الصحفي بالأهرام كتبتها علي مؤلف للكاتب الكبير صلاح منتصر, كنت حينها في أولي سنواتي الجامعية بقسم الإعلام في جامعة جنوب الوادي في محافظة قنا, وكنت أحلم كغيري من أبناء جيلي بالانضمام إلي المؤسسة العريقة, ومضت سنوات الدراسة وأنا أترقب السفر إلي القاهرة لطرق الأبواب لتحقيق الحلم. وفي العام الرابع من دراستي الجامعية, نظم الدكتور فوزي عبد الغني- رئيس قسم الإعلام حينها- رحلة علمية إلي المؤسسات الصحفية وكنت من بين المشاركين في ندوة للأستاذ أسامة سرايا- رئيس تحرير الأهرام العربي في ذلك الوقت- وقبل بداية الندوة تفقدت بنظراتي ردهات المبني العريق في مؤسسة الأهرام, منبهرا بما أراه أمامي في قاعة الأستاذ إبراهيم نافع, تمنيت أن أكون واحدا من كتيبة المؤسسة العريقة. مرت الأيام وقصدت القاهرة وعملت في العديد من الصحف حتي أكرمني الله بالعمل في بيتي الثاني, الأهرام المسائي, قبل ثورة25 يناير بأشهر قليلة, وكان قرارا أثلج صدري للرائع الأستاذ طارق حسن- رئيس التحرير الأسبق- الذي أرسل أسماءنا جميعا- الجيل الحديث في الصحيفة- إلي الإدارة للتعيين. في الذكري الخامسة والعشرين علي صدور العدد الأول من صحيفتنا الغراء, برئاسة المؤسس الأول والأب الروحي الأستاذ مرسي عطا الله في17 يناير عام1991 شاءت قدرة المولي- عز وجل- أن أكون ضمن كتيبة قسم الحوادث رغم أنني كنت حينها تلميذا صغيرا بالصف الثالث الابتدائي. لم أفرح في حياتي مثلما فرحت بالالتحاق بالعمل في الأهرام ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أنني التقيت أناسا أصبحوا الآن أقرب إلي الأهل في العمل لا يسعني سوي أن أشكر الجميع كلا باسمه بدءا من أساتذتي وزملائي جميعا في أقسام الصحيفة المختلفة, الأستاذ الفاضل علاء ثابت- رئيس التحرير- ومديري التحرير وأعضاء الديسك ورؤساء الأقسام وزملائي المحررين جميعا الذين أدين لهم بالفضل وأكن لهم خالص التقدير والاحترام. أما أنت عزيزي القارئ فمن أجلك قد ولدت, أخدمك أينما كنت, ولك أن تتخيل مدي عشقي لمهنتي بسببك, فأنا لا أجد غضاضة أن ألقي بنفسي في التهلكة من أجل الحصول علي معلومة أو خبر يفيدك, فما أكثر اللحظات التي نطقت فيها الشهادتين خلال العمل, وأتذكر منها مظاهرات ثورتي25 يناير و30 يونيو, وما تلاهما من أحداث فوضي وانفلات أمني تعرضنا لها أنا وزملائي في قسم الحوادث من أجلك. وفي لحظة اكتشفت أنني اعتدت علي رؤية الدماء والجثث والأشلاء والحرائق والكوارث وغيرها من المواقف التي أقابلها بكل جمود, أسرد الكلمات مثل محقق النيابة والشرطة, إلا أن الإنسان القابع في شخصي كان متحفزا في كل موضوع صحفي أقوم بتغطيته لجنازة شهيد بلقاء أسرته وأطفاله أو لنصرة مظلوم من بطش شخص موتور في جهاز الشرطة أو مسئول كبير في الحكومة. كانت أسعد لحظات حياتي, حينما أكتب عن الفقراء والضعفاء من أصحاب الحاجات الذين يأتون بعد مهاتفة من زملائي بالعلاقات العامة في مدخل المبني العظيم وكنت- رغم كل ما أعانيه من إرهاق أقول لهم مرحبا في صالة الضيوف التي تصبح في كثير من الأوقات مثل دوار العمدة. وفي ختام كلماتي لا يسعني سوي أن أشكرك عزيزي القارئ علي كل ما قدمته للأهرام المسائي من دعم, لنحظي بشرف رؤيتك كل مساء لتكون بجانبنا في كل وقت, ونظل دائما أوفياء نقف معك في الفرح والشدائد وكل عام ونحن وأنت بألف خير.