استضافت العاصمة السعودية, الرياض قبل نهاية الأسبوع الماضي أول قمة مغربية خليجية أطلقت ما وصفه البيان الختامي للقمة بالتكتل الاستراتيجي الموحد بين دول الخليج والمغرب, الذي يؤكد الالتزام بالدفاع المشترك عن أمن بلدانهم واستقرارها واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها وثوابتها الوطنية, ورفض أي محاولة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار, ونشر نزعة الانفصال والتفرقة لإعادة رسم خريطة الدول أو تقسيمها, بما يهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي. ما خرجت به أعمال قمة الرياض لا يختلف عن نتائج لقاءات الرئيس عبدالفتاح السيسي في القاهرة مع كل من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز, وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد, في زيارتيهما لمصر قبل وبعد قمة الرياض, بل تتجاوزه تأكيدات واضحة لا لبس فيها جاءت علي لسان الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة بأن أمن الخليج خط أحمر لا ينفصل عن الأمن القومي المصري, وأن ارتباط مصر بمحيطها الخليجي ارتباط قوي ووثيق, وأن التعاون بينهما يمثل أرضية مناسبة لدعم العمل العربي المشترك. دول الخليج تدرك جيدا أن مصر هي سندها في مواجهة تهديدات إقليمية, تتزايد مخاطرها اتساقا مع التطورات التي يشهدها المحيط الإقليمي لدول الخليج, وهو ما يبدو واضحا في تأكيدات وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية, الدكتور أنور قرقاش علي أن أية إستراتيجية تستهدف تحقيق الاستقرار والاعتدال تتطلب تحقيق النجاح في مصر التي عادت إلي مكانها الضروري والتاريخي في مركز العالم العربي.. وأن الرهان الإماراتي علي السعودية ومصر رهان علي العرب والاعتدال والخروج الاستراتيجي من نفق الأزمة وحال الضعف الذي يواجه الأمة العربية هو الرهان الكاسب. واختتم تغريدة له علي موقع التواصل الاجتماعي تويتر بأن الزيارات الناجحة للملك سلمان بن عبد العزيز والشيخ محمد بن زايد إلي مصر تعد تأكيدا للرؤية الاستراتيجية علي ضرورة الخروج من أزمات العرب, مؤكدا أن مصر تمثل ركيزة في هذه الرؤية. إذا كانت دول الخليج قد بدأت في التحرك بشكل عملي لترجمة مقترح توسيع عضوية المجلس لتشمل كلا من الأردن والمغرب, فعليها أن تحسم أمرها في صياغة الإطار الذي سيندرج تحته التعاون الاستراتيجي مع مصر, وعليها أن تتعامل بحسم, مع من يخرج عن الإجماع الخليجي داخل منظومة العمل الخليجية ويقف ضد المصالح المصرية, فليس مقبولا أن تتحدث مصر عن أمن الخليج كوحدة متكاملة باعتباره جزءا لا ينفصل عن الأمن القومي المصري, بينما هناك انقسام وتباين داخل الكيان الخليجي في التعامل مع مصر. هناك مسئولية لا يصح تجاهلها, ويجب أن تتصدي لها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من أجل ضبط إيقاع المنظومة الخليجية, ولا يكفي الارتكان إلي محور القاهرةالرياضأبوظبي باعتباره محورا مركزيا للتنسيق السياسي للتعامل مع قضايا المنطقة, وبديلا عن مظلة أوسع وأرحب للعمل المصري الخليجي المشترك. وإذا نجحت دول الخليج في تجاوز تضارب توجهاتها, وتوحدت في رؤيتها وقناعاتها بشأن دور مصر في التصدي للتهديدات التي تواجه الخليج والمنطقة, حينها قد يبدو إن الاقتراح الخاص بتوسيع عضوية مجلس التعاون الخليجي بضم مصر, كما هو الحال بالنسبة الي الأردن والمغرب, هو الأقرب للتطبيق لمواجهة المخاطر والتهديدات الراهنة والمحتملة, وذلك في إطار تحقيق المصالح المتبادلة والمشتركة, إلا أن وضع هذا المقترح موضع التنفيذ يتطلب مناقشات جادة, وإدراكا لطبيعة التحديات التي تواجه مصر ودول الخليج علي حد سواء, وحينها ستنعقد أول قمة مصرية خليجية.