكلة اجتماعية تحتاج لشيء من حسن الفطنة في أمر حلها كأن يختلق زوجك أنه مضطر للسفر في مأمورية ويريد أن يستعجل الزفاف ولو بدون فرح إجلالا للوفاة وفي اعتقادي أن والدك قد لا يمانع في ذلك ولو أنه رفض عليك أن تصارحي أمك بينك وبينها بالحقيقة كي تقنعه ويستتر الأمر بلا فضيحة وفيما يخص موقف الدين من المشكلة كما قلت لك يا ابنتي المر لا يتعد مخالفة لما تعارف عليه المجتمع فهناك فتوي للدكتور محمد رأفت عثمان, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر حول هذا الأمر قال فيها: من الناحية الشرعية, يري بعض الفقهاء أن للعاقد كل الحقوق الشرعية بما فيها العلاقة الزوجية, لكن يجب احترام العرف الذي يؤكد ضرورة التمهل حتي الدخول بها في بيته, حتي لا يوقع زوجته وأهلها في حرج أمام الناس, ولهذا قال الله تعالي: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين آية199 سورة الأعراف.