أعتقد كما يعتقد الكثير من المحللين السياسيين والاقتصاديين علي حد سواء أن الاتجاه الدولي السائد الآن بين دول العالم المختلفة هو دعم وتعزيز التعاون الاقتصادي في كافة المجالات, بل والسعي بجدية إلي إحياء التجارة مع دول وتكتلات في كافة دول العالم من منطلق رئيسي, هو ان الاقتصاد عصب الشعوب وانه مهما بلغت قوة ومتانة العلاقات السياسية بين أي دولتين, دون أن يترتب علي ذلك دعم العلاقات الاقتصادية وانعكاس ذلك بصورة مباشرة علي شعبي البلدين في صورة مشاريع حقيقة يشعر بها المواطن البسيط, فلن يكون لقوة العلاقات السياسية أي أهمية في وقتنا الحالي. ولذا فانني أقول إن الاقتصاد هو القاطرة الحقيقية لعلاقات الشعوب وليس السياسة ومن هذا المنطلق أطلقت الصين فكرة إحياء طريق الحرير الذي كان يربط بين الصين والدول العربية قديما, وساهم كثيرا ليس في انعاش التعاون التجاري بين الجانبين فقط بل أيضا ساهم في تبادل الثقافات بين الصين والدول العربية بصورة كبيرة وبالتالي سيكون مشروع طريق الحرير أحد أهم المحاور الرئيسية لدعم التعاون الاقتصادي بين القاهرة وبكين في ظل تنام واضح للعلاقات السياسية بين البلدين. والمؤكد ان فكرة إحياء طريق الحرير بين الصينوالقاهرة وبالتبعية مع باقي الدول العربية وهي الفكرة التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ- ستكون ركيزة كبيرة لإحياء ودعم العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين القاهرة وبكين, خاصة ان الصين لاتنسي ان القاهرة كانت اول عاصمة عربية وافريقية اعترفت باستقلالها بالاضافة الي التعاون الاقتصادي الذي نما يشكل كبير بين البلدين خلال السنوات الاخيرة, حيث شهد حجم التبادل التجاري بين البلدين كما قال السفير الصينيبالقاهرة سونج أيقوة- قفزة كبيرة العام الماضي حيث بلغ11.6 مليار دولار وهو يعد رقما قياسيا جديدا, مما جعل الصين أكبر شريك تجاري لمصر بينما بلغ قيمة التبادل التجاري الثنائي نحو6 مليارات دولار عام2010, لافتا إلي أن الاستثمارات الصينية المباشرة غير المالية بلغت نحو97.5 مليون دولار وهذا بخلاف الاستثمارات في مجالات أخري. ولاشك أن إحياء طريق الحرير سيمثل رمزا قويا للتعاون الاقتصادي بين مصر والصين, خاصة إذا علمنا ان المشروع الجديد لقناة السويس سوف يساهم في دعم هذا المشروع بتسهيل حركة السفن القادمة من الصين الي الدول العربية والعكس وبالتالي دعم حركة التجارة في الاتجاهين وتعزيز فكرة قيام الصين بانشاء منطقة صناعية ضخمة ضمن المشاريع الدولية المقترحة من قبل مصر علي المحور الجديد لقناة السويس, خاصة ان الصين تتمتع بخبرة كبيرة في مجال المواني والنقل البحري, وأيضا في ظل القبول الشعبي الكبير لفكرة التعاون مع الصين حيث تراجعت كثيرا شعبية الولاياتالمتحدة بعد سياستها العمياء تجاه مصر والشرق الاوسط خلال السنوات الماضية. ويجب ان ندرك ان الهدف الرئيسي من دعم مصر لطريق الحرير هو السعي لخلق المزيد من فرص العمل للشباب المصري من خلال إقامة مشاريع جديدة في مناطق متعددة تحت شعار الشراكة المتكاملة بين القاهرة وبكين والتي دون شك ستكون في صالح الشعبين المصري والصيني, حيث ستفتح أسواق جديدة امام المنتجات الصينية في الوقت التي ستتيح فيه فرص عمل جديدة امام الشباب المصري, خاصة في ظل التقدم الكبير الذي حققته الصين خلال السنوات الماضية واستطاعت من خلاله ان تحتل المركز الثاني في الاقتصاد العالمي, وهو ما يبعث برسالة قوية الي الشعب المصري والعالم مفادها أن مصر تسير علي الطريق الصحيح وأن الدعم الصيني يصب في خانة تبادل المنفعة والشراكة بين البلدين. [email protected]