بعد ان تدخلت الحكومة المصرية في العلاقة بين المالك والمستأجر في العقارات وخفضت إيجارات المساكن علي دفعات وصلت نسبتها الي 53٪ من القيمة الايجارية ثم حرمت اصحاب العقارات من تحديد القيمة الايجارية وشكلت لجانا من الموظفين هي التي تحدد القيمة الايجارية للمساكن. وأدخلت اصحاب العقارات السجون اذا تقاضوا خلو رجل يعوضون به ضعف الايجارات كانت النتيجة بالطبع توقف القطاع الخاص والافراد عن البناء وبدء ازمة اسكان طاحنة لم تستطع الحكومة التغلب عليها رغم انها نزلت بثقلها في انشاء المساكن بمستوياتها المختلفة وشعت قيام جمعيات تعاونية تضم فئات الشعب المختلفة لبناء مساكن اتسمت معظم هذه الجمعيات بالفساد. حيث كانت تعمل لصالح من يتولون ادارتها.. كل هذا جعل الحكومة تصدر قوانين تمنع تملك الاجانب للوحدات السكنية في مصر حتي لا ينافسوا المصريين في الحصول علي مساكن في وسط ازمة طاحنة. ولما تغيرت السياسة الاقتصادية في مصر وعادت الي ظروفها الطبيعية واصبح صاحب العقار هو الذي يحدد القيمة الايجارية لوحدات عقاره عادت الحكومة المصرية وسمحت للاجانب بتملك العقارات في مصر بضوابط مشددة ولكنها علي الاقل تسمح لغير المصري بتملك وحدة سكنية واحدة. هذه التغيرات مع تحسن الاقتصاد المصري جعل غير المصريين ينظرون الي سوق العقارات في مصر علي انه سوق واعد وفيما يخص الشركات العقارية العربية والاجنبية فانها اتجهت الي السوق المصري الذي يحتاج الي انشاء عدد كبير من المساكن بانواعها المختلفة لسد الفجوة الحالية ويتزامن مع ذلك انشاء مباني المكاتب والمراكز التجارية والترفيهية والفنادق وغيرها. وان كان اهتمام هذه الشركات هو بالاسكان الفاخر الذي يسمح لها بادخال تكنولوجيا جديدة تعودت عليها في بلادها ويسمح بتقبل المجتمع المصري اسعارا تفوق الاسعار السارية في السوق كما احضرت معها هذه الشركات العقارية الكبري قائمة طويلة لعملاء لها تعاملوا معها في بلادها قبل حضورها الي السوق المصري. وهذا باختصار معناه دخول عنصرين جديدين في سوق الاستثمار العقاري، العنصر الاول هو الشركات الكبري غير المصرية والعنصر الثاني هو الافراد غير المصريين،. وبذلك دخلت مصر ضمن الدول التي تندرج تحت مظلة الاستثمار العقاري الدولي. international real estate development-cross border investment والذي يبلغ حجمه حسب التقديرات الدولية 461 مليار دولار سنويا وما زالت حصة مصر ضعيفة للغاية من هذا الرقم حيث انها حديثة العهد بالدخول في هذا المجال وحديثة العهد في الاهتمام الدولي بها في هذا النشاط. ففي دولة مثل المكسيك تصل مشتريات الافراد الاجانب للمساكن فيها 2 مليار دولار سنويا. هذا النشاط الجديد الحر جر معه شركات الاستثمار العقاري المصري وبدأ الاهتمام بانشاء مساكن للاجانب وتركزت هذه المشروعات في المناطق السياحية الساحلية سواء المطلة علي البحر الاحمر أو في جنوبسيناء. مع صعوبة تسجيل العقارات فيها وكذلك علي سواحل البحر المتوسط غرب الاسكندرية وبدأت الشركات المصرية تدرس طلبات الاجانب في وحداتهم السكنية وهي تختلف كثيرا عما تقدمه الشركات المصرية للمجتمع المصري فالاجنبي لا يقبل ان يشتري وحدة سكنية غير مكتملة التشطيب بل انه تعود ان تزود وحدته السكنية عند شرائها بمفروشات المطبخ والحمام علي الأقل وهذه اساسيات قبوله الشراء. كما انه لا يقبل شراء وحدة سكنية في مناطق مكدسة او سيئة التخطيط وانما من الضروري ان تتخلل المشروعات التي يتملك فيها الاجانب تنسيق الحدائق بين المباني المختلفة وهكذا نشأت فكرة الاهتمام بتزويد هذه المنتجعات السياحية بملاعب الجولف التي ان لم تكن نقطة جذب لهواة هذه الرياضة للاقبال علي هذا المنتجع فإنها مساحات خضراء وحدائق وبحيرات تتخلل المشروع السكني وبذلك تزداد اهميته للاجنبي ويفضله علي مشروعات اخري. عندما يتحرك هؤلاء الاجانب ويتجهون الي مصر فان ذلك يفيد الاقتصاد المصري فوائد جمة بدخول اموال واستثمارات اجنبية ثابتة علي اساسات عميقة في ارض مصرية ليست مثل الاسهم في البورصة يمكن في اي لحظة بيعها او التخلص منها كما ان دخول استثمارات اجنبية في شراء العقارات المصرية هي تجربة جديدة للاجانب ستجر معها مشترين اخرين لما لمصر من ميزات في هذا المجال فإن شواطئها ولا شك ممتازة ومغرية ومناخها غير موجود في الدول التي يأتي منها هؤلاء المستثمرون.. بالاضافة الي عامل هام وهو ان قيمة العقارات المصرية رخيصة جدا مقارنة بالعقارات بالدول العربية والاجنبية التي يأتي منها المشترون.. كما ان حضور هؤلاء الاجانب لاقامتهم في مساكنهم يعني انفاقهم انفاقا يفوق متوسط انفاق المصريين وهذا يستفيد منه المجتمع الذي يعيشون فيه من مطاعم ومحلات تجارية حتي سيارات الاجرة والخدم. هؤلاء الاجانب معتادون علي معيشة مرتفعة في بلادهم وبحضورهم الي مصر سيستمرون في نفس معيشتهم وهذا يترتب عليه تزايد فرص العمل في مناطق تواجدهم ويحل جزءا ولو بسيطا من البطالة التي تعاني منها مصر. اما الشركات العقارية الاجنبية التي اتت الي السوق المصرية واستثمرت فيه فانها في الغالب بالاضافة الي الاسكان الفاخر فقد اتجهت الي بناء الفنادق الحالية لاستقبال السياح القادمين ورغم ان المصريين يقومون ببناء كثير من الفنادق فان الشركات الاجنبية تهتم فقط بالفنادق الفاخرة العالية التكاليف والتي يستردون رأسمالهم فيها علي فترات اطول وتقع في مناطق متميزة مثل الاطلال علي النيل بالقاهرة والجيزة. كما ان انشاءهم المراكز التجارية بالاضافة الي انه يساعد المنتجين الصناعيين المصريين علي وجود منافذ لتصريف بضاعتهم فانها ايضا تعتبر وحدات جذب للسياحة الي مصر فلا يمكن ان ننسي مدينة مثل دبي بها حجم سياحة كبير لا يتناسب مع امكانيات دبي ولا مع مناخها الا ان معظم هذه السياحة هي قادمة للتسوق. وكما أن الافراد الاجانب والعرب الذين يقومون بشراء وحدات سكنية يفيدون الاقتصاد المصري كما سبق وان اوضحت فان الشركات العقارية الاجنبية تضخ ايضا في الاقتصاد المصري مبالغ ضخمة في استثماراتها وتقوم بتشغيل عدد كبير من المصريين اثناء الانشاء وكذلك اثناء تشغيل الفنادق والمراكز التجارية وغيرها. وقد دخل الي السوق المصري نشاط جديد وهو ادارة المنتجعات السياحية حيث ان الاجنبي لا يقيم بصفة دائمة في الوحدة السكنية التي اشتراها في مصر وبالتالي فانه يحتاج الي شركة تدير له المنتجع السكني الذي يسكن فيه وتحافظ له علي امنه ونظافته وتقوم بأعمال الصيانة المستمرة اثناء غيابه وربما ايضا تقوم بتأجير وحدته السكنية اذا رغب في ذلك وبدء هذا النشاط الاقتصادي الجديد في مصر يقوم بتشغيل عمالة اخري يتزايد الطلب عليها. ومع زيادة تطور هذه الانشطة الجديدة ستزداد الدعاية عن مصر كموقع مناسب وجيد يجذب عددا اكبر من الاجانب سواء كأفراد للشراء والسكني والسياحة أو كشركات تهتم بالاستثمار بهذه الانشطة وسيأتي بالتبية سيل متدفق ينتج عن هذا السيل المتدفق تطور في انشاء مناطق سياحية جديدة فمصر والحمد لله شواطئها بطول الاف الكيلو مترات تستوعب اعدادا كبيرة في الفنادق والمنتجعات السياحية تجر معها فرص عمل للمصريين وترفع معها اسعار الواحدات السكنية حتي تقارب مثيلاتها في الدول التي سبقتنا مثل اسبانيا والبرتغال وهذا في تقديري سيستغرق حقبة طويلة من الزمن وفي تقديري ايضا ان الاهتمام به وفتح المجال له وإزالة المعوقات امامه سيكون المستفيد الاول منه هو الاقتصاد المصري من ثم المواطن المصري. كاتب المقال : مهندس استشاري