بمناسبة القانون الموحد للاستثمار, تحدث أحد المسئولين عن أن القانون الجديد يعطي للمستثمر حق شراء الأراضي المصرية وتملكها. وهذا الحديث يعني استمرار الإبقاء علي القانون رقم69 لعام6991, والذي أصدره النظام الأسبق, بالسماح للأجانب بتملك وشراء وبيع الأراضي والعقارات المصرية, وهو يتعارض مع أبسط حقوق المواطن المصري في العدالة الاجتماعية, وأيضا يتعارض مع قدسية وحرمة أرض الوطن, ويمكن تفسير ذلك من خلال الآتي: 1 أن معظم الدول الكبري تمنع بيع أراضيها للأجانب, وتعطي فقط حق الانتفاع, ولفترات محدودة, لذلك فليس من العدل أن نمنح الأجنبي حق الشراء داخل بلدنا, ويحرم علي المواطن المصري الشراء في البلاد المجاورة. 2 إن مصر ذات طبيعة جغرافية خاصة, فهي واحة وسط صحراء محيطة, وإذا استمر حق البيع للأجانب فسنجد أن معظم الأراضي- حول نهر النيل مثلا- سوف تباع للأجانب, ولن يجد أبناؤنا سوي الصحراء للسكن بها. 3 إن مصر ذات طبيعة اقتصادية واجتماعية خاصة, حيث إن متوسط الدخل في مصر محدود, ومعظم البلاد المجاورة جميعها علي الأقل تتمتع بمتوسط دخل أعلي وبالتالي سوف يجد المواطن نفسه في منافسة غير متكافئة مع غيره من مواطني البلاد المحيطة, وسوف يؤدي للمضاربة علي الأراضي والشقق وارتفاع أسعارها للمواطن المصري. 4 إن مصر ذات طبيعة أمنية خاصة; لأنها مستهدفة, ولا ينبغي أن ننتظر تكرار مأساة فلسطين, كما قال اللواء الشوادفي الرئيس السابق لهيئة الأراضي المصرية, والذي طالب بمنع بيع الأراض المصرية للأجانب. 5 إنه بعد ثورتين وشهداء لا يصح أن يبقي قانون69 للنظام الفاسد, والذي صدر من نحو عشرين عاما تم خلالها بيع أراضي وعقارات كثيرة ضاعت للأبد, ولن تعود مرة أخري. والملاحظ زيادة الشراء من مواطني الدول المجاورة خاصة, مع حدوث الحروب الأهلية, فنجد كثيرا من مواطني العراق وليبيا وسوريا واليمن يقبلون علي شراء العقارات المصرية بدرجة ملحوظة, خاصة في المناطق المميزة, والملاحظ أن الأجانب أصبحوا يمثلون ما بين01 و02% قاطني من عقارات هذه المناطق, فماذا لو استمر القانون خمسين عاما؟ هل نجد الأجانب يملكون05% مثلا؟ وماذا لو استمر أكثر؟ هل نبيع أرضنا من أجل الاستثمار, لذلك ليس غريبا أن نجد فتوي صريحة واضحة من الشيخ محمد الغزالي أكدها عام2005, نصها ما يلي:( يحرم تملك الأراضي المصرية علي الأجنبي تحريما مؤبدا), وذلك في كتابه الإسلام والأوضاع الاقتصادية, ويلاحظ أن الشيخ ذكر صراحة تحريما مؤبدا, ونناشد الأزهر الشريف أن يدلي بدلوه في هذه القضية التي تمس حرمة وقدسية الوطن, وحقوق المصريين جميعا.. وهذا بالاضافة إلي غياب بعد اجتماعي مهم في عملية جذب الاستثمار العربي, فالاستثمارات العربية فوقية أو رأسية في الأساس, لأننا مجتمعات قبلية, بمعني أن هذه الاستثمارات تعتمد لحد كبير علي علاقات مباشرة بين الرؤساء والملوك, لجذب جزء من مدخرات البترول بقرارات ملكية أو رئاسية, وهي بجانب الاستثمارات الشعبية المصرية علي غرار مشروع قناة السويس, هي الاستثمارات المضمونة, والأهم والأكبر, وهي التي تحتاج لمجهودات أكبر وتركيز أكبر بدلا من تشتيت الجهود بطريقة عشوائية لن تجذب إلا القليل, ولكن ليس علي حساب قدسية أرض الوطن وحقوق المصريين, وكما فعل الرئيس السيسي عام2013, عندما كان قائدا للقوات المسلحة وأصدر قرارا بمنع تملك أراضي سيناء للأجانب, ننتظر الآن من سيادته- بعدما أصبح رئيسا للجمهورية- إصدار قرار بمنع بيع كل شبر في مصر للأجانب; لأن أرض مصر كلها مقدسة, ويجب عدم التفريط في شبر منها لأي أجنبي, مهما كان الثمن. أستاذ علم الاجتماع البيئي معهد الدراسات والبحوث البيئية جامعة عين شمس