أما عن المرأة وكيف جعل الإسلام منها عالمة فقهية تجلس للفتيا وتدرس العلم للرجال والفساد، فقد خرجت مدرسة رسول الله الفقهيات كما خرجت المجاهدات والشاعرات وراويات الحديث، فلم يمنع الإسلام المرأة من أن تخوض مجال العلم وتبرز فيه وتعلمه أيضا. وقد كان فى مقدمة هؤلاء أمهات المؤمنين ليصبحن قدوة للنساء جميعا فى مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانت لهن خاصية أمرهن الله جل وعلا - كما ذكرنا سابقا. وقد ذكرت السيدة - خديجة أم المؤمنين رضى الله عنها على قمة الفقيهات على اعتبار المعنى، فهى لم تجلس للفقه ولا للفتيا، وإنما استنبطت من خلال تفهمها لشخصية زوجها محمد صلى الله عليه وسلم ومكانته عند الله تعالى وأنه أهل للبنوة، ثم لما نزل الوحى على قلبه ثبتته، ثم ذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل لتسأله عما حدث (لمحمد صلى الله عليه وسلم) فبشرها بنبوته صلى الله عليه وسلم فعضدته بمالها ونفسها حتى آخر العمر. كما حادث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها على رأس الفقيهات من زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهن، حيث جلست للفتيا قرابة نصف قرن، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها للفتيا فتفتيهم، كما كانت فى قمة رواة الحديث وقد ذكر الزهرى مدى اتساع علمها فى مقاله له فقال لو جمع علم عائشة إلى علم جميع امهات المؤمنين وإلى جميع النساء لكان علم عائشة أفضل، (تذكرة الحفاظ للذهبى 1 ص 27، وشذرات الذهب ج1ص61، وطبقات الشيرازى ص47. أما باقى أمهات المؤمنين فقد اثنين فى المرتبة بعد عائشة رضى الله عنها وعنهما جميعا، وقد جلسن للفتيا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكن مرجعا للحديث والفقه والتفسير للصحابة والتابعين من بعدهم. وهن: حفصه، وأم سلمه، وجويريه، وأم حبيبه، وصفية بنت جيى، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكرت زينب بنت أبى سلمه ربيبة رسول الله ضمن الفقيهات، وهى ابنة أم المؤمنين أم سلمه رضى الله عنها، وأسماء بنت أبى بكر الصديق، وأسماء بنت عميش، وأم أيمن بركة حاضنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم عطية الانصارية، وأم الدرداء الكبرى. وغيرهن. وقد بلغن ثلاثين فقيهة منهن أم الفضل الكبرى زوجة العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.