اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم.الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم سورة العلق. هذه الآيات أول ما نزل من القرآن باتفاق, والمتأمل في هذه الآيات الكريمة, يراها قد جمعت أصول الصفات الإلهية, كالوجود, والوحدانية, والقدرة والعلم, والكرام. وقد افتتحت السورة الكريمة بطلب القراءة من النبي صلي الله عليه وسلم, مع أنه كان أميا, لتهيئة ذهنه لما سيلقي عليه صلي الله عليه وسلم من وحي, فقال سبحانه: اقرأ باسم ربك الذي خلق, أي: اقرأ أيها الرسول الكريم ما سنوحيه إليك من قرآن الكريم, ما سنوحيه إليك من قرآن كريم, ولتكن قراءتك ملتبسة باسم ربك, وبقدرته وإرادته, لا باسم غيره, فهو سبحانه الذي خلق الأشياء جميعها, والذي لا يعجزه أن يجعلك قارئا, بعد كونك لم تكن كذلك. والعلق الدم الجامد, وقيل: العلق: مجموعة من الخلايا التي نشأت بطريقة الانقسام عن البويضة الملقحة, وسمي علقا لتعلقه بجدار الرحم. وقوله تعالي اقرأ وربك الأكرم أي: امض لما أمرتك به من القراءة, فإن ربك الذي أمرك بالقراءة هو الأكرم من كل كريم, والأعظم من كل عظيم, قالوا: وإنما كرر سبحانه الأمر بالقراءة, لأنه من الملكات التي لا ترسخ في النفس إلا بالتكرار والإعادة مرة فمرة. وقوله تعالي: الذي علم بالقلم أي: علم الإنسان الكتابة بالقلم, ولم يكن له علم بها, فاستطاع عن طريقها أن يتفاهم مع غيره, وأن يضبط العلوم والمعارف, وأن يعرف أخبار الماضين وأحوالهم, وأن يتخاطب بها مع الذين بينه بينهم المسافات الطويلة. فكأنه تعالي يقول لنبيه: إن من علم غيرك القراءة والكتابة بالقلم, قادر علي تعليمات القراءة وأنت لا تعرف الكتابة, ليكون ذلك من معجزاتك الدالة علي صدقك, وكفاك بالعلم في الأمة معجزة.