2015 وهو يلملم أوراقه المبعثرة, قد أفرغ كل ما في جعبته من مآس, وقتل, وإرهاب, وشتات, وفوضي, وضن علينا بأيام معدودات من الفرح, والاستقرار, والأمن. ولسنا في حاجة إلي تقليب المواجع وتذكر ما سعينا إلي نسيانه بسبب تسونامي2015 الذي جرف معه أفراحنا واستقرارنا مع توديعنا لعشرات الأرواح الطاهرة وآلاف المصابين برصاص الغدر, والخسة, والمؤامرات الدنيئة, بسيناء وغيرها, وبمعظم أقطارنا العربية والإسلامية, وخاصة في سورياوالعراق واليمن وليبيا وفلسطين ولبنان. والغريب حقا أنه برغم سقوط آخر أوراق التوت, وتعرية عورات جماعات التدين المغشوش التي أرادت أن يكون الدين تابعا لا متبوعا, فإن أتباعها, يحاولون من جديد تنفيذ أجندات من يحركونهم كقطع الشطرنج, أو كعرائس الدمي, ويوهمونهم باستطاعتهم إعادة رئيسهم المعزول إلي قصر الاتحادية علي دبابة أمريكية, مثلما جاء أحمد الجلبي يحمل في يده اليمني علم العراق وفي اليسري علم أمريكا, فما كان من المقاومة العراقية الباسلة إلا أن أطاحت به إلي مزبلة التاريخ. يا هؤلاء.. إن الوطن لن يسكت علي ما فعلتموه به, ولن ينتصر الإسلام بكم, إذا عدتم إلي المشهد من جديد, لإن البذور الملوثة تنتج ثمارا موبوءة, ومن شرب ماء الغدر والخداع, لن يتطهر إلا إذا اغتسل بماء المروءة والشرف, والتاريخ لن يفتح صفحاته إلا للأنقياء فقط, وليس لكم. إن2015 عاما كاملا من الوهم, قد حكم العديد من القضايا العربية, وتحكم بالعقليات المحيطة بها والمتعاطية معها, في عهد عرف ب التدخلات الخارجية العلنية عربيا, وإقليميا, ودوليا, وراحت الساحات التي كان الدمار قد زحف إلي أرجائها تنسل من تحت أقدام ثورات الربيع العربي, ليظهر اللاعبون الخارجيون يخططون, وينظمون, ويمولون, ويقاتلون, ويشعلون المشهد بثوراتهم المزيفة, وبدعم من مرتزقة, وعملاء من الداخل يتلونون بلون البنكنوت الذي يقبضونه من أسيادهم مع كل عملية إرهابية قذرة ينفذونها علي أرض طعموا من خيراتها, وشربوا من أنهارها, وناموا تحت سقفها, وتعلموا بالمجان في مدارسها, ونهلوا من دعمها, وفي النهاية باعوها, وباعوا شعبها بأبخس الأثمان لمشتر حاقد, كافر بقضية الوطنية!. وليس ما يحدث في سورياوالعراق الآن, وما اكتوت بناره مصر سابقا, ببعيد عن أذهاننا فتغيير الواقع السياسي لا يتم بالقفز علي ما هو واقع, بل يتم بالتدرج والانتقال بما هو كائن إلي ما ينبغي أن يكون, كما حدث في مصر, وليس النفخ في نيران الطائفية, ونشر التطرف وأجواء الكراهية. إننا بحاجة إلي إشاعة ثقافة التسامح وروح التعايش, واحترام التنوع الثقافي والديني, وترجمة الكلام عن دولة المواطنة إلي واقع يعيش في ظله كل العرب, ولا يشعر فيه أحد بالتهميش أو بأن حقوقه مصادرة, ومواطنته منقوصة, وهويته غير معترف بها. ومع أن هذه الصورة لدول الربيع العربي تبدو اليوم قاتمة, لكني مقتنع بأن الضوء سيكون بنهاية النفق الذي نأمل ألا يكون طويلا. ودائما أتذكر قصة الإنسان مع الأمل الذي يمكنا أن نصنعه لأنفسنا وللآخرين, فيحكي أن طفلة مريضة سألت أختها الكبري, وهي ممددة علي فراشها تراقب شجرة بالقرب من نافذتها: كم ورقة باقية علي الشجرة؟. فأجابت الأخت بعين ملؤها الدمع: لماذا تسألين يا حبيبتي؟ أجابت الطفلة المريضة: لأني أعلم أن أيامي ستنتهي مع وقوع آخر ورقة! ردت الأخت وهي تبتسم: إذن حتي ذلك الحسن سنستمتع بحياتنا, ومرت الأيام, وتساقطت الأوراق تباعا, وبقيت ورقة واحدة!. ظلت الطفلة المريضة تراقبها, حتي انقضي الخريف, وبعده الشتاء, ومرت السنة, ولم تسقط الورقة, والفتاة سعيدة مع أختها, وقد شفيت تماما, فكان أول ما فعلته أنها ذهبت لتري معجزة التي لم تسقط, فوجدتها ورقة بلاستيكية ثبتتها أختها علي الشجرة.