تهل علينا هذه الأيام ذكري عطرة وهي ذكري مولد الحبيب المصطفي صلوات الله عليه التي كانت بمثابة إطلالة للرحمة الإلهية للبشرية جمعاء وعبر القرآن الكريم عنها بأنه صلي الله عليه وسلم رحمة للعالمين وهذه الرحمة لم تكن محدودة, فهي تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم علي صعيد حياتهم المادية والمعنوية, كما أنها لا تقتصر علي أهل ذلك الزمان, بل تمتد علي امتداد التاريخ بأسره, قال تعالي:( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) والاحتفال بذكري مولد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, من أفضل الأعمال وأعظم القربات, لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلي الله عليه وسلم,ومحبة النبي أصل من أصول الإيمان, وقد صح عنه أنه صلي الله عليه وسلم قال: لا يؤمن أحدكم حتي أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين وقد قرنها الله بها, وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان, لكن كيف الاحتفال في ظل هذه الهجمات والطعنات المتتالية من الداخل والخارج في ثوابت الاسلام وخاصة في السنة النبوية المطهرة ؟ في البداية يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف إن الحق تبارك وتعالي قال في محكم التنزيل فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله وباليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا والرسول صلي الله عليه وسلم يقول عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ولم يبق من السنة المطهرة إلا ما يحفظه المحدثون في صدورهم وماسطر في كتب السنة المعروفة وهدي رسول الله صلي الله عليه وسلم بحيث ان يتبع لانه تشريع ولهذا فإن الاحتفال بذكري مولد الحبيب صلي الله عليه وسلم ليس كما يفعلة بعض الدهماء المعيبين من التمايل يمنة ويسرة والطأطأة بالرقاب والقرع علي الدفوف ونحو ذلك من الضلال الذي ابتلي به زماننا والذي هو من قبيل البدع المنكرة فالاحتفال بذكري مولد المصطفي صلوات الله عليه هو إتباع سنته والتمسك بها وحمل الناس عليها فقد كان صلي الله عليه وسلم يحتفي في ذكري يوم مولده بالصيام وعندما سئل عن ذلك قيل له يارسول الله مابالك تصوم يوم الاثنين والخميس؟ فقال صلي الله عليه وسلم: في يوم الاثنين ذاك يوم بعثت فيه وولدت فأنا أصومه وأما يوم الخميس فهو يوم تعرض فيه الإعمال وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم وهذا ما ينبغي أن تكون عليه الأمة في ذكري مولده صلي الله عليه وسلم هذا الهادي البشير الذي اخرج البشرية من الضلال إلي الهدي ودعاهم إلي طاعة الله والبعد عن معصيته وبين لهم الطريق الواضح الذي يوصل للفوز والفلاح فذكري يوم مولده يجب أن تكون استلهاما لهذه المعاني والآثار العظيمة التي خلدها هذا النبي العظيم فكثير مما يتبع في ذكري مولده في في أيامنا بعيد كل البعد عن منهج الاسلام وهي أمور مبتدعة يأثم فاعلها أي أن هذه الأفعال ليس لها سوابق من سلف الأمة. ويضيف الدكتور ابراهيم شعيب أستاذ المذاهب والأديان بجامعة الازهر إن مولد الرسول صلي الله عليه وسلم مناسبة مهمة تذكر بأخلاقه وسيرته العطرة صلي الله عليه وسلم لأنها اعظم منة من الله امتن بها علي البشرية لقوله تعالي لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وروي عن النبي صلي الله عليه وسلم أن خرج علي مجموعة من صحابته الكرام وهم يذكرون الله في المجلس فسألهم عن سبب جلوسهم؟ فقالوا جلسنا لنحمد الله علي ما هدانا الله إليه من الاسلام ومن علينا بك فقال صلي الله علية وسلم اما أني لا أسألكم تهمة ولكن جبريل أخبرني أن الله يباهي بكم ملائكته وإذا كان الله عز وجل من علي الامة الاسلامية بهذه النعمة فمن الواجب ان نقدر هذه النعمة وان نعلن للعالم كله بان أمته صلي الله علية وسلم ليست زاهدة فيه وإنما هي تحبه وتجله وتحتفل بيوم مولده, وإن كان الاحتفال بإظهار الفرحة أمرا مشهورا لقوله تعالي: قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا والله ارسل نبيه الكريم رحمة للعالمين فلا بد ان نفرح لقوله تعالي: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فإذا كان الاحتفال مهم فالاهم هو اتباع سنته وشريعته وان نعتز بملته صلي الله عليه وسلم لأنها هي العاصمة من الزلل والحافظة من الخلل لقوله صلي الله عليه وسلم: تركتم فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي. ويطالب شعيب بضرورة التحصن بالعلم في ظل هذه الهجمة الشرسة علي السنة والائمة الكبار حتي لاتؤثر شبهات الزيغ والضلال في نفوس المسلمين وذلك بمعرفة طرف من سنة المصطفي صلي الله عليه وسلم قولا وعملا وعلما وتطبيقا وبهذا يمكن تحصين المجتمع من هذه الآفات المدمرة التي تريد النيل من السنة الشريفة وهناك من فتح لهم منابر لكي يقولوا علي السنة وقد أخبر النبي عنهم فقال يوشك رجل متكي علي اريكته يحدث بالحديث من حديثي يقول ماوجدناه في القران حلال حللناه وماوجدناه في القرآن حرام حرمناه ويقول صلوات الله عليه: ألا أني أتيت القرآن ومثله معه والله عز وجل وعد نبيه ولايخلف الله وعده لأنه سيبين له القرآن فقال تعالي لاتحرك بة لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه, فالسنة هي المبينة لكلام الله عز وجل وقد بذل علماء المسلمين الجهود المضنية في نقل السنة إلينا واستنبطوا من المناهج العلمية التي يندر وجودها في أي أمة من الأمم لضبط السند والمتن ويأتي علي رأس هؤلاء الامام البخاري رضي الله عنه الذي عد كتابه أصح كتاب بعد القرآن الكريم والذي تلقته الأمة بالقبول وتواتر عليه الشراح في كل زمان ومكان وقد شرح بأكثرمن80 شرحا يأتي علي رأسها كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري لأبن حجر العسقلاني والذي سجل في شرحه كل شاردة وواردة ثم أتي بعد ذلك الاغرار والحمقي فيتجرأون علي سنة رسول الله صلي الله علية وسلم وما علموا أن سنة رسول الله وحي كالقران الكريم لقوله تعالي وماينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي.