ليس كل ما يمارسه الإنسان من عادات وعبادات هو بالضرورة دين من عند الله تعالي, وبناء عليه فإنه لا بد من التفرقة بين الدين الذي هو منزل من عند الله, وبين التدين الذي هو اجتهاد البشر في فهم نصوص الدين ويتجلي في طريقة تقواهم ومناسكهم ومعاملاتهم. واختزل البعض الدين في تقصير الجلباب, إطلاق اللحي واستخدام السواك وهم لايعرفون نواقض الوضوء. وهناك من جعل الدين غطاء لكل التصرفات التي ترجع للعادات والتقاليد وليس إلي الدين, وهناك من ينتسب للدين أو يظهر تدينه ويفاخر به لعله يحظي بقيمة اجتماعية أو سمعة طيبة بين الناس, وآخرون جعلوا الدين شعارا لهم وحددوا له مقاييس للالتزام به والدين منهم براء, ولعل ما استندوا إليه ما كتبه بعض المتشددين في الكتب التي صارت في زمننا هذا أمهات الكتب بالنسبة لهم مما يتطلب من الجميع فهما شاملا للدين ومراجعة وتصحيح الذات وتطوير الخطاب الديني وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ويقول الدكتور هشام عبد العزيز من علماء وزارة الأوقاف ليس كل ما يمارسه الإنسان من عبادة هو بالضرورة دين من عند الله, وبالتالي فإنه لابد من أن نفرق بين الدين الذي هو منزل من عند الله, وبين التدين الذي هو اجتهاد الناس في فهمهم للدين, وتجسيدهم له بمنعكسات سلوك تديني, تتجلي في طريقة تقواهم ومناسكهم ومعاملاتهم. فالتدين هو فهم الناس للنصوص الشرعية وهومالابد من فهمه حتي لانحكم علي ديننا القويم من خلال ممارسة أشخاص لظاهر الدين, هؤلاء قال فيهم سيدنا عمر بن الخطاب( رضي الله عنه): لا يغرنكم من قرأ القرآن, إنما هو كلام نتكلم به, ولكن انظروا من يعمل به. ووصل الأمر بهؤلاء إلي التدخل في الأمور التي بين العبد وربه, وبين الإنسان وأخيه الإنسان, وإن شئت فقل في كل الأمور الإنسانية الدينية والدنيوية, والخلط بين الدين والتدين كارثة, تجعل أي شخص متدين من وجهة نظرهم وعقيدتهم- يكون مفتيا ويرشح للمناصب والقيادات العليا والناس تختاره لأنه متدين, وهذا خطأ جسيم, لأن مثل هذه المناصب تحتاج إلي كفاءات علمية وعقلية, فلابد أن يمتلك صاحبها عقلية فارقة وإمكانات عالية تؤهله لمثل هذه القيادات, حتي وان اختلفت معه في الديانة, وهذا ما أكده القرآن الحكيم ووضحته السنة المطهرة ففي القرآن قال تعالي: قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين.( القصص:26) وقال سبحانه عن سيدنا يوسف وقدراته العلمية والعقلية: قال اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم.( يوسف55) فلم يقل: لأني متدين فقط, ولكن لديه الخبرة العلمية والكفاءة العقلية وهو مااكدتة السنة المطهرة في قول الرسول( صلي الله عليه وسلم) لأبي ذر( رضي الله عنه) عندما طلب من الرسول( صلي لله عليه وسلم) الولايه ماذا قال له الرسول( صلي الله عليه وسلم) وهو يعلم من هو أبو ذر ومكانته عنده ومع ذلك فلم ينصحه بها ولم يزكيه بها, فعن أبي ذر( رضي الله عنه) قال: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده علي منكبي, ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة, وإنها يوم القيامة خزي وندامة, إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها. فهناك من جعل الدين غطاء لكل تصرفاته والتي ترجع للعادات والتقاليد وليس إلي الدين, وهناك من ينتسب للدين أو يظهر تدينه ويفاخر به لعله يحظي بقيمة اجتماعية أو سمعة طيبة بين الناس, وآخرون جعلوا الدين شعارا لهم وحددوا له مقاييس للالتزام به والدين منهم براء, ولعل ما استندوا إليه ما كتبه بعض المتشددين في الكتب التي صارت في زمننا هذا أمهات الكتب بالنسبة لهم ويضيف عبدالعزيز: إننا في حاجة إلي رؤية جديدة وفهم شامل للدين, لقد حان الوقت لمراجعة وتصحيح الذات, وآن الأوان لكي نفكر ونطور الخطاب الديني ونصحح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام. ولذلك ليس كل ما يمارسه الإنسان من عبادة هو بالضرورة دين من عند الله, وبالتالي فإنه لابد من أن نفرق بين الدين الذي هو منزل من عند الله, وبين التدين الذي هو اجتهاد الناس في فهمهم للدين, وتجسيدهم له بمنعكسات سلوك تديني, تتجلي في طريقة تقواهم ومناسكهم ومعاملاتهم. فالفهم الصحيح: أن يفهم النص بفهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وروي أن عمر بن الخطاب خلا ذات يوم فجعل يحدث نفسه, فأرسل إلي ابن عباس, فقال: كيف تختلف هذه الأمة وكتابها واحد ونبيها واحد وقبلتها واحدة قال ابن عباس: يا أمير المؤمنين إنا أنزل علينا القرآن, فقرأناه وعلمنا فيم نزل, وإنه يكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن لا يعرفون فيم نزل, فيكون لكل قوم فيه رأي, فإذا كان لكل قوم فيه رأي احتقوا( أي ادعي كل منهم الحق) فمتي احتقوا اختصموا ومتي اختصموا اختلفوا, فإذا اختلفوا اقتتلوا ويقول الشيخ محمد الأزهري من علماء الأوقاف لايكون التدين الا بالعلم والمعرفة لقوله تعالي اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم.(سورة العلق) فأمر الله تعالي نبيه بالعلم والمعرفة لأن المتدين المتعلم أقرب وأفهم الناس بالشرع ومقاصده. ولقد أثني الله علي أولي العلم فقال تعالي. شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. الآية18 سورة ال عمران فلكي يكون الإنسان متدينآ حقآ لابد أن يتعلم ويفقه في دينه. ثانيآ. أن يفعل الخير, ويترك الشر, ويبعد عن الخلاف, وعندما تصبح متدينا يجوز لك أن تلعب وتمرح وتمزح مع أصدقائك, وكان هذا هدي النبي صلي الله عليه وسلم- مع أصحابه الكرام رضوان الله عليهم جميعا, ومن سار علي نهجهم إلي يوم الدين, فالتدين لا يمنعك من فعل هذا كله, لكن بضوابطه الشرعية, فعليك بقراءة سيرة النبي صلي الله عليه وسلم- ثالثا أن ينظر إلي حاله مع الناس من خلال معاملته لهم, فالدين المعاملة. كأن تكون مثالا طيبآ بين الناس فالدين ليس صلاة وصيام وزكاة وحجا فقط وإنما معاملة حسنة وليكن لنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة, فقد سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي فقالت كان قرآنا يمشي علي الأرض رابعآ. التخلق بأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم. فلقد كانت بعثته قائمة علي الأخلاق الطيبة فقال إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق رواه أحمد. فالتدين خلق حسن وسمت طيب, خامسا أن يكون المتدين عضوا صالحا نافعا لنفسه ولغيره مؤثرآ بالإيجاب في مجتمعه, سادسا أن يكون محبا لوطنه غيورا علي دينه وبلده أن يبذل قصاري جهده في بناء الوطن, فإن حب الوطن والبلد من جوهر التدين, وهذا ما أكده رسولنا صلي الله عليه وسلم من خلال حبه لمكة فعندما أخرج منها قال والله اني لأعلم انك خير البلاد إلي الله وأحبها إلي ولولا أن أهلك اخرجوني منك ما خرجت. حديث حسن. سنن الترمذي. ويوضح الشيخ عبدالعزيز النجار مديرعام مناطق الوعظ بالأزهر الشريف أن مفهوم التدين هو الالتزام بكل ما أمر الله به ورسوله واجتناب كل ما نهي عنه الله ورسوله فقد روي أن النبي صلي الله عليه وسلم أجاب سائلا قال له قل لي في الاسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك فقال صلي الله عليه وسلم قل آمنت بالله ثم استقم والاستقامة هي بداية طريق الهداية من الله عزوجل وهي الالتزام بالأقوال والأفعال والأحوال فلابد أن يستقيم اللسان علي الصدق ويستقيم العمل علي الاتباع وتستقيم الأحوال علي الاخلاص فإذا ما التزم المسلم بالصدق مع الله ومع النفس ومع الآخرين عرف طريق الطاعة بالاستقامة والهداية فقد فاز بالفهم الصحيح وكان من الناجين في الدنيا والآخرة لقوله تعالي إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولاتحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ماتدعون نزلا من غفور رحيم والرسول صلي الله عليه وسلم يقول ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان فينبغي علي المؤمن الذي يريد أن يتذوق حلاوة الإيمان والانس بالله وطعم الاعتصام بالله ولذة الاتباع ان يجده الله حيث أمره ويفتقده حيث نهاه, ولايكون ذلك الابإخلاص القلب لله لقوله تعالي يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتي الله بقلب سليم, فسلامة القلب من المعاصي تجعل الانسان متذوقا لطعم الايمان ومن ذاق عرف ومن عرف سلك المسالك ومن سلك المسالك وصل إلي رب العالمين. ويضيف النجار: وأن تكون الدنيا هي أهون شيء في قلبه والدين اعظم شيء وأكبر همه لقوله قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقي وقوله أيضا وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقوني ياأولي الألباب, مؤكدا أن الإسلام جوهر لامظهر لقوله صلي الله عليه وسلم ان الله لاينظر إلي صوركم ولا أجسامكم ولكن ينظر الي قلوبكم, وعندما سخر الصحابه من ساق عبد الله بن مسعود قال لهم النبي صلي الله عليه وسلم لساق ابن مسعود عند الله أثقل في الميزان من جبل أحد ممايدل علي ان الإسلام ينظر إلي الأعمال لا إلي الأقوال وينظر إلي القلوب لا إلي القوالب.