اتفق خبراء ونشطاء حقوق الإنسان علي أن التشدد الغربي اتجاه مايعتبرونه فرقا لحقوق الإنسان في بعض الدول يأتي في ظل تبنيها معايير مزدوجة في التعامل مع الاتفاقات الدولية الخاصة بملفات حقوق الإنسان وأشاروا إلي صمت الحكومات الأوروبية والأمريكية المتعاقبة تجاه الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل, أو التي ترتكب داخل دولها ضد الأقليات خاصة المسلمة. واتهموا تلك الحكومات باستخدام ملف حقوق الإنسان للضغط علي بعض الدول من أجل تحقيق مكاسبها, أو تحقيق انتصار سياسي داخلي, وليس للدفاع عنها. وقالوا إن استخدام المعايير المزدوجة تزيد من الأفكار المتطرفة وإن غياب العدالة بين المشرق والمغرب والإحساس بعدم المساواة في الحقوق هو الذي يولد أفكار الإرهاب والتطرف. وقال الناشط الحقوقي وكبير الباحثين بالمركز القومي لحقوق الانسان محمد خليل إن عددا من الدوائر الغربية تقوم بتسييس قضايا حقوق الإنسان, وتقوم باستخدامها في كثير من الأحيان كأحدي أدوات الضغط السياسي لتحقيق مصالحها والفوز بانتصارات سياسية, مشيرا إلي أن الرئيس الأسبق جورج بوش استخدم ملف حقوق الإنسان للضغط علي الأنظمة من أجل الحصول علي موافقتهم علي غزو العراق وأفغانستان وما سمي بالحرب علي الإرهاب. ووصف خليل الولاياتالمتحدةالأمريكية بأنها أكثر الدول في العالم انتهاكا لحقوق الإنسان, مدللا علي كلامه بالوضع في العراق وأفغانستان, ودعمها حليفتها إسرائيل في كل ماترتكبه من جرائم ضد الإنسانية, واستخدامها الفيتو أكثر من مرة, واعتراضها علي أكثر من قرار إدانة كاد يصدر من مجلس الأمن ضد إسرائيل ولفت خليل إلي الصمت العالمي تجاه الأنظمة التي تتعاون معها بشأن انتهاكاتها ضد الإنسانية.وأكد خليل أن القانون الدولي يعتبر قضايا حقوق الإنسان شأنا داخليا تحكمه سيادة قانون الدولة, وهو مايمنع تدخل أية دولة في شأن داخلي لدولة أخري. وأضاف أن اعتماد الدول والحكومات الأوروبية علي المعايير المزدوجة يزيد من تعزيز أفكار العنف والتطرف, وتعطي زريعة للإرهاب لممارسة نشاطه واتهم خليل الغرب, بممارسته التمييز الديني والعرقي ضد الأقليات بشكل غير موجود في المنطقة العربية ومصر, مشيرا إلي أن حادثة إعلان احراق المصحف لو كانت حدثت في مصر لكانت الدنيا انقلبت, مضيفا أنهم اعتبروا الرسوم المسيئة للرسول حرية ورأيا وتعبيرا ولم يعتبروها انتهاكا. ومن جانبه قال الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة, رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, إن كل دول العالم تعتمد المعايير المزدوجة خاصة في قضايا حقوق الإنسان من أجل تحقيق مصالحها. وأشار إلي أن المعايير المزدوجة واستخدام قضايا حقوق الإنسان ساهمت في نقل قضايا حقوق الإنسان من الدول إلي الأفراد والمنظمات المعنية بها. وأضاف أبو سعدة أنه لايمكن لمصر مثلا أن تتخذ قرارا مثلما قامت سويسرا بمنع المآذن, وهو ما اعتبره الحقوقيون علي مستوي العالم انتهاكا للحق في الاعتقاد. وتساءل أبو سعدة ماذا لو اتخذ قرار مماثل في القاهرة, ماذا سيكون رد الفعل..؟ وأضاف أنهم بقرارهم انتهكوا حقوق مواطنيهم, لكنهم يمكن أن يستخدموا قرارا مماثلا في حالة حدوث مثل هذا الحادث من أجل تحقيق مكاسب سياسية. في السياق نفسه أبدي الناشط الحقوقي رضا عبد العزيز, رئيس وحدة الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان, اندهاشه من الإدانات والتصريحات السياسية التي تطلقها حكومات أوروبا وأمريكا ضد انتهاكات حقوق الإنسان في أي مكان بالعالم لمجرد أن هذه الدول لاتتفق معها في وجهات النظر, أو أنها تعارض مصالحها السياسية, في حين أن نفس هذه الحكومات صمتت ولم تصدر أي بيانات أو تصريحات ضد قيام النظام التونسي بقمع المحتجين علي الأوضاع الاقتصادية وانتظروا حتي النهاية ليعلنوا موقفهم, كما أنهم لم يدينوا من قبل أي انتهاكات حدثت هناك, لأن نفس هذا النظام كان يحقق لهم مصالح, رغم اقصائه كل معارضيه من كل التيارات. وأكد رضا أن اعتماد المعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا حقوق للإنسان من قبل الغرب يزيد من الأفكار المتطرفة وحوادث الإرهاب, مضيفا أن الشرق يدفع ثمن غياب مفهوم العدالة في الغرب. وعلي صعيد متصل اتفق الناشط الحقوقي سعيد عبد الحافظ معهم في أن اهتمام ومساندة الغرب لقضايا حقوق الإنسان يحدث من أجل استخدامه في الضغط للدفاع ولتحقيق مكاسب ومصالح خاصة, مشيرا إلي أن الحكومات الديكتاتورية تستغل تلك الطريقة في ممارسة الانتهاكات ضد مواطنيها, لأنها تعرف أن الغرب يريد تحقيق مصالح فقط بغض النظر عن الانتهاكات الانسانية.