الإجراءات الأخيرة حول منع تملك الأجانب ومزدوجي الجنسية لأراضي سيناء هي خطوة علي الطريق الصحيح ونتمني أن تمتد إلي كل الأراضي المصرية. لقد بيعت ملايين الأمتار لأشخاص مثل رئيس وزراء إيطاليا في سيناء وأمير عربي في توشكا, وغيرهما الكثيرون, في عهد النظام السابق, وللأسف الشديد فإن الاستثمارات أو الأموال التي تذهب وتأتي, ولكن مترا واحدا من أرض مصر تم بيعه لن يعود مرة أخري ولو بأضعاف ثمنه, وهل بحجة الاستثمارات نبيع بلدنا, في الوقت الذي نمتلك فيه بدائل أخري مثل الاستثمارات الداخلية, والضرائب التصاعدية, والحد من واردات الاستهلاك الترفي, ولذلك مطلوب إلغاء القانون الذي صدر عام 1996 وأباح بيع مصر وأراضيها, حيث تمنح هذه الدول عند الضرورة ووفقا لشروط صعبة للمستثمرين حق الانتفاع لمدة 50 عاما مثلا, وحتي لو سمحت كل دول العالم ببيع أراضيها فلمصر خصوصيتها من عدة جوانب: أولا: مصر عبر تاريخها وبحكم موقعها وموضعها مطمع لسيطرة كثير من القوي الكبري والمحيطة كذلك, وبالتالي فإن بيع الأراضي المصرية للأجانب يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي. ثانيا: مصر الآن محدودة الموارد المالية, ومتوسط الدخل فيها نحو ألفي دولار, في حين يرتفع هذا المتوسط في دول الخليج لنحو عشرة أضعاف, وأكثر بالنسبة لاسرائيل وأوروبا وأمريكا بوجه عام, وهذا يؤكد وقوع ظلم واضح علي المواطن المصري, حيث يدخل في منافسة غير متكافئة عند شراء أرض أو عقار في وسط بلده, مما يخل بمعايير العدالة الاجتماعية, فهناك مدن يسكنها أو يمتلك بها الأجانب نسبة كبيرة من العقارات, وكثير من المساكن الفخمة في الأماكن المتميزة, يمتلكها أجانب, ولو استمر هذا الوضع فسنجد بعد عشرة أو عشرين عاما نزوح معظم المصريين للصحراء, وتملك الأجانب أحسن المساكن والأراضي حول النيل وخلافه. ثالثا: إن إيداعات المصريين في البنوك تتعدي 9600 مليار, وهي في حاجة للشعور بالثقة والأمان لكي تعمر مصر, وبالتالي مصر ليست في حاجة حقيقية للتنازل عن أرضها مقابل بضعة مليارات أجنبية, والمشكلة في استعادة ثقة المصريين, وعلينا جميعا أن نعي أنه لن يبني مصر غير المصريين, ولن تكبر مصر سوي بالمصريين, وارجعوا للتاريخ. رابعا: ما يتردد الآن عن استثمارات أجنبية تستدعي بيع ملايين الأمتار الجديدة من الأراضي المصرية, سواء حول قناة السويسوسيناء وغيرهما من المناطق الحساسة. وبرغم أن كثيرا مما سبق من مستجدات حديثة فإن الشيخ الغزالي رحمه الله كان سباقا في تحريم تملك الأراضي المصرية للأجانب إذ يقول الشيخ نصا تحريم تملك الأراضي المصرية علي الأجنبي تحريما مؤبدا وذلك في كتابه (الإسلام والأوضاع الاقتصادية ص182 الطبعة الثانية) التحريم لا يطلقه علماء الدين الا عند اليقين, ويلاحظ أن الشيخ كرره مرتين, ثم أكد أن هذا الحكم لا يتغير بظروف الزمان والمكان, لأنه حكم مؤبد, وفي ضوء كل ما سبق أطالب الرئيس بإصدار قانون يمنع تملك الأجانب الأراضي المصرية, ثم بوقف البيع للمصريين حتي وضع ضوابط محددة تراعي حق الأجيال المقبلة, خاصة أن الأرض مورد ناضب غير متجدد, كما أطالبه بتشكيل لجنة لمحاولة استعادة الأراضي التي بيعت ظلما في الفترات الماضية, ويجب أن نراعي أن تملك بيت بسيط لكل مواطن حق أصيل يجب توفيره لكل مواطن حتي نعمق الانتماء, وسوف تحاسبنا الأجيال الحالية والمقبلة علي التفريط في أراضينا, وقبل ذلك سيسألنا المولي الكريم, فهذه مسئولية كل مصري غيور علي وطنه. وغير مقبول أي استثناءات في البيع, سواء من وزير الاستثمارات, أو حتي الرئيس شخصيا, فأرض الوطن أغلي من كل شي. أستاذ علم الاجتماع البيئي جامعة عين شمس