عندما تدخلت أمريكا فى المنطقة العربية بحجة محاربة الإرهاب وتقويض التوسع المزعوم للدولة الداعشية تعالت الأصوات المناهضة لهذا التدخل المزعوم فى المنطقة رغم علم الكثير من متابعى الأحداث فى المنطقة أن هذا التوسع الداعشى وخصوصاً على الأراضى السورية والعراقية إنما هو بدعم رئيسى من الولاياتالمتحدة وحلفائها بالمنطقة لإسقاط نظام بشار الأسد بعد أن تأكد لهم فشل ما يسمى بالجيش الحر وما تبعه من جيش النصرة والألوية ذات المسميات المختلفة والذين تكالبوا بشكل واضح على الظهور بمشهد المعارض الرئيسى للنظام السورى بعد أن ظهرت المعارضة المدنية والسياسية فى أضعف صورة لها على الإطلاق. التدخل الأمريكى ليس لمناصرة الديمقراطية الوهمية أو لإعادة الحقوق للمطحونين والمظلومين على يد النظام الأسدي. إنما هو لتأكيد سيطرتها العسكرية على المنطقة ولضمان انتشار تجارة السلاح الأمريكى فى الشرق الأوسط ولتأمين حليفتها الأولى فى المنطقة «إسرائيل» والتى أصبحت فى ظل الصراع «العربى - العربي» فى مأمن تام وكامل من التهديدات المعتادة ضد الدولة الصهيونية وتباعدت بالتالى فكرة تحرير الأراضى الفلسطينية المحتلة أو رفع سيطرتهم عن مدينة القدس. وبعد أن قررت روسيا تقديم الدعم العسكرى للنظام السورى ضد المعارضة المسلحة والزحف الداعشى متحالفة مع الصين، صمتت تلك الأصوات أو أُخرست بفعل الضربات الجوية المؤثرة ضد معسكرات داعش والتى استنكرتها أمريكا التى رأت أن البساط العسكرى يُسحب بشكل ما من سيطرتها فى المنطقة. فهل كان صمت النشطاء السياسيين عن التدخل الروسى والصينى فى المعركة السورية بسبب تلك الصدمة التى أصيبت بها أمريكا لما تكبدته حليفتها داعش من خسائر فادحة؟ أم أن تواجد الدب الروسى وتدخله سينهى حالة السبوبة من التخوين السياسى التى يستخدمونها بسبب تحالف الحكومات مع الإدارة الأمريكية؟. من يحملون صفة الناشط السياسى أو المحلل الاستراتيجى دأبوا على إلصاق تهم الخيانة والعمالة والتطبيع لكل من يمد يده للمساعدات الأمريكية سواء العسكرية أو السياسية أو اللوجيتسية، على الرغم من علم الجميع بانتماء هؤلاء النشطاء والمحللين لجمعيات دعم الديمقراطية المزعومة والممولة من جهات غربية متعددة وعلى رأسها أمريكا و حلفاؤها. وربما يكون صمتهم الحالى نابعاً من عدم تلقيهم تعليمات التحليل والمهاجمة أو لافتضاح أمرهم البالغ بعد أن جاءت ضربات روسيا لتنظيم داعش موجعة وصادمة لكل من دعمها. هل ستتحول المنطقة العربية لساحة حرب وفرض سيادة بين القوة الأمريكية الغاشمة التى أتت على العديد من الدول فى الشرق الأوسط وبين الدب الروسى العائد إلى الساحة السياسية والعسكرية والاقتصادية بقوة؟. الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قال إنه لم يتحدث عن شيء ولم يفعله، وقد تحدث عن نهاية لما يسمى «داعش»، إنها فى هذه الحالة نهاية للذراع الطولى للإدارة الأمريكية على الأراضى العربية، ونهاية أيضاً لسبوبة النشطاء فى الاتهام المستمر بالخيانة للمتحالفين مع أمريكا.