حادث اختطاف الطائرة المصرية من مطار برج العرب وما تلاه من مقارنات أطلت بقوة داخل نفوس المصريين حول الموقف العالمي من التفجيرات الإرهابية التي شهدها مطار بروكسل أثار تساؤلات عديدة عن صحة تناولنا الإعلامي لما يرتبط بصورة مصر داخليا وخارجيا وغياب الخط الفاصل بين الفوائد التي تعود علي الفضائيات والصحف من تضخيم أي حادثة علي أراضينا وربطها مباشرة بالعمليات الإرهابية وبين تقدير مطلوب لمصلحة الوطن. التناول الإعلامي لمثل هذه الأحداث والتعاطي معها إعلاميا يمكن الحكم علي مدي حرفيته من مردوده وانعكاسه علي نظرة العالم الخارجي لنا فمنذ حادث الطائرة الروسية بمطار شرم الشيخ مرورا بمقتل الشاب الايطالي ريجيني وانتهاء بحادث اختطاف الطائرة من مطار برج العرب وإعلامنا يكرس سواء عن قصد أو بحسن نية لما يحاول أعداء مصر الترويج له من أن مصر غير أمنه وان الإرهاب يضربها كل يوم ومن ثم لم يكن مستغربا اتخاذ الدول الأوروبية قرارات متشددة وقاسية تجاهنا ولم لا وإعلامنا المقروء والمرئي يسير علي هذا الدرب. نقطة ضعف واضحة يجب الاعتراف بها وهي عدم احترافية الهيئة العامة للاستعلامات في التعامل مع وسائل الإعلام الخارجي وتحركها دائما من منطقة رد الفعل والدفاع دون أن تأخذ زمام المبادرة بالتواصل مع الميديا العالمية. هذا الضعف وان كانت الهيئة تتحمل الجانب الأكبر منه إلا انه لا يمكن إبراء ذمة الحكومة منه فلم يحدث وفقا لمعلوماتي أن تم اجتماع بين رئيس الوزراء أو وزير الخارجية أو وزير السياحة مع رئيس هيئة الاستعلامات للاتفاق علي الرسالة المطلوبة من الهيئة للتعامل مع مثل هذه الأحداث. أعلم أن البعض سيقول أن الهيئة محكومة بميزانية محددة وكوادر ربما لم تؤهل نسبة ليست بالقليلة منها للتعامل مع الميديا العالمية بشكل احترافي ولكن هذا القول مردود عليه بأن استمراء هذا الوضع دون إجراءات حقيقية لعلاجه يهدر علينا الكثير ويتسبب في تأزم الموقف المصري علي جميع الأصعدة. لنتذكر جميعا كيف نجحت بلجيكا في تجييش الميديا العالمية بما فيها المصرية للوقوف إلي جانبها بعد تفجيرات لكسمبورج فلم تتخذ اي دولة قرارات حظر طيران أو تعليق رحلات أو منع للسياحة بل اتجه الجميع إلي التضامن معها دون أن نسمع تصريحا أو تلميحا يتناول قصور الإجراءات الأمنية في المطار الذي شهد التفجيرات. عودة السياحة والاستثمارات الأجنبية إلي مصر أراه مرهونا بشكل كامل بتغيير نظرة الغرب إلي بلدنا وعدم التهويل من اي حادثة تقع فليس معقولا ونحن نتحدث عن تحديات جسام تواجهنا أن يستمر إعلامنا علي نهجه الحالي محلقا فوق أشلاء السلبيات دون محاولة البناء فليس المطلوب تركيز كل الأضواء علي المشكلات والكوارث دون تبني خطابا يساعد علي البناء والنهوض. استغراق الحكومة في محاولات علاج المشاكل الاقتصادية التي تواجهنا ليس كافيا التحرك والسير فيه دون أن تتجه الأنظار إلي أهمية مخاطبة الأخر بلغة يفهمها..لغة ترسخ قيم ورؤية نريد أن تستقر في عقول وأذهان من ينظرون إلينا واستطيع القول إن إعادة صياغة أدواتنا في التعامل مع الميديا العالمية وكذلك إعلامنا المحلي يجب أن تحتل أولوية قصوي لأنها تمثل النافذة التي ينظر الآخرون إلينا من خلالها ولا أدري كيف نطلب من الآخرين أن يتحلوا بالعدل والإنصاف في التعامل معنا ونحن أنفسنا لا نتعامل مع وطننا بذلك. قيام الحكومة بتبني رؤية للتعامل الإعلامي مع قضايانا داخليا وخارجيا ليس ترفا ولكنه ضرورة حتمية فنحن نحتاج أن يسمع الغرب صوتنا بنبرات وعبارات تعكس أهدافنا وأمالنا ووقتها يمكننا أن نري هل يتم التعامل معنا بإنصاف أم لا. [email protected]