بعد تجديده يقدم مسرح الغد بالبالون في أول عرض له بعد تولي المخرج اسماعيل مختار ادارته وهو عرض الفرافير.. أشهر كتابات الراحل العظيم الدكتور يوسف ادريس.. لكن العرض الجديد يحمل اسم هي كده من اخراج المخرج الشاب المجتهد محمد سليم. والمسرحية قدمت في أواسط الستينيات من القرن الماضي علي المسرح القومي.. حيث قام بأداء الأدوار الرئيسية كل من توفيق الدقن في دور السيد وعبدالسلام محمد في دور الفرفور أو التابع وهو الدور الذي صنع له شهرة وعبدالرحمن أبو زهرة في دور الميت.. وقد صنع منه نجما لتميزه في الأداء الساخر.. وقد حدث تغيير في العرض الجديد حيث تحول الفرفور إلي فرفورة.. امرأة.. وقد خشيت قبل أن أحضر العرض أن يؤثر ذلك تأثيرا اساسيا في مضمون المسرحية.. حيث ينقلب المعني أو الرؤية الإدريسية التي تريد أن توصل للمتفرج أن الحياة تقوم اساسا علي واقع السيد والتابع وأن الفرفور مهما فعل أو حاول سيظل يدور في فلك السيد.. بل إن الكون كله بدءا من الذرة وحتي المجرة يتبع نفس القانون.. وكذلك التاريخ الانساني.. وأن هذا القانون سيظل ساريا حتي بعد الموت لذلك اختار المخرج محمد سليم للعرض الجديد اسم هي كده تأكيدا للمعني.. وحين حضرت العرض فوجئت بأن التغيير الذي حدث تحت مسمي الإعداد لم يغير كثيرا في رؤية يوسف ادريس الفلسفية.. لكن غير فقط في الرؤية البصرية الجمالية للعرض. كان الإخراج في العرض الجديد لافتا, سواء في الجزء السينمائي الذي بدأ به العرض والذي حاول أن يؤكد المعني.. كذلك كان الإخراج المسرحي الذي تميزت فيه الإضاءة مع الديكور مع حركة وتنسيق الممثلين.. حيث تميزت حركتهم بالسرعة والحيوية رغم أن المسرحية من حيث الصراع غير تقليدية. قام الفنان شريف صبحي بدور السيد وشريف صبحي يتميز بالأداء الحركي البدني إلي جوار أدائه الصوتي.. وقد كان شعلة من الحيوية في تنقلاته علي خشبة المسرح وتوصيله للمعني.. وقد ساعده تناغم بطلة العرض أو الفرفورة سامية عاطف التي أتوقع لها النجومية.. فلم يفلت منها الدور ابدا.. كذلك كان طارق شرف في دور المحقق مؤكدا المعني العام للمسرحية في تمرده الواعي والحي علي المؤلف عصام شكري.. الذي أدي الدور بفهم كامل.. أما الجديد فهو محمود الزيات في دور الميت والذي يمثل ربما لأول مرة علي خشبة المسرح بعد عمله بالإخراج حيث أكسب الدور مرحا وسخرية وحياة رغم أنه ميت! ولا نسي دور الأغاني التي زادت من حيوية العرض والتي كبتها الشاعر المثقف المتمرس محمد الشاعر.. لقد كانت عنصرا هاما وفعالا.. بسيطة وعميقة ودالة في نفس الوقت. إن مسرح الغد من المسارح الصغيرة المميزة والذي يقدم العروض المميزة أيضا.. وله جمهوره ورواده وفنانوه الذين يؤمنون برسالة ويعملون بدأب رغم أنهم ليسوا نجوما كبارا.. لكنهم ما أن صعدوا إلي خشبة المسرح حتي يتحولوا إلي نجوم كبار.. خارجين من مدار الفرافير إلي مركزية الأسياد.