قال الرئيس الاريتري أسياسي أفورقي: إن المراحل التاريخية ما بعد تحرير أريتريا اعترضتها عدة عوائق بما فيها المشكلات الحدودية وغيرها من المشكلات المفتعلة, وهذا كان له أثر في تعطيل التطور السياسي لهذا البلد, لكن رغم ذلك نجحنا في تخطي تلك العقبات ولدينا اقتناع راسخ بأن الوعي والالتزام, والإصرار سوف تؤدي في خاتمة المطاف إلي إيجاد مناخ للمشاركة الحقيقية, وهذه المشاركة قد تكون لها مسميات كثيرة قد يطلق عليها البعض العملية الديمقراطية, وقد يعرفها البعض الآخر بعملية تمثيلية فعلية. وقال أفورقي في حوار مع صحيفة أريتريا الحديثة الرسمية: إننا بما نملكه من رصيد سياسي للكفاح وما نحمله من طموحات للارتقاء إلي مستوي نبني فيه مؤسسات ومناخا سياسيا للمشاركة سنصل إلي أهدافنا, وقال: هذه مسألة قد تتحقق عبر أجيال في بعض الأحيان, لكن التعجيل في الأمر مسألة أساسية لأن كلما تمكنت من تجاوز تحديات سياسية كان وضعك أفضل لتنمية البلاد, وإيجاد مستوي معيشي للناس وفق الطموحات المطلوبة, لكن كل شيء يتحقق بشكل سلس, وهناك عوامل ينبغي أخذها في الاعتبار أيضا. وكما أسلفت هناك التدخلات الخارجية والعراقيل التي توضع أمامك, وإذا نظرنا إلي تجربة الأعوام العشرين الماضية كانت حافلة بالتدخلات والعراقيل التي توضع لإضعاف هذا الشعب وعدم تمكينه من النهوض وتكوين مؤسساته والعمل في مناخ حر, وكذلك جزء من التحديات الكبري وفي المستقبل أيضا سيكون هذا التحدي موجودا لكن الإصرار والإرادة ستتغلبان علي كل هذه التحديات. وحول مفهوم اريتريا للعملية الديمقراطية قال أفورقي: إن الديمقراطية هي وسيلة لتحقيق المواطنة الحقيقية لكي يحصل كل مواطن علي حقوقه, ويجب أن تكون هناك فرص متوافرة, وقال: إن الديمقراطية ليست وسيلة لإيجاد ممثلين لبلد من خلال صناديق الاقتراع, فالمعلوم أن مراحل التطور للمجتمعات تحتاج إلي معالجات جادة حتي تكون هناك مشاركة حقيقية للمواطنين في القضايا التي تعنيهم, سواء كانت القضايا اليومية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وعليه ينبغي توفير كل الفرص, والبعد الآخر في هذه المسألة هو العمل المؤسساتي, كما يجب أن تكون هناك مؤسسات لتمثيل المواطنين تأكيدا للمشاركة, وقال: تلك المشاركة بمعيارنا نحن ديمقراطية حقيقية للمواطنين من خلال إيجاد فرص لهم. وقال: إذا كانت الفرص متاحة لفئة محدودة أو أقلية في المجتمع فهذه الأقلية لها القدرة علي إرسال أبنائها إلي الجامعات والمدارس بينما الأغلبية لا تستطيع أن تحظي بهذه الفرصة لأنها تفتقر إلي الإمكانات عندما تقوم بجمع هؤلاء جميعا, سواء الذين توافرت لهم الإمكانات أو الذين لم تتوافر لهم, ويتطلب منهم أن يصوتوا في صناديق الاقتراع علي قدم المساواة, فهذه ليست ديمقراطية حقيقية لأن الديمقراطية الحقيقية هي تطور سياسي اجتماعي اقتصادي وثقافي في المجتمعات, ويؤمن للمواطنين حقوقهم, وهنا يصبح المرتكز علي قاعدة المواطنة التي تؤمن وتكفل عملية تكافؤ الفرص التي من خلالها يدلي المواطن بكلمته في حياته اليومية, وأشار إلي أن إرساء هذه الأسس تحتاج إلي جهود كبيرة في أي مجتمع, فبالنسبة لنا يمكن القول إن التحديات والتدخلات السياسية والتدخلات الخارجية لإيجاد فتنة بجميع الأشكال شكلت تحديا حال دون تمكيننا من تحقيق ما نطمح إليه, وقال: لقد استخدمت كل الأساليب المختلفة حتي لا يتقدم البلد سياسيا ويبني مؤسساته خلال السنوات العشرين الماضية. وحول القرار الذي اتخذه مجلس الأمن بفرض عقوبات علي اريتريا في ديسمبر2009 قال أفورقي: إن القرار مرفوض من جوانبه القانونية والسياسية, وقال: إذا رجعنا إلي السرد نفسه المرتبط بأوضاع الصومال والمشكلة الحدودية المفتعلة بين اريتريا وجيبوتي, وقضية الحدود الاريترية الإثيوبية, ومشكلات السودان, فنحن لا يمكن أن ننظر إلي الأمور بجزئياتها باعتبار الواقع المعيش, فهي محكمة الترابط والتداخل ولم يكن هناك أي مبرر قانوني لاتخاذ هذا القرار, أولا باعتبار مجلس الأمن إذا كان ينهض بدوره في إحقاق الحق والوقوف مع القانون كان يفترض أن يفرض علي إثيوبيا عقوبات لعدم تنفيذها قرار المحكمة, أو قرار مفوضية ترسيم الحدود, فهذه القضية ظلت معلقة, فكيف يمكن أن تكون هناك ازدواجية في قضية حية موجودة رغم صدور المفوضية, فالذرائع التي صيغت لاتخاذ القرار لم تكن مبررة ومنطقية, بل المبررات كانت أقبح من الذنب, فما هي الأسباب التي دفعت مجلس الأمن لاتخاذ هذا القرار؟ هل هي قضية الصومال؟ وهل يجوز لمجلس الأمن أن يفرض عقوبات علي اريتريا بحجة أن هناك عمل سياسيا وتعقيدات سياسية موجودة في الصومال؟ وفي حقيقة الأمر كان من المفترض أن تفرض عقوبات علي كينيا واثيوبيا وجيبوتي إذا كانت فعلا العقوبات مرهونة بالتدخلات الخارجية التي عقدت المشكلة الصومالية وأسهمت في عدم الاستقرار في الصومال. وقال أفورقي في رده علي سؤال حول أبرز التحديات لبناء الدولة وأبرز الإنجازات: إن أهم التحديات كانت في الجانب الهيكلي, وقد لا أكون مصيبا في اختيار المصطلح الصحيح الذي يتناسب مع الواقع الذي نحن بصدد الحديث عنه, البناء السياسي الذي وضعنا لبناته إبان فترة الكفاح المسلح وهو الأساس لكل شيء, والبناء السياسي الذي أتحدث عنه كان موجودا بشكل غير مجسد عمليا, فعملية بناء أمة لها شقان يمكن تسمية الشقين بلغة الكمبيوتر بالسوفت وير, والهارد وير, أي البرمجيات والعتاد. البرمجيات( أي السوفت وير) ظلت موجودة وعندما بدأنا كانت البلاد مدمرة تماما, وأنت إذا أردت بناء أمة لابد من وجود بنية تحتية من طرق وموانئ ومطارات وخدمات اجتماعية من مستشفيات واتصالات وكهرباء ومياه نقية, كل هذه الأشياء كانت غير موجودة بحيث نستطيع القول إننا بدأنا من تحت الصفر, فإذا كنت تريد بناء أمة بكل المواصفات لابد من توافر الإمكانات, ونحن نمتلك الإرادة ونملك قوة الشعب والمجتمع, ومع ذلك كان الهارد وير بالنسبة لنا في مسيرة بناء الأمة بمثابة تحد. في اعتقادي الجانب النفسي والسياسي والاجتماعي والثقافي كان متوافرا ولنا رصيد كاف, واستطعنا أن نحقق ما حققناه من إنجازات في البنية التحتية, هذه هي التحديات بوجه عام, ويمكن مقارنتها من خلال ما تحقق من إنجازات خلال الأعوام العشرين الماضية, والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هو المعيار الذي تقاس به الإنجازات؟ هل تقاس بشكل عاطفي؟ هل تحكم علي الأمور كما تشاء؟ هل تقول إني أنجزت, هناك معايير كثيرة يمكن النظر إلي بلدان في إفريقيا أوضاعها تشابه أوضاعنا ويمكن النظر لكل البلدان المتطورة أو بلدان تجاوزت الكثير من التحديات عبر إنشاء مؤسسات ونظام أو بنية تحتية للنظام ونحن لا نتباهي بما أنجزنا خلال الاعوام العشرين, لأن ما حققناه لا يلبي طموحات الشعب الاريتري الذي ضحي من أجل بناء أمة, لكن بالمعيار الإفريقي الآسيوي الشرق أوسطي, وحتي المعيار الأوروبي, تستطيع القول إنه ليس هناك مجال للمقارنة, لقد حققنا الكثير بإمكانات متواضعة, وبإرادة قوية, لكن بالمعيار الاريتري كم في المائة حققنا من الطموح الاريتري. إننا حققنا1% من طموحاتنا لكن هذا يعتبر إنجازا عظيم بالمقارنة بالإنجازات في المناطق الأخري.