الشباب هم عماد كل أمة وعنوان قوتها في كل زمان فإذا اهتمت ببناء شبابها كانت أمة قوية وإذا أهملت في الاهتمام بالنشء صارت أمة ضعيفة ليس لها بين الأمم القوية مكان والمتأمل في حال الشباب الآن يري أنه في حالة لاتسر أحدا غير العدو فقط فهو يريد امة هشة شبابا مغيبا رغم إن الإسلام له رأي أخر وأسلوب في صنع رجال المستقبل فكان من الشباب قادة للجيوش وحكام علي البلاد. حول كيفية صناعة رجال المستقبل والاستفادة منهم والاعتماد عليهم في بناء الأمة. وكيف كان اهتمامه صلي الله عليه وسلم بالشباب حتي صنع بهم دولة, وفي أقل فترة زمنية صارت أقوي دولةاقتصاديا وعسكريا وأمنيا وعلميا يقول الدكتور حذيفة المسير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف إن الشباب هم عماد الأمة ومستقبلها فمن اراد أن يبني لأمة مستقبلا فعليه بشبابها لأنهم قوة الحاضر وعماد المستقبل, فواجب الأمة أن تنظر إليهم بعين الاهتمام وأن تربيهم في جوانب حياتهم ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وعلميا إلي غير ذلك من أمور تؤدي لشباب قوي قادر علي تحمل المسئولية, ولأن الإسلام يبني أمة مستقرة فلم يهمل توجية النشء والشباب, بل حكي القرآن الكريم عن فتية أمنوا بربهم فزادهم هدي وجعلهم محلا لبيان قدرته تعالي التي لايعجزها شيء وهم فتية الكهف الذين ذكرت قصتهم في سورة مخصصة كما حكي القرآن عن شباب يوسف عليه السلام وكيف استطاع في شبابه أن يراقب الله عزوجل وأن يبعد نفسه عن مواطن التهمة والمعصية وأن يفهم ضرورات الحياة وأولوياتها حيث توجه لربه قائلا لماخير بين المعصية أو السجن فقال: رب السجن أحب إلي ممايدعونني إليه.. وأن النبي صلي الله عليه وسلم اهتم بالشباب تربية وتوجيها في جميع مراحل الدعوة فكان من أوائل من آمن بدعوة الإسلام زيد بن حارثة وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهما, وكانا في أوائل سن الشباب, وبلغ اهتمامه صلي الله عليه وسلم بالشباب وتوجيهه المتنوع أنه كان صلوات الله عليه يشاورهم في أمور الدولة وأحوالها فعندماعلم بقدوم قريش في غزوة أحد شاور الشباب في الخروج إليهم أو المقام بالمدينة فكان رأي كثير من الشباب أن يخرج المسلمون إليهم ليلاقوهم خارج المدينة رغم أن رأي النبي صلي الله عليه وسلم كان خلاف ذلك غير أنه أخذ برأي الشباب وعمل بمشورتهم ونزل القرآن يمدح تلك المشورة ويأمر با لاستمرار عليها فقال تعالي فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين. وكذلك كان من توجيهه صلي الله عليه وسلم ومعاملته للشباب أنه كان يتخذ منهم قادة للجيوش وحكاما في الدولة اذا رأي منهم الكفاءة المناسبة, لذلك فقد ولي عليا بن ابي طالب علي اليمن وهو في ريعان شبابه كما ولي أسامة بن زيد جيش المسلمين الموجه لحرب الروم وأسامة لم يكن قد جاوز العشرين ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل كان صلي الله عليه وسلم يحتوي اندفاع الشباب ويوجههم بالكلمة والنصيحة التي تعيد ثوران الشباب إلي عقل يدفع الانسان إلي الالتزام والهدي لحديث الشاب الذي اتي النبي وسأله أن يبيح له الزنا فلما هم الناس به قال صلي الله عليه وسلم دعوه ثم قرب الشاب إليه ونصحه قائلا هل ترضاه لأمك أو لأختك أولابنتك والشاب يجيبه:لا والرسول يقول وكذلك الناس لايرضونه لأمهاتهم ولالبناتهم ولا لأخواتهم وفي نهاية الموعظة دعا له اللهم اغفر ذنبه وحصن فرجه ليقوم الشاب وهو يبغض تلك المعصية. ويضيف حذيفة كما أنه صلي الله عليه وسلم كان يمدح إقدام الشباب وقوته وشدة سعيه في اي مجال فعندما مرصلي الله عليه وسلم واصحابه علي شاب مفتول العضلات أعجب الصحابة وقالوا لوكان هذا في سبيل الله فرد عليهم الرسول:لوكان يسعي علي نفسه ليعفها فهو في سبيل الله, ولوكان يسعي علي أولاده الصغار فهو في سبيل الله ولوكان يسعي علي ابوين كبيرين فهو في سبيل الله. ويشير إلي أن الرسول الكريم كان يغتنم في الشباب نهمه للعلم والمعرفة وتفتح العقل للعلوم والمعارف الكبري لقول ابن عباس رضي الله عنهما كنت ردف النبي صلي الله عليه وسلم أخلفه فقال ياغلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك, إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا علي أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك, رفعت الأقلام وجفت الصحف ويوضح حديث انس ابن مالك رضي الله عنه:خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط, وما قال لشيء صنعته لم صنعته, ولا لشيء تركته لم تركته, وكان رسول الله من أحسن الناس خلقا, ولا مسست خزا قط ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله, ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق رسول الله مدي تعامله برفق مع الشباب حيث قال صلي الله علية وسلم يا أنس اتعلم ماحق الله علي العباد؟ وماحق العبادعلي الله؟فقال حق الله علي العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد علي الله ألا يعذب منهم من لايشرك به شيئا فكل هذه المواقف ترشد الامة الي كيفية حرص النبي صلي الله عليه وسلم علي أن تنتفع الأمة بشبابها وبحماستهم فتوجه طاقتهم لما ينفع ويعلي الهمة. ويؤكد الدكتور حذيفة ان المجتمع يجب ان يتبع منهج المصطفي في تعاملات مع النشء والشباب فلايستخف بعقولهم ولا يستهزأ بأفكارهم ولايرفعهم فوق مايعرفون لانهم في حاجة لحكمة الشيوخ والشيوخ يحتاجون لقوة الشباب بل يجب أن تكون القدوة الحسنة والتربية في الصغر هي اساس الاستقامة في الكبر فلايعقل ان يطالب الشباب بما لانفعله كما يجب ان تحرص كل اسرة علي تعميق الصلة بين ابنائها وبين خالقهم وان تضعهم علي طريق الهداية من خلال تقديم القدوة الحسنة التي يحتاجها الشباب حتي لاينزلقوا في براثن الشر. كما يبنغي علي الدولة وضع حاجات الشباب في أولوياتها وتيسيرها لهم دون سخرية أو استهزاء اوتأجيل لأن المجتمع المتماسك هو الذي يجد كل فرد فيه مايشبع حاجاته من غير أن تفتح لهم طرق المعصية أوسبل الضلال, فالعجيب أن تجد في مجتمعاتنا من يوجه طاقات الشباب إلي غير هدي ويستثمر اندفاعهم في غير صواب كمسابقات للرقص والغناء وغيرها من البرامج التي لاتقدم نفعا ولا أسئلة تحترم ذكاء الناس لمجرد اجتذابهم والاستيلاء علي أموالهم الامرالذي يؤدي لضياع الثقة لدي الشباب فيفقد علاقتة بأسرته ومجتمعه. ويقول الشيخ عبد العزيز النجار مدير مناطق الوعظ بالأزهر الشريف أن الشباب يفتقد الآن للقدوة, وهناك فجوة كبيرة بين الجيل الحالي والجيل السابق وساهم في بناء تلك الفجوة التقدم التكنولوجي المذهل والانفتاح الثقافي ووسائل التواصل الحديثة والتي جعلت الشباب ينظرون إلي الجيل السابق الذي لم يأخذ حظا كافيا من التعليم والتقنية الحديثة علي أنه لايعرف شيئا وأنهم خلقوا لزمن غير هذا الزمن وأن تفكيرهم توقف عند الزمن الماضي فأغتر كثير من الشباب بما أوتوا من العلوم الحديثة مماجعلهم ينفصلون كليا عن الماضي أقصد الجيل السابق. ويري عبد العزيز كان ينبغي أن يكون هناك لغة حوار وتواصل دائم مع الشباب حتي يتصل الشباب بثقافاتهم الإسلامية ولاينجرفون خلف العلمانية والمادية ويصعب علي الآباء التعامل معهم كما أن التنشئة الدينية منذ الصغر لها عامل كبير, وتأثير إيجابي علي مستقبل الشباب الذين يدعمون التقدم والرقي والحضارة فعلي سواعدهم تتقدم الامم فكريا واقتصاديا وادبيا وسياسيا وامنيا كما يبنغي الاهتمام بالمناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة التي تصنع رجال المستقبل فكان صلوات الله عليه وسلم يقول أدبوا أولادكم علي ثلاث خصال حب نبيكم وحب أهل بيته وقراءة القرآن فإن حمله القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبياء الله وأصفيائه ومن هنا كان اهتمام النبي صلي الله عليه وسلم بالشباب وتربيتهم علي منهج القرآن الكريم, وظهر ذلك عندما كان الرسول الكريم يستعد للخروج لغزوة أحد ونزل عن رأيه, وعن أراء كبار الصحابة رضوان الله عليهم إلي رأي الشباب لكي يعلم الأمة كيف تتعامل مع الشباب وكيف أحترام أرائهم حتي لو تصادمت وتعارضت مع أراء الكبار لكي ينمي عقولهم ويدربها علي كيفية التعامل مع المواقف فضلا عن تنشئتهم علي احترام رأي الاخر فلم يقل أنهم صغار وليس عندهم خبرة في الحياة وعليهم أن يمتثلوا ولذلك نزل قوله تعالي فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين.