إن إعادة القيم والأخلاق تكون ببيان حقيقتها للناس, وتلك مهمة الأسرة ووسائل الإعلام والدعاة إلي الله تعالي, بحسبان أن علي هذه الجهات تقع مهمة تصحيح كثير من الأخطاء , ومعالجة وجوه الخلل في مسيرة الأفراد والجماعات, والدعوة إلي الله تعالي في المقام الأول أمر بالمعروف ونهي عن المنكر, وتلك هي قيم الإسلام وأخلاقه, التي تمثلها رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم, والتزم بما أدبه ربه وطبعه عليه, فكان كما قالت عائشة رضي الله عنها: قرآنا يمشي بين الناس, وقد ترسم سلف الأمة نهج وأخلاق نبيهم صلي الله عليه وسلم, فكانوا هداة للناس, وحق علي الناس أن يتخلقوا بأخلاقه وأن يتبعوا هديه بحسبان أن الله أمرهم بذلك فقال تعالي: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا, فإن من شأن هذا التأسي دعوة أفراد وهذه الأمة إلي التخلق بأخلاقه واتباع هدية, وإن المجتمع المصري الذي عاني نكبات عدة سببها له من ينتسبون إليه, زلزلت فيه ثوابت عقيدته وأخلاقه, مما جعل كثيرا من أفراده يجيلون النظر فيما استقر في نفوسهم, للوقوف علي ما هو حق وما هو باطل, ولذا فإنه لابد وأن يفيق من هذه النكبات, وأن يضمد جراحه, وأن يصلح ما فسد في نسق حياته, وذلك بالالتزام بشرع الله تعالي, والتمسك بالحق والعدل, والقيم الأصيلة التي دعت إليها الشرائع السماوية, من الحلم والرحمة والرفق والتواضع, والعفو والصفح والحكمة والجود, والتكافل والتآزر والتعاضد والتعاون علي البر, وكف الأذي عن الناس, وتجنيبهم الشرور, وعدم البداءة بالعدوان, وصون اللسان عما يستقبح من القول, سبا كان أو غيره, ونحو ذلك من آداب وقيم دعت إليها هذه الشرائع, إذ من شأن الالتزام بها أن يعيش الناس في سلام مع خالقهم وأنفسهم وغيرهم, ومما ورد في السنة أن حسن الخلق سبيل يبلغ بصاحبه درجة النبيين, فقد ورد في الحديث: إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا, وإلي أن يئوب أفراد المجتمع إلي منهج الله تعالي, فإن هناك التزامات تقع علي الأسرة وعلي الدعاة إلي الله تعالي وعلي وسائل الإعلام المختلفة, بغرس القيم والأخلاق السامية في نفوس الناس, ودعوتهم إلي محاسبة أنفسهم, ومراقبة سلوكهم وتصرفاتهم, وتنمية الجوانب الخلقية السوية في نفوسهم, باعتبار أن الأحداث الماضية أحدثت زلزالا شديد الوقع في نفوسهم ومعتقدهم, وهذا يحتاج إلي معالجة دائبة, للتخلص من تداعياتها.