يظل حزب الكرامة واحدا من الأحزاب الناصرية التي سطع نجمها في فترة مابعد الثورة لمشاركته الأولي في ميادين25 يناير وانضمامه مبكرا إلي جبهة المعارضة ودوره مع أحزاب جبهة الإنقاذ في التصدي لمحمد مرسي وجماعة الإخوان رغم تحالفه السابق معها في انتخابات.2012 لكن يؤخذ علي الكرامة أنه غير متصل بالشارع وأنه فشل في أن يكون جزءا من معادلة البرلمان الحالي إضافة إلي انتقادات وجهت لزعيمه حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق عقب خروجه التليفزيوني الأخير بأنه يحاول تأليب الشعب علي النظام القائم خاصة وأن حواره جاء قبل عدة أيام من الذكري الخامسة لثورة25 يناير. كل هذه الاتهامات وغيرها وضعناها علي مائدة المهندس محمد سامي رئيس حزب الكرامة وعضو لجنة الخمسين الذي لم تخرج كل إجاباته عن إطار الصراحة والموضوعية وأحيانا كثيرة إعمال المنطق: كيف تري الأوضاع في مصر الآن بعد اكتمال خارطة الطريق؟ خرجت المرحلتان الأولي والثانية من خارطة الطريق بكفاءة تقترب من95% أما المرحلة الثالثة والأخيرة المتمثلة في انتخابات البرلمان فتمت بكفاءة ربما أقل من50%. لماذا؟ لضعف مشاركة الناخبين حيث لم تتجاوز نسبتهم25% إضافة لتدخل بعض الأجهزة والمال السياسي وهذا ماترتب عليه إنجاز المرحلة الأخيرة بكفاءة أدني من المرحلتين السابقتين. وفي تقديري أن الخطأ الأكبر الذي وقعنا فيه في لجنة الخمسين وبين القوي السياسية وأنا واحد منهم أننا عكسنا ما جاء في توصيات لجنة العشرة للدستور من أن تكون الانتخابات البرلمانية أولا يعقبها الانتخابات الرئاسية ولم نكن نقرأ الغيب وأعتقد أنه لو عاد بنا التاريخ لفضلنا أن تكون الانتخابات البرلمانية أولا وذلك لأن القانون الذي أجريت به انتخابات مجلس النواب يفرض القائمة المطلقة ولايوجد له مثيل في العالم. لكن البعض يري أنه بإجراء الانتخابات الرئاسية واكتمال مؤسسات الدولة بانتخاب البرلمان أحدث نوعا من الاستقرار والطمأنة؟ إلي حد كبير هذا الكلام حقيقي لأن سفينة الوطن بدأت تسير في المياه المستقرة ويجب ألا نغفل أن هناك قضية أساسية تقوم الدولة علي مواجهتها وهي قضية الإرهاب وإن كان هناك قبضة أمنية قوية لاستشعار وجود خطر في هذا التوقيت. أنت تحدثت عن المشهد السياسي وربما هذا يأخذنا للسؤال عن رؤيتك لنتائج الانتخابات البرلمانية ورأيك في البرلمان بتشكيلته الحالية؟ أولا دعنا نعترف أن البوصلة وأداة القياس هي المصلحة الوطنية لذلك لابد أن نسلم أن انتخابات مجلس النواب والانتهاء من المرحلة الثالثة لخارطة الطريق هو إنجاز ضروري للدولة ومهم أيضا لأن القوي الخارجية والمؤسسات الدولية والجهات المانحة كان عندها شرط رئيسي في أن يكون كل ما يتم إبرامه من اتفاقيات لابد أن يتم في وجود البرلمان. كذلك أنا أري أن النسبة الساحقة من أعضاء البرلمان هم ليسوا ضد الرئيس السيسي ولا نستطيع أن نتصور أن هناك حالة ازدواج أو حالة تربص من المجلس تجاه الرئيس أو من السلطة التشريعية تجاه السلطة التنفيذية. لكن المجلس الحالي به حالة من الشتات وغير واضح المعالم ولاتوجد به أغلبية واضحة ولا حتي معارضة حتي الآن وائتلاف دعم مصر به العديد من الانقسامات؟ نعم لكنني أعتبر أن النظرة الإيجايبة لتشكيلة المجلس ربما تعطينا قدرا من التفاؤل, وهذه النظرة تتمثل في وجود عدد لا بأس به من الشباب والأقباط ونسبة غير مسبوقة تاريخيا للمرأة ولذلك لا نجد حالة الاحتقان التي كانت سائدة في المجالس السابقة لشعور بعض الفئات بأنها مغبونة فليست هناك أقلية من الأقباط تشعر بالتهميش ولا مرأة تمثيلها من أسوأ تمثيل في برلمانات إفريقيا. لكن ربما هذا الاحتقان مازال موجودا لدي الأحزاب التي لم تصل للبرلمان وأنت نفسك قلت إن حزب الكرامة لديه فرصة للحصول علي30 مقعدا وكانت النتيجة صفرا؟ النظرة الشاملة هي النظرة الموضوعية ولذلك لابد أن نكون موضوعيين في قراءتنا لهذا المجلس وبالنسبة للنظرة الحزبية سنجد أن صياغة المعركة الانتخابية بقانون الانتخابات الحالي فرض علي كل الأحزاب المعتمدة علي مواردها الذاتية أن تكون خارج معادلة البرلمان. وبنظرة للأحزاب التي حققت حضورا مؤثرا في المجلس سنجد أنها أحزاب جاءها تمويل ضخم وهائل من رجال الأعمال سواء كان ذلك في حزب المصريين الأحرار أو الحزب الوهمي المسمي بمستقبل وطن. فمعادلة التنافس كانت معادلة غير متكافئة علاوة علي أنه جري حوار داخل حزب الكرامة وكانت هناك نسبة تقترب من50% من أعضاء الهيئة العليا رفضت عدم دخول الانتخابات وفي النهاية أخذنا قرارا بألا نحجر علي أحد في تقرير خوض المعركة الانتخابية من عدمه لكن حماسنا للمشاركة كان معدوما. ولماذا تعلقون دائما فشل الأحزاب وفشل حزبكم علي شماعة المال السياسي في حين يراكم البعض غير متواجدين في الشارع وغير ملتصقين بالجماهير؟ الحديث عن التواجد في الشارع وهمي ومبالغ فيه.. ودلني أنت علي حزب متواجد في الشارع من من الأحزاب التي نجحت في الانتخابات موجود في الشارع..لكن نحن في حزب الكرامة كنا موجودين في الشارع وقت الأزمات وخلال مشاركتنا بجبهة الإنقاذ وفي25 يناير وفي30 يونيو وبخلاف ذلك ليس المفترض أننا نعلق يافطة علي ضهرنا مكتوب عليها إحنا موجودين في الشارع. لكن الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء الأسبق قال في حوار سابق معي إن حزب الكرامة لا يضم سوي12 عضوا؟ كيف يكون لدينا12 عضوا وعند فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية كنا الحزب الوحيد في مصر الذي جمع30 ألف توكيل لمرشحه حمدين صباحي. لكن قد يكون جزءا منهم من المتعاطفين وليس بالضرورة أعضاء في الحزب؟ طبعا كان هناك منهم متعاطفون لكن النسبة الأكبر والغالبية العظمي من أعضاء الحزب بالمحافظات. وكم يبلغ عدد أعضائكم الفعليين؟ لدينا18 ألف عضو يصلون إلي25 ألفا بالأعضاء المنتسبين. لكن تحالفكم السابق مع الإخوان في انتخابات2012 أفقدكم جزءا من مؤيديكم؟ نعم هذا صحيح لكني أذكرك أن الحكمة لا تأتي بأثر رجعي وقد كان شأننا وقتها شأن سائر المصريين لم نكن نعرف أطماع الإخوان والدليل أنه كان هناك77% من أعضاء مجلس الشعب وقتها من الإخوان والسلفيين. وتحالفنا معهم كان حسن النية فهم كانوا يلتقون معنا علي الشعارات نفسها فقد كانوا معنا ضد التوريث وضد الفساد وضد طغيان السلطة ومن اختلف معهم في تلك الفترة اختلف حول المحاصصة مثل حزب الوفد وآخرين لكننا كنا من أوائل الذين انسحبوا من الجمعية التأسيسية للدستور عندما رأينا الوجه الآخر للإخوان. لماذا وصفت قانون الانتخابات بأنه كارثي وعواقبه ستكون وخيمة؟ لأن ما قلته تبين صحته فقد صدر قانون الانتخابات ب80% للفردي و20% للأطراف التي نوه الدستور علي تمثيلها وهي المرأة والشباب والأقباط والعمال والفلاحون وذوو الإعاقة والمصريون بالخارج وكنا معترضين في أحزاب جبهة الإنقاذ علي هذا القانون وقدمنا تصورات كثيرة لكنه تم تجاهلها وجاءت القوائم مطلقة بشكل سيئ لا نظير له في العالم. لكن قد يرد البعض عليك ويقول إنكم كأحزاب تتصارعون علي القوائم لأنكم لا تستطيعون الفوز بالمقاعد الفردية؟ أولا الرؤية الحضارية والمتسقة مع التجارب الديمقراطية علي مستوي العالم تتحدث عن القوائم باعتبارها المسار الطبيعي لتمثيل فئات الشعب. وثانيا أن نسبة من شاركوا في الانتخابات لم تتجاوز22% وهذا يدل علي أن حالة الرضا والمشاركة لم تكن موجودة وثالثا أن تدخل بعض الأجهزة كان واضحا وتقدم علي سبيل المثال حزب لا كان في الشارع ولا كان في البيت ولا كان في الحارة وهو حزب مستقبل وطن وهذا حزب أصلا ليس له برنامج ولا تاريخ ولا مقدمات لأي دور وطني تجعله يحصد المركز الثاني في التمثيل البرلماني. لماذا لم تترشح للبرلمان.. هل كنت إذا تنتظر التعيين من قبل الرئيس؟ لا ولو عرض علي التعيين في البرلمان كنت سأعتذر. وبمناسبة الحديث عن الرئيس هل أنتم في حزب الكرامة تدعمون الرئيس؟ أنا لن أرد عليك بعبارات دبلوماسية أو كلام للاستهلاك أنا أقول إن العلاقة مع الرئيس السيسي مختلفة عمن سبقوه فنحن لا يمكن أن نتصور مثلا أن نلتقي مع حسني مبارك أو نظامه ولم نكن نتصور أن نتعاون مع مرسي والفارق هنا أن الرئيس السيسي جاء بإرادة شعبية. ونحن نحمل يقينا أنه نظيف اليد نزيه الدوافع وبالتالي فإن التعامل معه بثقافة المعارضة التي كانت موجودة في عهد مرسي ومبارك سيكون ظالما وغير موضوعي وبالتالي فالمستقر يقينا لدينا في حزب الكرامة أننا سوف ندعمه في كل قراراته وتوجهاته ومشروعاته لصالح الوطن وسوف ننقده عندما يكون مثارا للنقد. لكنك اتهمت جماعة في السابق بأنها تحاول عزل الرئيس السيسي عن الآخرين. فمن هي هذه الجماعة ولماذا تفعل ذلك؟ هذه الجماعة المعاونة للرئيس مازالت موجودة ومازالت تحاول إبعاده عن التواصل الطبيعي مع الأحزاب والقوي السياسية رغم أن الرئيس دعانا في بداية عهده للاجتماع معه ونحن الذين شاركناه في30 يونيو التي لو فشلت لاقدر الله لنكل الإخوان بنا. لكن رغم لقائك بالرئيس إلا أنك اتهمت الدولة بأنها تتعمد تجاهلكم وتعاملكم علي أنكم أبناء البطة السوداء؟ نعم ومازال هذه الإحساس موجودا وسأضرب لك مثالا بأحد الأشخاص تظاهر ضد مرسي فحكم عليه بالسجن3 سنوات طبقا لقانون التظاهر فقدمنا التماسا للرئاسة ولكل الجهات للإفراج عنه ولم يستجب لنا أحد وخرج الشخص الأسبوع الماضي بعد قضاء عامين في السجن وذلك بعفو مشروط. لكن هناك من ينادي بضرورة وجود حزب للرئيس فهل تتفق مع هذا الطرح؟ مستحيل نقبل ذلك.. ففكرة إعادة إنتاج الحزب الوطني أمر لا يمكن قبوله والرئيس نفسه لن يقبله لأنه دستوريا ينبغي أن يكون الرئيس فوق كل الأحزاب وبالتالي لامعني ولا منطق أن يؤسس الرئيس لنفسه حزبا أو تقوم جماعة بتأسيس حزب للرئيس وهذا يأخذنا ربما لشعار دعم مصر الذي تم التهكم عليه فأنت تدعم مصر إذن هل الباقون لايدعمون مصر مثلا؟!. بعودتنا للحديث عن دعم مصر لماذا تري أن الانقسامات التي حدثت بالائتلاف مؤخرا ظاهرة صحية؟ نعم ظاهرة صحية لأن إعادة ثقافة الحزب الوطني والصوت الواحد أمر مرفوض ووجود أشخاص علي طريقة أحمد عز وكمال الشاذلي غير مطلوب وغير مقبول وهنا أحيي القيادات النيابية التي رفضت أن تشكل قطيعا يوجه بإشارة من اليد. أنت كنت أحد المتوقعين لحل هذا البرلمان. فهل مازلت تتبني وجهة النظر نفسها؟ لا أتوقع ولا أتصور أن هناك دواعي الآن لحل البرلمان وكما قلت لك لابد أن نجعل بوصلتنا دائما هي مصلحة الوطن. لذا فالدواعي الوطنية تفرض علينا أن نصبر علي هذا المجلس لإنجاز مهامه العاجلة والتي كان من بينها تمرير القوانين التي تمت في غيبة البرلمان وترجمة الدستور إلي قوانين لذلك فأنا أعتقد أن طرح شعار حل البرلمان الآن لا يتسق مع المصلحة العليا للوطن. بصفتك أحد أعضاء لجنة الخمسين هل أنت مع دعوات تعديل الدستور؟ الدستور ليس نصا مقدسا وليس قرآنا ويخضع للمراجعة طبقا للمنطق لكن عندما تخرج الدعوات الآن قبل تنفيذه تبدو وكأنها دعوات يقصد بها أمر آخر. والأمر الثاني أن الدعوات التي تتحدث عن توسيع صلاحيات الرئيس تجعلنا نسأل هل من العقل أو المنطق أن المجلس التشريعي تخرج بعض أطرافه للتنازل عن صلاحياته لصالح الرئيس وهذا من شأنه أن يحمل الرئيس كل النتائج التي تحدث سلبا. أنا مع توجهات الرئيس تماما في المشروعات العملاقة ولكني أطالبه بتوسيع دائرة المشاركة وأن يكون هناك حوار يضم كل الأطراف ويبقي للرئيس الفضل في هذا. هذا يأخذنا ربما للسؤال عن رأيك في اللقاء التليفزيوني الذي خرج خلاله حمدين صباحي ووجه انتقادات كثيرة للنظام؟ أولا أنا كنت معترضا علي خروج حمدين في هذا اللقاء وسبب اعتراضي أن حمدين يتعرض لحملة شرسة فلو عطس سوف تجد الآلاف من المواقع والميليشيات الإلكترونية تهاجمه وبالتالي كان تقديري أنه لا يتحدث في هذه المناسبة. الأمر الآخر أن حمدين أبدي بعض الانتقادات وهي من وجهة نظري في محلها ولكن لطبيعة البرنامج وظروف وقته لم يستطع أن يتحدث باستفاضة عن بعض الأمور التي خلقت نوعا من اللبث سواء في موضوع الإخوان وفض رابعة أو الحديث عن الدكتور محمد البرادعي فهو اكتفي بإشارات سريعة لم تصل للعامة. لكن البعض أخذ علي حمدين صباحي ظهوره قبل الذكري الخامسة لثورة يناير بعدة أيام وقالوا إنه بذلك يحاول إثارة الشباب؟ هذا الأمر مردود عليه لأننا في حزب الكرامة وفي التيار الديمقراطي بأحزابه الستة اتفقنا قبل اللقاء التليفزيوني وفي وجود حمدين نفسه وباقي القيادات أنه لاخروج في الشارع يوم25 يناير وأعلنا أن الاحتفال سيكون بمقراتنا فقط دون النزول للشارع حتي لا ننضم إلي الدوافع التآمرية للقوي المتأسلمة وكان حمدين من الموافقين علي هذا القرار. أيضا تحدث حمدين عن جماعة الإخوان دون وصفها بالإرهابية وقال إنه يجب التعامل مع شبابها علي أنهم مواطنون عاديون فهل هذا معناه دعوة للمصالحة وهل أنتم في حزب الكرامة توافقون علي هذه المصالحة؟ نحن داخل حزب الكرامة نعمل بشكل مؤسسي حيث يكون القرار عبر الحوار الديمقراطي واحترام مكانة وتاريخ من هم داخل هذه المؤسسة ولا يمكن أن نختزل هذا الموضوع في عبارة أو تصريح قاله محمد سامي أو حمدين صباحي فهناك هيئة عليا ومكتب سياسي للحزب. ماذا لو قلت أنت في ظل موقعك كرئيس للحزب نتصالح مع الإخوان؟ في هذه الحالة الهيئة العليا تروحني البيت.