بايدن يؤكد للرئيس السيسى تقديره لجهود مصر للتوصل لوقف إطلاق النار فى غزة    الأهلى يهزم الزمالك 27 - 21 ويحسم لقب محترفى اليد    عيار 21 بالمصنعية بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 24 مايو 2024 للبيع والشراء    مصر تُرحِب بقرار "العدل الدولية" فرض تدابير مؤقتة إضافية على إسرائيل    الصين تحذر: رئيسة تايوان تدفع باتجاه الحرب    تزامنا مع كلمة ل نصر الله.. حزب الله يستهدف موقعا إسرائيليا بصاروخين ثقيلين    "بولتيكو": إجراءات روسيا ضد إستونيا تدق جرس الإنذار في دول البلطيق    «العمل» تكشف تفاصيل توفير وظائف زراعية للمصريين باليونان وقبرص دون وسطاء    الأهلي يبدأ مرانه الختامي لمواجهة الترجي في نهائي دوري أبطال إفريقيا غدا    «تجاوز وعدم أدب».. بيان ناري لرابطة النقاد الرياضيين ردًا على تصريحات محمد الشناوي ضد الصحافة المصرية    الدبلومات الفنية 2024.. "تعليم القاهرة": تجهيز أعمال الكنترول وتعقيم اللجان    المخرج أشرف فايق: توقعت فوز الفيلم المصري "رفعت عيني للسما" بذهبية مهرجان كان    تحديث بيانات منتسبي جامعة الإسكندرية (صور)    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن هضبة الأهرام بالجيزة اليوم    الأمم المتحدة تحذر من انتشار اليأس والجوع بشكل كبير فى غزة    الترقب لعيد الأضحى المبارك: البحث عن الأيام المتبقية    سكرتير عام البحر الأحمر يتفقد حلقة السمك بالميناء ومجمع خدمات الدهار    بعد جائزة «كان».. طارق الشناوي يوجه رسالة لأسرة فيلم «رفعت عيني للسما»    بعد تلقيه الكيماوي.. محمد عبده يوجه رسالة لجمهوره    أعضاء القافلة الدعوية بالفيوم يؤكدون: أعمال الحج مبنية على حسن الاتباع والتسليم لله    «الرعاية الصحية» تشارك بمحاضرات علمية بالتعاون مع دول عربية ودول حوض البحر المتوسط (تفاصيل)    قوافل جامعة المنوفية تفحص 1153 مريضا بقريتي شرانيس ومنيل جويدة    «العدل الدولية» تحذر: الأوضاع الميدانية تدهورت في قطاع غزة    فيلم "شقو" يواصل الحفاظ على تصدره المركز الثاني في شباك التذاكر    بعد ظهورها بالشال الفلسطيني.. من هي بيلا حديد المتصدرة التريند؟    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    مبابي يختتم مسيرته مع باريس سان جيرمان في نهائي كأس فرنسا    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    الأزهر للفتوى يوضح أسماء الكعبة المُشرَّفة وأصل التسمية    التعليم العالي: جهود مكثفة لتقديم تدريبات عملية لطلاب الجامعات بالمراكز البحثية    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور H5N1 في الأبقار.. تحذيرات وتحديات    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    أول جمعة بعد الإعدادية.. الحياة تدب في شواطئ عروس البحر المتوسط- صور    بالأسماء.. إصابة 10 عمال في حريق مطعم بالشرقية    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    "العد التنازلي".. تاريخ عيد الاضحي 2024 في السعودية وموعد يوم عرفة 1445    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    الإسكان تتابع جهود قطاع المرافق لتعظيم الاستفادة من الحماة المنتجة من محطات معالجة الصرف الصحي    11 مليون جنيه.. الأمن يضبط مرتكبي جرائم الاتجار بالنقد الأجنبي    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    مران صباحي ل«سلة الأهلي» قبل مواجهة الفتح المغربي في بطولة ال«BAL»    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    "التروسيكل وقع في المخر".. 9 مصابين إثر حادث بالصف    "تائه وكأنه ناشئ".. إبراهيم سعيد ينتقد أداء عبدالله السعيد في لقاء فيوتشر    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على محاور القاهرة والجيزة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏..‏ والصعود نحو الهاوية‏22‏

وماذا بعد؟‏!‏ تناولنا علي مدار تلك الحلقات مسيرة الإخوان منذ التأسيس عام‏1928‏ وحتي الآن‏,‏ رصدنا التطور والتنامي الحركي والفكري للجماعة علي مدار مايقرب من ثمانين عاما‏
‏ونتوقف أخيرا امام خمس قضايا رئيسية‏,‏ تمثل عوامل مهمة في الحكم علي مصير الجماعة المحتوم‏(‏ الصعود الدائم نحو الهاوية‏)‏ وهي قضايا الموقف من السلطة وعالمية الجماعة‏,‏ واقتصاديات الإخوان‏,‏ والإخوان بين الدين والسياسة‏,‏ والديمقراطية الداخلية‏.‏
هذه القضايا التي تؤكد ما أشرنا إليه دائما من وجود لغط تاريخي‏,‏ عرف طريقه ليس فقط للرافضين والمنافسين للإخوان‏,‏ بل وصل إلي أعضاء وكوادر من المؤسسين للجماعة‏.‏
أولا‏:‏ الموقف من السلطة‏:‏
حركة الإخوان الآن‏,‏ والتحديات الخطيرة التي تواجهها‏,‏ تختلف جذريا عن تفاعلهم السياسي القديم قبل ثورة يوليو‏,‏ وفي مرحلتي عبدالناصر والسادات‏,‏ ذلك ان الخريطة الدولية فضلا عن المحلية قد تغيرت وتبدلت ملامحها‏,‏ وظهر امتحان من نوع جديد‏,‏ يتطلب اجابات عن اسئلة مختلفة عن تلك التي كانت مطروحة من قبل‏.‏
كيف تتعامل الاتجاهات المختلفة داخل حركة الإخوان مع التاريخ السياسي والفكري للجماعة؟ وكيف يحللون ويقيمون ما تعرضوا له من اضطهاد ومحن وما وجه اليهم من انتقادات؟‏!‏ المسألة ليست اجتهادا شخصيا بطبيعة الحال‏,‏ لكنها تعبير عن موقف سياسي وفكري شامل‏.‏
الحرس القديم ممثلا في رؤيتي مصطفي مشهور ومأمون الهضيبي اللتين مازلتا تعملان من خلال رؤيتي عاكف ومحمود عزت‏,‏ يريا الأمر في إطار الابتلاء القدري‏,‏ ولا مفر من الرضا به والتسليم بتبعاته‏,‏ ولا يفكران في مراجعة مسبباته والاستعداد لممارسة النقد الذاتي وتصحيح المسار‏.‏
الحملات الأمنية العنيفة عندهما‏:‏ ابتلاء لم يتوقف من الاربعينيات‏.‏
وهو ما يوافقهم عليه بالكامل السيد مهدي عاكف مؤكدا أن كل الابتلاءات التي اصابت مصر في السنوات الخمسين السابقة كانت بسبب اضطهاد السلطة للإخوان‏,‏ ويشدد عاكف في احدي رسائله الأسبوعية للإخوان علي أن عدوان‏1956‏ كان سببا مباشرا لاضطهاد عبدالناصر للإخوان في محاكمات‏1954,‏ وهزيمة‏1967‏ كانت سببا مباشرا لاضطهاد السلطة للإخوان في عام‏1965,‏ وحذر عاكف من كارثة جديدة يمكن ان تنتج عن اعتقالات الإخوان الأخيرة في مايو من عام‏2005(‏ عبدالرحيم علي‏:‏ الإخوان المسلمون‏..‏ أزمة تيار التجديد‏).‏
والسبيل الوحيد للمواجهة بعيد تماما عن فكرة المواجهة الحقيقية الجادة‏:‏ نحن نحاول زرع الصبر علي الابتلاء في قلوب الإخوة‏,‏ مؤمنين بأن النصر قادم لا محالة لأننا علي الحق‏:‏ ولانهما ينطلقان من إيمان يقيني لاتعرفه الممارسة السياسية‏,‏ فإن المشاكل التي تعرض لها الإخوان ليست إلا مقدمة للنصر الحتمي الذي لا يتكيء علي معطي مادي‏:‏ طريقنا صحيح مائة في المائة‏,‏ لأننا اقتبسناه من سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم ونحن أهل للقيادة‏,‏ لاننا تعرضنا لمحن عديدة وصمدنا وحافظنا علي الجماعة فلم تنهر‏,‏ بل اتسعت دائرتها في جميع أنحاء العالم‏,‏ ونحن الآن نعد القاعدة المؤمنة الصلبة القائمة علي الجلد والصمود استعدادا لوقت تتحسن فيه الظروف‏(‏ عبدالرحيم علي المرجع السابق‏).‏
الخلط قائم بين المعاناة الذاتية التي تتطلب الصبر والجلد والصمود‏,‏ وبين الموقف السياسي الذي يتجاوز الأفراد وقدراتهم علي التضحية والتحمل‏.‏
وفي هذا السياق‏,‏ يبدو منطقيا ان يكون تاريخ الإخوان نقيا صافيا بلا أخطاء او شوائب‏,‏ وان تختفي فكرة المراجعة وإعادة النظر في الثوابت والمرتكزات القديمة‏,‏ عندما يتطرق الحديث إلي أعمال العنف التاريخية التي قام بها الإخوان‏,‏ وبخاصة عمليتي الاغتيال اللتين استهدفنا في نهاية الاربعينيات من القرن العشرين كلا من محمود فهمي النقراشي والخازندار‏,‏ تأتي الإجابة دفاعية تبريرية‏:‏ هذه الحوادث حدثت والجماعة غير موجودة تنظيميا‏,‏ فقد تم حلها واعتقال قيادييها وأغلب كوادرها قبل تنفيذ هذه العمليات‏,‏ وجاءت هذه الأحداث تعبيرا عن غضب يموج داخل اوساط الجماعة‏,‏ ولكن عبر اجتهاد فردي‏,‏ وقد أعلن الاستاذ البنا وقتها انهم ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين‏.0‏ ريتشارد ميتشيل‏,‏ الإخوان المسلمون ج‏1).‏
بمثل هذا المنطق يمكن الدفاع عن كل الأخطاء المنسوبة إلي الإخوان‏,‏ ويكتسب التاريخ الإخواني قداسة لا تعرفها السياسة‏,‏ والجمود الفكري والتنظيمي هو المحصلة الحتمية للتفكير الدفاعي المحافظ‏,‏ فلا مبرر لإعادة النظر او التغيير او التطوير‏.‏
في المقابل‏,‏ يري مختار نوح‏(‏ احد رموز تيار السبعينيات‏)‏ ان العمل السياسي يعني وجود أخطاء مشتركة لا ينفرد بها طرف دون آخر‏:‏ فلا يعقل ان يوجد
عمل حركي أو آخر سياسي لا توجد به أخطاء والاعتراف بها أول الطريق لمعالجتها‏.‏
وجدير بالاهتمام‏,‏ ما يعلنه مختار نوح من تأييد حماسي وصريح لما سبق أن أعلنه القيادي الناصري حمدين الصباحي‏:‏ أقول لك ما قال حمدين صباحي‏,‏ ما أوافق عليه‏,‏ فقد قال إنه مدين باعتذار للشعب المصري عن بعض ما حدث في الفترة الناصرية‏,‏ وقال‏:‏ إن الحديث عن التاريخ بينما العدو علي الأبواب نوع من أنواع الهزل وقال‏:‏ إننا لا نعبد أشخاصا‏,‏ ولكن نعبد أفكارا‏,‏ وإننا يجب أن نلتزم كقوي وطنية بمبادئ محدودة وآليات محددة‏,‏ كل هذه المقولات أعتبرها أنا ميثاق عمل جديدا يجمع القوي الوطنية في مصر بما فيها الدولة‏,‏ وأنا مؤمن بهذا‏,‏ واعتبرها علي لساني‏.(‏ محضر نقاش مع مختار نوح‏).‏
الإخوان إذن مدينون للشعب المصري باعتذار عن ممارستهم السلبية والتجاوزات التي يعترفون بها‏,‏ والإخوان بالتبعية بشر يعملون في السياسة‏,‏ يخطئون في اجتهاداتهم ويصيبون‏,‏ ويعتذرون كمقدمة للإصلاح والتغيير‏.‏
ويؤمن د‏.‏ عصام العريان‏(‏ واحد ايضا من المحسوبين علي تيار السبعينيات‏)‏ ان التغيير المنشود لن يتحقق بمعجزة تأتي من السماء‏,‏ وهو بذلك يتحاوز المفهوم الاستسلامي القدري ذا النزعة الاستشهادية‏,‏ وهو مفهوم تقليدي يخلط بين الذاتي والموضوعي‏,‏ وبين الديني والسياسي ولا يجد العريان حرجا في رفض قداسة أفكار ومواقف حسن البنا‏,‏ فهي عنده رهينة بمرحلة تاريخية معينة‏,‏ ولا معني للالتزام الحرفي بها‏:‏ هناك أناس مازالت لديهم تحفظات‏,‏ فهم يثيرون علي سبيل المثال إشكالية الوجود الدولي للجماعة وطبيعة مهام المرشد‏..‏ فهل المرشد يدخل الحزب أم لا‏,‏ باعتباره مرشدا للإخوان في العالم كله وليس مصر وحدها؟ هناك تخوف شديد من مثل هذه الأمور ايضا علي سبيل المثال هناك أناس مقتنعون ببعض المقولات التي قالها الإمام حسن البنا في توقيت معين‏,‏ لذا فأنا واحد من الذين طالبوا مرارا بدراسة التجارب الحزبية للإخوان في اليمن والجزائر والكويت‏(‏ محضر نقاش مع‏:‏ عصام العريان‏).‏
الاقتناع بمقولات البنا ليس فريضة حتمية‏,‏ فالنظر إلي الواقع والتواصل معه قد يقود إلي رؤي واجتهادات مختلفة‏,‏ تتوافق مع المتغيرات التي لم يعايشها البنا‏.‏
ويري أبو العلا ماضي‏(‏ أحد قادة تيار السبعينيات‏)‏ أن الأمر يحتاج إلي مراجعة شاملة تتضمن التاريخ والحركة والفكر‏,‏ وأعني بالمراجعة الشاملة‏:‏
أولا‏:‏ المراجعة التاريخية‏:‏ وتتضمن دراسة الأخطاء الكبري وأهمها إنشاء النظام الخاص والأعمال الإرهابية التي قام بها‏,‏ وكذا الصدام مع عبدالناصر ومسئولية الجماعة عنه‏,‏ ومشروعية عودة الجماعة في السبعينيات وطريقة اختيار المرشد وقتها‏,‏ كذا الطريقة التي اتبعها رجال النظام الخاص في الاستحواذ علي القرار داخل الجماعة‏,‏ مما دفع إلي إبعاد عدد كبير من قادة الجماعة التاريخيين‏,‏ وأخيرا إهدار الفرصة التاريخية التي عرضها عليهم الرئيس السادات حينما طلب منهم إنشاء حزب ورفضوا‏.‏
ثانيا‏:‏ المراجعة الحركية‏:‏ وتتضمن تحديدا دقيقا وحاسما للشكل التنظمي الذي يجب أن تعمل الجماعة من خلاله‏,‏ وهل هو شكل الجماعة الدعوية أم الحزب السياسي‏,‏ فالشكل الأول ملك للأمة‏,‏ وناصح أمين لها‏,‏ ومعين علي اختياراتها‏,‏ أما الثاني فمنافس للقوي الموجودة يجب عليه تبني برامج محددة حتي يتاح للأمة حسن تقييمه‏,‏ ولا يجوز بالطبع الجمع بين الشكلين‏,‏ حيث لا يمكن أن تكون داعيا ناصحا وفي ذات الوقت منافسا سياسيا شريفا‏,‏ هذا بالإضافة إلي إعادة النظر فيما يطلق عليه التنظيم الدولي‏,‏ وحجم الضرر العائد من ورائه والذي يفوق حجم النفع بكثير‏.‏
ثالثا‏:‏ المراجعة الفكرية‏:‏ وتشمل مراجعة أفكار قادة الجماعة بمن فيهم مؤسسها حول قضايا المرأة والعمل الحزبي والمجتمع الجاهلي واستخدام القوة في التغيير‏,‏ كذا مراجعة أفكار الجماعة حول المواطنة والتعددية والنظرة إلي السلطة الحاكمة‏,‏ وقضايا قبول الآخر والديمقراطية والمرجعية الإسلامية‏,‏ وهل ستكون دينية أم حضارية؟‏0‏ محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي‏).‏
مراجعة بلا ضفاف‏,‏ ومطالبة بإعادة النظر في كثير من الثوابت الراسخة‏,‏ وطموح إلي تنظيم جديد يواكب روح العصر‏,‏ ويقتحم المناطق الحرجة المسكوت عنها‏.‏
ثانيا‏:‏ الموقف من السلطة وطبيعة العلاقة معها‏:‏
تأتي آراء قيادات الإخوان حول الموقف من السلطة وطبيعة العلاقة معها‏,‏ لتكشف في الأغلب الأعم عن رؤية لا تخلو من السطحية والسذاجة‏,‏ أو علي الأقل هي تبسيط مخل لا يدرك تعقيد المسألة‏,‏ وما تتسم به من تركيب وتداخل من ذلك مثلا تصريحات المرشدين السابقين‏,‏ الهضيبي ومشهور عن نجاح الاخوان في حشد الجماهير لمعارضة الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني‏:‏ الحكومة تصورت أن الذي يستطيع أن يجيش الناس لهذه القضية يستطيع أن يجيشهم أيضا ضدها‏(‏ تقرير الحالة الدينية الجزء الثاني‏,‏ مركز الأهرام للدراسات‏).‏
لا يمكن ان تكون الحكومة علي هذا المستوي من السذاجة‏,‏ ولا يعقل أن تكتشف فجأة قوة الإخوان فتكيد لهم‏.‏
وتستمر المعالجة السطحية فيما يقوله المرشد العام عن الأفق المستقبلي للصراع مع السلطة والصدام الذي يكتوي الإخوان بنيرانه‏:‏ نحن نعمل حتي يأتي فرج الله‏!(‏ المرجع السابق‏).‏
قد يكون مثل هذا النمط من التفكير سديدا علي المستوي الفردي‏,‏ لكن الادارة السياسية الرشيدة تعي أن فرج الله رهين بإدارة البشر ووعيهم‏.‏
ويصل التبسيط إلي ذروته في مقولة تختزل الصراع وتستطحه‏:‏ المسألة ببساطة اننا أناس تعاديهم الدولة‏,‏ فإما أن يكون هؤلاء الناس علي خطأ وإما أن تكون الدولة علي خطأ‏(‏ نفسه‏)‏
لماذا لا تكون قيادات الإخوان مسئولة؟ ولماذا لا يكون الخطأ مشتركا بين السلطة والإخوان معا؟‏!‏ نمط التفكير هنا ليس سياسيا أو عقلانيا أو عمليا‏,‏ ويخلو من المرونة والإدراك الحقيقي لطبيعة الواقع السياسي في مصر‏.‏
يختلف الأمر جذريا عند مختار نوح‏,‏ فهو من دعاة الوفاق بين الدولة والجماعة‏,‏ وتنهض فكرته من منطلق عملي علمي‏:‏ عملي يدرك خصوصية الحياة المصرية‏,‏ وعلمي يؤمن بأن السياسة ليست صراعا مطلقا بين الخير والشر‏.‏ يقول نوح‏:‏ الحل في خلق واقع من التراضي‏,‏ وليس شكلا قانونيا‏,‏ فالواقع لدينا أهم من الشكل‏,‏ فيحدث أحيانا أن يكون هناك شكل حزبي قانوني‏,‏ ولكن علي الجانب الآخر هناك واقع تصادمي مع هذا الحزب‏(‏ الشكل القانوني‏),‏ وفي دول العالم الثالث ينتصر الواقع ويغلق الحزب‏,‏ ولذا ينبغي التركيز علي الأساس الذي يتيح الحركة وليس الشكل‏..‏ أنا أريد أن تكون العلاقة بين الإخوان والدولة مركزة علي قضية الترخيص أو التصريح بالعمل في إطار قانوني للجماعة‏,‏ ولكن أريد التركيز علي أن يكون هناك واقع تراض ومناخ صحي بين الطرفين‏,‏ فمع وجود التراضي دون وجود الشكل القانوني سأضمن البقاء‏,‏ ولكن في ظل وجود شكل قانوني دون تراض‏,‏ فأنت لا تضمن أي شئ‏.(‏ محضر نقاش مع‏:‏ مختار نوح‏).‏
تختلف أو تتفق مع هذه الرؤية‏,‏ ولكنها تبقي رؤية متوازنة لا تتعالي علي الواقع‏,‏ ولا تقنع بشعارات غير قابلة للتنفيذ البطولة عنده لطبيعة الممارسة‏,‏ ولا مفر من التوازن والتنازل‏,‏ ولا معني لصدام غير متكافئ يفضي بالضرورة إلي هزيمة جديدة وخسائر جسيمة‏.‏
من المرتكزات المهمة في رؤية نوح‏:‏ إزالة عناصر الالتهاب وتمهيد الطريق لميثاق جديد في التعامل بين الدولة والجماعة‏.‏
ويطالب بتلاقي سلبيات الماضي‏:‏ فقد أصبحت مقتنعا بأهمية جمع المعلومات قبل أن ابدأ في الحركة‏,‏ بمعني أن لدي استعدادا للصبر مائة عام قبل أن أتحرك بجهل علي الصعيد المعلوماتي‏,‏ وهذه من وجهة نظري نظرية جديدة‏:‏ جمع المعلومات مقدم علي بداية الحركة‏.‏ ويصل الدكتور عصام العريان إلي اعتقاد بضرورة تطوير برامج الإخوان وخطط عملهم لاعتماد المصالحة مع النظم الحاكمة والمشاركة مع القوي السياسية وهذا شرط أساسي للإصلاح‏(‏ محضر نقاش مع‏:‏ عصام العريان‏).‏ لا تروق مثل هذه الأفكار الإصلاحية الجريئة للحرس القديم بطبيعة الحال‏,‏ ذلك أنهم قانعون بميراثهم ومتشبثون به لا شك في رفضهم لما يقوله أبو العلا ماضي لا يوجد تنظيم في الدنيا يعيش خارج نسق النظام‏.‏
ويواصل أبو العلا حملته النقدية‏:‏ لا يوجد أي أسلوب للمحاسبة‏,‏ ولا توجد أدني شفافية في الجانب التمويلي‏,‏ لدرجة أن أعلي قيادة في الجماعة كانت لا تعرف شيئا في بعض الأحيان حول بعض بنود صرف الأموال‏,‏ وعندما كنا نثير هذا الموضوع كانوا يقولون نحن نعاني من المطاردات الأمنية‏,‏ ولا يجوز والحال كذلك أن نعلن عن مصادر تمويلنا‏.(‏ محضر نقاش مع‏:‏ أبو العلا ماضي‏).‏ ونواصل‏,‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.