ومصر تحتفل بأقدس وأزهي انتصاراتها بتحرير سيناء بسواعد ودماء قواتها المسلحة الباسلة وتضحيات شعبها الحضاري; فإنها تتعرض لأشرس الحملات الجائرة ضدها وخطورة الحملة أنها تستهدف الدولة بمؤسساتها وقيادتها وثقافتها وحضارتها ونلاحظ ان تلك الحملة تصاعدت بعد ثورة30 يونيو; التي وان كانت في شكلها ثورة علي تنظيم رجعي إرهابي الا انها في مضمونها ثورة ثقافية لحفظ الهوية الحضارية كمشروع حضاري يستهدف الارتقاء بمصر الي وضعها الحقيقي كصانعة للحضارة. وملحمة التاريخ الرائعة, التي دونها كتابه كحدث حضاري باهر كانت بدورها دلالة كبيرة علي أصالة الحضارة المصرية وتأصل جذورها. وقد سبقت مصر غيرها من الأمم في مدرج الحضارة والارتقاء, بل إنها أكثر الحضارات رشاقة و جمالا. هذه الحضارة الباذخة الشماء التي فاقت حضارات العالم القديم جميعا, هي نتاج العمل المزدوج من التحدي والاستجابة هو الذي خلق مصر, وأبدع حضارتها لتكون أقدم حضارة عرفها التاريخ. وقد ظل هذا العمل المزدوج من التحدي والاستجابة يسود تاريخ مصر جميعا, لا في بداية تكوينها فحسب, بل في شتي حقب هذا التاريخ قديمها وحديثها علي السواء, حتي فيما يتصل بتطورها السياسي والفكري. وهذه الرواسب الكمينة في أعماقها من جلال الماضي وحكمته تتفاعل في عقلها الباطن لتقود خطاها وترشدها وتحددها الي الكمال, فلا تلقي في طريقها لغيا او نصبا, فهي دائما علي الهدي من طريقها لا تجور ولا تميل ولا تضل بها الخطي. ولشدة ما تنبعث هذه الأصالة في أحرج ساعات التاريخ حلكة وظلمة انبعثت في موقعة عين جالوت حين وقف المصريون أمام التتار يصدونهم عن حصن الحضارة والعروبة, وينقذون بقايا العالم المتحضر من دمار اكيد نزل من قبل ببغداد, فصيرها خرائب واطلالا. وظهرت في عين جالوت وفي حطين وآخرها في نصر أكتوبر.ولعل السر في هذه الأصالة هو قدرة مصر علي المحافظة والتجديد في وقت واحد, فليس لأية أمة من أمم الأرض علي الإطلاق مثل هذه القدرة علي المحافظة والتجديد في آن واحد. ولعلها السر أيضا في خلودها واستمرارها وتجدد شبابها علي الدوام. ان ما يقوم به الرئيس السيسي من بناء حضاري هو ما يوغر الصدور ويشعل نار الحقد ضد مصر وزعيمها لان ما يقوم به الرئيس وما تقوم به قواتنا المسلحة الباسلة هو سنة الله في أرض الكنانة. فكلما شاخت الحضارة المصرية في واديها انبعثت من جديد كأوفي ما تكون قوة و نماء, فغدا البقاء والاستمرار سمة وجودها الخالد. ستنتصر مصر بأصالتها وشموخها وستبقي مصر وفية لتاريخها علي الدوام ملحمة قائمة بذاتها لا شبيه لها ولا نظير بين ملاحم الأمم, ملحمة أعلنت نبأ ميلاد الحضارة الإنسانية. ان التحديات كبيرة والحملات علي مصر شرسة ولكن مصر عبر تحرير سيناء وثورة30 يونيو تجلت مناعتها ومقاومتها وأسفرت عن قوة هائلة اثبت الشعب عن طريقها أن نفسيته اعصي علي محاولات الحاقدين والإرهابيين والظلاميين والرجعيين, وثقافته أبقي من محاولات الاحتلال والارتهان, وحضارته أعرق في سجل الزمن, من ضلال التنظيم الإخواني وأزلامه ومن فساد الضمير وغياب الشعور الوطني. سننتصر علي مؤامراتكم وسنكمل مشروعنا الحضاري. سنهزم حملاتكم بأصالة وتحدي شعبنا وجسارة قواتنا المسلحة.