من الضرورات القصوي في هذا الزمن: أن يكون الإعلام, وبخاصة الإعلام الديني, هادفا جذابا, ولكي يتحقق ذلك لابد من أمور تتعلق بالإعلامي الناقل للمعلومة ذات المواصفات السابق ذكرها في المقال المتقدم; ليدخل هذا الإعلامي بفكره ولفظه إلي عقول الناس وقلوبهم. وفي مقدمة هذه الأمور التي يجب أن تتحقق في الإعلامي: التخصص, والكفاءة العالية, والإبداع, فلا تكفي الهواية, والحب, والتعلم العام دون تخصص بل من الضروري انتقاء الإعلامي المتخصص, المبدع, صاحب الكفاءة العالية, ليوسد الأمر إلي أهله, تحقيقا لقول الله تعالي:( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). ومن هذه الأمور أيضا: أن يكون الإعلامي ذا الحجة القوية, وصاحب الأسلوب الراقي في إيصال المعلومة, بعيدا عن السخرية, والاستهزاء, والتجريح, والتهديد, والحدة, والإكراه, والتعصب, والتشنج, والانحياز, وفرض الآراء, ونحو ذلك. وقد خاطب الله عز وجل أفضل الخلق سيدنا محمدا صلي الله عليه وسلم بقوله تعالي:( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك, فاعف عنهم, واستغفر لهم, وشاورهم في الأمر) وقال تعالي:( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم; عسي أن يكونوا خيرا منهم) وفي ا لحديث الصحيح:( إن من خيركم أحسنكم خلقا), ومن هذه الأمور التي يجب توافرها في الإعلامي أيضا: أن يكون ذا نطق سليم, وصاحب عبارة بليغة فصيحة, وصاحب فن وجمال في عرض الأفكار والمعلومات بطرق أخاذة جذابة مع سرعة في البديهة. ومن هذه الأمور التي يجب توافرها في الإعلامي أيضا: أن ينطلق من المقاصد العامة للتشريع, وفي مقدمتها: تحقيق مصالح الناس, وتحقيق العدالة, والمساواة بينهم, والتيسير عليهم, ورفع الحرج, ودفع الضرر عنهم. ومن هذه الأمور التي يجب توافرها في الإعلامي أيضا: أن يراعي خصائص المجتمع, وعاداته وتقاليده, وخلفياته الفكرية والثقافية, والاجتماعية, والعقدية أثناء نقل المعلومة; فقد أخرج الإمام مسلم في مقدمة صحيحة بسنده عن الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال:( ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم, إلا كان لبعضهم فتنة). وكي يتحقق الإعلام الهادف الجذاب غير المنفر لابد من إجراء تعديلات وخطوات جريئة علي صعيد وسائل الإعلام المتنوعة, في مقدمتها: نزع هذه السلطة من أيدي المفسدين, وضرورة الاستفادة من كل وسائل الإعلام بل واستحداث وسائل جديدة بأفكار جديدة إن دعت الحاجة لذلك فنكتب إعلامنا, ولا يكتب عنا, وننشره, ولا ينشر عنا, في الوقت الذي نريد نحن, وليس في الوقت الذي يراد لنا. ومن الخطوات اللازمة أيضا لتحقيق إعلام هادف: أن يكون الإعلام عملا مؤسسيا يقوم علي التخطيط الجيد, والتنسيق الدقيق اللذين يقودان نحو هدف واضح بطرق مدروسة; لتحديث كل قديم, وللخروج من العشوائية الفردية; فإن أهم الإنجازات صنعتها المؤسسات المتخصصة, وإن العمل الناجح يتحقق بتضافر الجهود. ومن الخطوات اللازمة أيضا لتحقيق إعلام هادف: ضرورة التواصل مع المؤسسات الإعلامية الكبري; للاستفادة من خبراتها, وتاريخها; كي يتسني لنا المتابعة من حيث انتهوا, لا من حيث بدأوا. إن الحاجة ملحة لتحقيق كل ما سبق من أمور تتعلق بالمعلومة, وبالإعلامي, وبوسائل الإعلام; كي يتحقق للإعلام صدقه وإنصافه وغايته وجاذبيته, ويوم يتحقق للإعلام ذلك يفرح المؤمنون بقوة إعلامهم.