تعتبر غريزة الأمومة من أقوى الغرائز على وجه الحياة فهى تبدو جلية فى كل الكائنات الحية وعلى رأسهم الإنسان ويلقبها العلماء بأم الغرائز، وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغريزة فى الحيوانات وقرنها بالرحمة فى قوله: (جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل فى الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) وغريزة الأمومة تشمل فترة الحمل ومتاعبه والمخاض وآلامه والرعاية والعناية بالوليد بعد ولادته سواء بالرضاعة أو الاحتضان وقد التفت الانسان منذ القدم إلى الأمومة وربطها حتى بالألوهية فى المجتمعات القديمة ظناً منه أن الأنثى هى مصدر الخلق والروح لذا انتشرت الالهة الانثى بمسميات مختلفة حتى تجاوزت البشرية هذه الأفكار الضيقة، وخرجت الى رحاب الأديان السماوية التى كرمت الأم اعلى تكريم فجعل الله سبحانه وتعالى مقام الأمومة والأبوة بعد مقام عبادة الله الواحد الاحد. اليوم أصبح المجتمع العلمى أكثر تقبلاً ودعماً لفكرة وجود العواطف لدى الحيوانات فالأمر تجاوز كونها مجرد مشاهدات او أقاويل حكاها بعض المربين الى أدلة علمية دامغة ومع احتفالنا منذ يومين بعيد الأم رأينا أن نتناول سوياً فى عجالة بعض صور الأمومة فى عالم الحيوان، ونبدأ بعالم الطيور وهى الأقرب لعالم البشر حيث يشترك كل من الأم والأب فى رعاية الصغار فنجد العصفورة قبل وضع البيض وهى تبنى العش فى سعادة غامرة وتبحث فى كل مكان مع العصفور عن مواد بناء العش وتبحث عن مكان آمن بعيد عن الأعداء ثم تضع البيض وترعاه بدفئها حتى يفقس ثم تتولى إطعامهم فى مشهد تغيب عنه قوانين الغابة فهو مشهد انكار للذات من الأم والأب من أجل الصغار ويزيد الامر غرابة حينما تجد الحيوانات المفترسة وهى تحنو على أبنائها وتعتبر هذه اللحظات الساحرة المادة الأكثر أهمية للمصورين فى كل أنحاء البرية. بل وقد يزيد اندهاشك فى عالم الطيور من الفترة التى يقضيها ذكر البطريق والتى تتجاوز الشهرين وهو فى وضع أشبه بالثبات وهو يمسك البيضة بين قدميه أسفل بطنه ليمدها بالدفء اللازم وحتى لا تلمس الثلج فيموت الجنين قبل فقس البيضة ويظل طيلة هذه الفترة فى صيام حتى تتغير الاحوال الجوية وتفقس البيضة وتتولى الأنثى رعاية الصغير بعد أن تكون قد أحضرت له الغذاء اللازم. وفى عالم الحيوانات الأليفة نجد الجملة الأكثر شهرة على لسان المصريين فى حالات الاستغراب هى القطط أكلت عيالها؟ فالقطط من أكثر الحيوانات رعاية لصغارها بداية من اختيار مكان مناسب للولادة حتى لايتعرف أحد على صغارها ثم مرورا بلحس ولعق صغارها وتنظيفهم من سوائل الولادة وتعد عملية اللعق كمساج أو تدليك لجسم الصغار لتسهيل عملية التنفس، كما تقوم بطبع برائحتها عليهم لتمييزهم ولسهولة التعرف عليها ولا تسمح القطة لاى أحد حتى ولو كان من الأشخاص المقربين الذين يقدمون لها الطعام بالاقتراب من صغارها. واذا شعرت القطة بأى خوف فإنها تمسك صغارها بين فكيها فى صورة مميزة لتهرب بهم بعيداً لكن البعض يظن أنها تأكلهم ومن هنا ذاعت صيت هذه الجملة عند حدوث أمر جلل كيف أن القطة تأكل عيالها؟ ما الذى حدث فى الدنيا؟ فى النهاية لا ننسى أن نتقدم إلى كل أم مصرية بخالص التهنئة فى يومها. ولا ننسى بالطبع مصر أم الدنيا. أخصائى إرشاد بيطرى