لم تكن نحمده تدرك أن قسوة الحياة سوف تجعلها تعيش سيناريو مؤلما وتمضي بها في رحلة كفاح طويلة لا تنتهي. مثلها مثل كل الفتيات امتلأت خيالاتها بابن الحلال والبيت والأسرة وقررت أن يكون زواجها هو الخطوة الأولي في تحقيق كل الأحلام.. وسارت بها الدنيا علي وتيرتها يوما مرا ويوما حلوا وكانت هي علي قدر المسئولية التي ألقيت علي عاتقها تدير بيتها علي قدر طاقة زوجها ودخله راضية بحالها ورزقها الله بالولد تلو الآخر تجتهد في تربيتهم وتقف سندا لزوجها في تدبير كل متطلباتهم وما تقتضيه الحياة من متطلبات حتي شاءت لها الأقدار أن تواجه مصيرها من القسوة والكفاح ما قد تنوء بها طاقتها. سقط الزوج طريح فراش المرض عاجزا عن العمل وكسب قوته الذي كان يوما بيوم. ووجدت نحمده نفسها مكبلة ب أورطة عيال تحملت مسؤليتها كاملة وخرجت للعمل تبحث عن رزق أولادها وعلاج الأب العاجز. و لكنه ليس دائما تأتي الرياح بما تشتهي السفن فقد اختبرتها الأقدار بمرض ابنها الأكبر بضيق في الصمام الميترالي والحمي الروماتيزمية وعلاج شهري يفوق نفقات البيت كله. و علي قدر طاقتها طرقت أبواب العمل ولكنها لم تستطع أن تلبي لهم كل احتياجاتهم فخرج الأبناء من المدارس وخرج منهم للعمل وهو بعد صغير لتدبير نفقات العيش ومساندة الأم الشقيانة. و شيئا فشيئا دارت بها الدنيا تأتي لقمة العيش ب طلوع الروح حتي سقطت هي في براثن مرض أعجزها عن الحركة والعمل. ساعتها أحست نحمده أن الدنيا أغلقت في وجهها كل أبواب الرزق إلا من باب الرحمة تسأل الله طوق نجاة من لجة الفقر والمرض. حضرت إلي الأهرام المسائي لعل صوتها يصل إلي أصحاب القلوب الرحيمة لعل يدا تمتد إليها بطوق النجاة. بمرارة العيش وقسوة الأيام حكت حكايتها قالت نحمده محمد محمود: تسرب العجز والمرض إلي وأنا لم أتجاوز عقدي الرابع بعد ولو توقفت الدنيا عند آلام المرض لهانت وحتي الموت نفسه لا أخشاه.. ولكني أخشي علي أولادي من الضياع. استطعت أن أساعد ابني الكبر حتي تزوج وخرج للعمل حتي يعينني وبيته وبقي لي ولدان وبنت محمد20 سنة استطعت أن أصل به في الدراسة حتي السنة الثانية في معهد تجاري ولم يستطع أن يكمل دراسته لمرضه بارتجاع في الصمام الميترالي والحمي الروماتيزمية ولعجزي عن نفقات علاجه ودراسته. حتي أنني أتردد به كل شهر علي مستشفي الزهراء الجامعي للحصول علي علاجه أملا في الشفاء يوما ولكن ظروفي الصحية حالت دون أن أرافقه في المستشفي كعادتي. أما مصطفي16 سنة فقد آثر من البداية الخروج من المدرسة ليقف إلي جواري وعمل بأحد المصانع عاملا. و ابنتي أماني فهي لم تتجاوز ال13 سنة أخرجتها هي الأخري من الدراسة واشعر أمامها بالعجز لعدم قدرتي علي تجهيزها وليس من أمري شيء غير اني أسعي للحصول علي رخصة لإقامة كشك أتعايش منه فهل يتسع صدر الدكتور جلال مصطفي سعيد محافظ القاهرة لمأساتي ويمنحني رخصة كشك أستند إليه لمواجهة قسوة الحياة وأستتر به من وحشتها.