بدت راقية في أدائها شامخة أنيقة وهي تتخير كلماتها تقديما لخطاب السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في حفل بدء العمل في حفر الفرع الجديد لقناة السويس في العام قبل الماضي, كانت كلماتها منتقاة ومعبرة غاية التعبير عن الموقف, وهي ميزة يتحلي بها أبناء وبنات الإذاعة المصرية الذين صقلهم الميكروفون وضاعف من ملكاتهم وقدراتهم الإذاعية, وبلغوا الغاية في فن الإلقاء والأداء الرصين بعد أن نهلوا من أيدي أساتذة عظام كانوا الصفوة في مجال الكلمة المسموعة, كانت صفاء حجازي وهي تقدم السيد الرئيس ليقول خطابه تجسد جيلا من المذيعين والمذيعات حقق ذاته, ووضع بصمته علي خريطة الإعلام المسموع والإعلام المرئي اللذين ينطلقان من ماسبيرو الجامعة الأثيرية الرابضة علي النيل في عاصمة العروبة. لقد سعدنا يومذاك بأداء وحضور صفاء وتساءل بعضنا كيف لا تقود هذه الإعلامية مسيرة ماسبيرو, وهي التي تشغل منصب رئيس قطاع الأخبار ثم هي ابنة الإذاعة التي نشأت مذيعة ومقدمة, برامج بالإذاعة, وشربت مبادئ الإعلام الذي لا يتعامل ويعمل إلا بالمهنية متسما بالحياد والمصداقية ويقدم الجهد إسعادا للمتلقي بكلمة طيبة أو لحن شجي وصوت عذب ودراما جاذبة. صفاء حجازي بعد أن صقلتها تجارب الميكروفون, وبلغت شأوا كبيرا في إجادة تقديم البرامج الإذاعية تلقفها التليفزيون حفيا بها سعيدا بقدومها لتبرز من بين كوكبة من أبناء وبنات جيلها كقارئة لنشرة الأخبار يستمتع المشاهد بأدائها, وبهاء طلقها وطلتها علي الشاشة الأمر الذي أكسبها جماهيرية وكثافة مشاهدة, وأخذت بعد ذلك طريقها في الترقي في سلم الوظائف بجدارة, واستحقاق نظير تميزها ودأبها وجهدها حتي وصلت إلي موقعها كرئيس لقطاع الأخبار, وهو القطاع ذو الأهمية البالغة, وكونه لا يصدر منه إلا الخبر الصادق الذي لا يحتمل أي تأويل أو شكوك, وجاءت السنة العجفاء التي حكم فيها إخوان السوء, وتربعوا علي عرش المسئولية في أنحاء المحروسة فإذا بأمور ماسبيرو تتأزم وصال وجال كل صاحب غرض والراغب في منفعة, ولكن صفاء حجازي نأت بنفسها وتمسكت بالمبادئ التي تربت عليها منذ أن كانت في أول السلم ووضعت نفسها في إطار الإخلاص في العمل حسبة لوجه الله ووجه الوطن, ولم تقم بحركات بهلوانية أدت بمن امتهنوا هذه الحركات إلي الوصول إلي مواقع لم يكن يدور في خلدهم يوما ما أن يصلوا إليها, وهنا بدأ التدهور والوهن يحل بمفاصل المبني, وتسربت منه الكفاءات تجاه الإعلام الخاص, ولم يبق إلا أصحاب الجهد الضئيل الذين لا يستطيعون تقديم العطاء الذي يبقي لماسبيرو ريادته, وقيادته الإعلامية وجاء من لا يحسن القيادة, ومن ليس له دراية بألف باء تقديم البرامج, ومن ليس له طلة محسوبة علي الشاشة إضافة إلي ضآلة في مناحي الإدارة بحيث يستطيع القبض علي ناصية الانضباط فتراخي الجميع, وظلوا في ثبات عميق لم نشهد خلال السنوات الماضية برنامجا مسموعا أو مرئيا يشد الانتباه ويترقبه المشاهدون, ولم يقدم ماسبيرو دراما يتهافت عليها الموزعون, وتشتريها الشاشات في العالم العربي, لم يقدم الجهازان المرئي والمسموع مواهب واعدة في ألوان الفنون المختلفة, إضافة إلي ذلك هناك الميزانيات المثقلة بالديون نتيجة المساواة في الأجور والمكافآت بين المجتهد والخامل ناهيكم عن التسبب الذي أدي إلي إظلام الشاشة قبل شهور في حادث هو الأول من نوعه, وناهيكم عن انفلات بعض مقدمات البرامج, وكأنهن يتآمرن علي الوطن, هذا ما آل إليه حال المبني الذي كان يمسك بعض الريادة الإعلامية, وينشر العلم والثقافة والكلام الطيب, وهذا ما وضعته الأقدار علي كاهل صفاء حجازي, وما يمثله من أحمال وأثقال تنوء بها العصبة أولو القوة. والاعتقاد الذي يسود ماسبيرو خلال الأيام الماضية, ومنذ أن تولت صفاء حجازي رياسة الاتحاد هو أنها ستكون عند حسن الظن بها قادرة بإذن الله علي اجتياز الصعب, وتخطي العقبات وارتقاء الموانع في سبيل استعادة الريادة, ونأمل أن تكون حازمة لا تخشي في الحق لومة لائم تعمل بقلب واثق, وبعزم لا يلين, وبأيد غير مرتعشة ليعود ماسبيرو منارة العلم والثقافة والخير الصادق واللحن العذب والصوت الجميل.