استغلت وسائل الاعلام الامريكية حالة الغضب الفرنسية التي اشتعلت في أعقاب هجمات باريس الارهابية- والتي أعادت للاذهان مشهد هجمات11 سبتمبر في امريكا- لتستغل الرغبة في الانتقام لدي فرنسا في تأجيج مشاعر الغضب من المسلمين بصفة عامة وليس ضد ما يسمي بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام( داعش) فقط. وحشدت وسائل الاعلام الامريكية المحللين السياسيين والنقاد للترويج لنموذج( الدولة البوليسية) في فرنسا من خلال قمع المسلمين في الداخل وتصعيد الحملات العسكرية في الخارج. وأخذ جون برينان مدير المخابرات المركزية الامريكية المبادرة لاشعال الغضب الفرنسي معتبرا هجمات باريس بمثابة دعوة( للاستيقاظ) وطالب بتجسس الحكومة علي السكان المحليين كما فعلت أمريكا من قبل باسم( مكافحة الارهاب). ومن بين منتقدي سياسة الرئيس الامريكي باراك اوباما ظهر ميت رومني المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الامريكية المقبلة مطالبا بتدخل عسكري أمريكي في الشرق الاوسط, ويتضمن هذا التدخل قوات أمريكية في سوريا ودعا رومني في مقال للرأي بصحيفة( واشنطن بوست) الامريكية الي الحرب علي داعش قائلا ان أمريكا ينبغي أن تبحث في كل وسائل الفوز في تلك الحرب بما في ذلك تدخل( الاحذية علي الارض) في إشارة الي التدخل البري. وقالها رومني بوضوح: هذا يعني إرسال عشرات الالاف من القوات الأمريكية الي سوريا. وذكر موقع( جلوبال ريسيرش) أن منطقة الشرق الاوسط أغرقت في الفوضي والمذابح بسبب المؤسسة الامريكية الحاكمة من خلال فرض النموذج الامبريالي. هجمات باريس وداعش نفسها هما نتاج مباشر لقرابة عقد ونصف من التدخل العسكري الامريكي في الشرق الاوسط للسيطرة علي هذه المنطقة الغنية بالنفط. وفاقمت الولاياتالمتحدةالامريكية من الطائفية في الشرق الاوسط من خلال الاطاحة بالرئيس العراقيصدام حسين, واعطاء السلطة للشيعة, بينما شرعت فرنسا في مغامرة عسكرية مع حلف شمال الاطلنطي( الناتو) في ليبيا أسفرت عن اسقاط واغتيال القذافي لتتحول ليبيا الي دولة ميليشيات أصبح لداعش فيها اليوم الكلمة العليا! ولا ننسي ان المنظمات المتشددة في الشرق الاوسط وخاصة في سورياوالعراق( داعش) تعتمد علي المقاتلين الاجانب, كما تم استغلال نموذج الدولة الفاشلة في ليبيا لضخ الاسلحة من آسيا وأوروبا إلي الشرق الاوسط. كما سقطت مخزونات الاسلحة وهي أمريكية بالاساس في يد داعش العراقوسوريا بفضل الفوضي التي جلبتها واشنطن للمنطقة. ووفرت قطر وتركيا من جانبهما التمويل والاسلحة للمنظمات المتشددة في المنطقة العربية مما مكن داعش من السيطرة علي ثلث العراق ونصف سوريا حتي الآن لتكتمل حلقة الصراع والفوضي في الشرق الاوسط. وبعد عام من الضربات الجوية الامريكية في العراق وارسال وحدات من القوات الخاصة الي سوريا لم يقلل هذا من تمدد السيطرة( الجيوغرافية) لداعش علي الارض, وهدف أمريكا الرئيسي هو تغيير النظام السوري كجزء من استراتيجية أوسع لاضعاف التأثير الايراني الروسي الصيني في المنطقة العربية وهنا تظل قوات داعش التي تحارب الحكومة السورية حليفا وثيقا لواشنطن! ويمكننا الرجوع الي الخطاب الذي ألقاه اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي مؤخرا والذي أكد فيه ان روسيا والصين وليس داعش أو الارهاب يشكلان التهديد الرئيسي لمصالح واشنطن, ومن ثم تستعد الامبريالية الامريكية لاكبر عملية ارهابية في تاريخ البشرية فيما يعرف بالحرب العالمية الثالثة.