يوجه كارهو الدين الحق, من معاندين ومدعين وغيرهم, سهام تشكيك في رواة السنة النبوية وأئمة الحديث الشريف بالطعن والقدح, وإثارة شبهات, لهز الثقة في مرويات ومصنفات, تحوي صحيح الحديث الشريف. من أشهر من يناله الهجوم الوافر, أبو هريرة والبخاري رضي الله عنهما علي الرغم من إحكام الرواية, وفق معطيات علمية, وسلامة عملية التصنيف العلمي وفق قواعد علمية, كلها مجتمعة تشهد وتؤكد الدقة الفائقة في الرواية والتعلم والتعليم. بادئ ذي بدء: فإن المطاعن لرواية الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه يأخذ منحني الطعن في الصحابة رضي الله عنهم من نفوس غير سوية, لا تقف عند حدود الأدب, فقد زكي الله عز وجل ذلكم الجيل تزكية متفردة( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه).. التوبة100, وأثني عليهم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ( خير الناس قرني, ثم الذين يلونهم, ثم الذين يلونهم....) ويمكن إيراد أهم المطاعن علي النحو التالي: مطاعن متعددة في شخصيته الاجتماعية تارة, والسياسية تارة أخري, والعلمية وهي بيت القصيد! واني في هذه السطور أربأ براوية الإسلام أن يكون متهما فيدافع عنه, أو مدانا فيعتذر عنه! كلا! والله! فشخصية أبو هريرة رضي اله عنه وأرضاه تسمو علي كل تقولات وتخرصات, وبهتان! زعموا أنه كان فقيرا, وأن عمر رضي الله عنه عزله من ولاية البحرين, عندما حاسبه ووجده معه مالا كثيرا! الحق أن فقره ليس عيبا, فليس الغني أو الثراء سببا لنزاهة وليس الفقر سببا لانحراف, وأما( قصة) عزله, فهو الذي عزل نفسه, وأبي الاستمرار تفرغا للعلم, بعدما وضح أحقيته في مال حلال نماه. وزعموا أن حفظه للكم الكبير في زمن قصير, مدعاة لاتهامه يوضع( الحديث)!, وطعنوا في مروياته تحت مجهر( أهوائهم) وعشي أبصارهم!. والحق الذي يجب المصير إليه أن الغرض من إثارة غبار التشكيك في شخصية راوية الإسلام, ما هو إلا محاولات يائسة للهجوم علي ذاتية السنة النبوية, بهز الثقة في أوثق وأشهر راويتها! وأن دحض شبهات هؤلاء يسيرة, تتضح في نصوص شرعية وتوثيقات علمية تراثية ومعاصرة من أهل الذكر, لا من مدعي الفكر! سأل أبو هريرة رسول الله صلي الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله, من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فأجابه صلي الله عليه وسلم قائلا:( لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك, لما رأيت من حرصك علي الحديث, أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه, أو نفسه). أن رجلا جاء إلي زيد بن ثابت فسأله عن شيء فقال له زيد: عليك بأبي هريرة, فإنه بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ذات يوم ندعو الله تعالي, ونذكر ربنا, خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي جلس إلينا, وقال: فجلس وسكتنا, فقال: عودوا للذي كنتم فيه. قال زيد: فدعوت أنا وصاحبي قبل أبي هريرة, وجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يؤمن علي دعائنا, قال: ثم دعا أبو هريرة فقال: اللهم إني أسألك مثل الذي سألك صاحباي هذان, وأسألك علما لا ينسي, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( آمين), فقلنا يا رسول الله, ونحن نسأل الله علما لا ينسي, فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:( سبقكما بها الغلام الدوسي). أن عائشة رضي الله عنها دعت هذا الصحابي الجليل أبا هريرة, وقالت: ما هذه الأحاديث التي تبلغنا أنك تحدث بها النبي صلي الله عليه وسلم, هل سمعت إلا ما سمعنا, وهل رأيت إلا ما رأينا؟ فأجابها أبو هريرة قائلا: يا أماه, إني والله ما كان يشغلني عنه شيء. روي مالك بن أبي عامر قال: كنت عند طلحة بن عبيد الله فدخل عليه رجب فقال يا أبا محمد والله ما ندري هذا اليماني أعلم برسول الله صلي الله عليه وسلم أم أنتم, تقول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما لم يقل, يعني أبا هريرة. فقال طلحة: والله ما يشك أنه سمع من رسول الله صلي الله عليه وسلم ما لم نسمع, وعلم ما لم نعلم, إذا كنا قوما أغنياء, لنا بيوت وأهلون, كنا نأتي نبي الله صلي الله عليه وسلم طرفي النهار ثم نرجع, وكان أبو هريرة رضي الله عنه مسكينا لا مال له ولا أهل ولا ولد, إنما كانت يده مع يد النبي صلي الله عليه وسلم, وكان يدور معه حيثما دار, ولا نشك أنه قد علم ما لم نعلم, وسمع ما لم نسمع, ولم يتهمه أحد منا أنه تقول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما لم يقل دعا له رسول الله صلي الله عليه وسلم بعدم نسيان العلم, وحدث أن شكا أبو هريرة لرسول الله صلي الله عليه وسلم النسيان فقال: يا رسول الله, إني اسمع منك حديثا كثيرا أنساه. فقال صلي الله عليه وسلم له: أبسط رداءك. يقول أبو هريرة: فبسطته. فغرف بيديه, ثم قال: ضمه, فضممته, فما نسيت شيئا بعده. روي أنه جلس أمام رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال صلي الله عليه وسلم:( أيكم يبسط ثوبه فيأخذ من حديثي هذا ثم يجمعه إلي صدره فإنه لم ينس شيئا سمعه, فبسطت بردة علي حتي فرغ من حديثه ثم جمعتها إلي صدري فما نسيت بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به) دافع عن نفسه: إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة, ولولا آيتان في كتاب الله ما حدث حديثا, ثم يتلو:( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدي من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم) إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق, وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم, وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلي الله عليه وسلم بشبع بطنه, ويحضر ما لا يحضرون, ويحفظ ما لا يحفظون.