داعش تقرأ الإسلام من نعله ولا تقرأه من رأسه.. تقرأه بالشقلوب كما يقول العوام في مصر.. تقرأه من الشمال لليمين وليس من اليمين إلي الشمال.. تتلو القرآن لا يجاوز حناجرها كما أخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الخوارج.. أنهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم أي لا يصل أبدا إلي قلوبهم فيهذبها ويرققها ويصفيها وينقيها. ولا يصل إلي عقولهم فتدرك وتفقه وتتعلم فقه المآلات والنتائج أو فقه الأولويات أو فقه المصالح والمفاسد أو أي فقه آخر يفيد البشرية. فهذا رسول الله صلي الله عليه وسلم يهتف في البرية محذرا من حرق الناس أو تعذيبهم بالنار إن النار لا يعذب بها إلا الله ومحذرا أيضا لا تعذبوا بعذاب الله عز وجل.. ولكن داعش تتجاوز هدي النبي وتتغافله وتطمسه. إنها لا تفهم أن الله لم يبح لأحد من خلقه أن يحرق أحدا من خلقه بالنار سواء كان إنسانا أو حيوانا أو طائرا.. ولم يبحه لأي نبي صاحب معجزة ولا لولي صاحب كرامة.. إنه أمر اختص الله به نفسه دون سواه وجعله في الآخرة دون الدنيا وقد أدرك الصحابة والعلماء الثقات ذلك وفهموا هذا المعني عن نبيهم الكريم ودينهم الحنيف حتي نهت أم الدرداء عن تحريق البرغوث رغم ضرره وجواز قتله.. ولكنها استنكفت أن تحرقه بالنار أو تأمر بذلك إحسانا منها وشفقة ورحمة. وفهمه الإمام الزاهد أحمد بن حنبل الذي كان يقول لا يشوي السمك في النار وهو حي رحمة وشفقة علي هذا السمك حتي لا يشعر بعذاب النار وهو حي رغم أنه سيشوي بعد ساعات قليلة.. بل إن الإمام أحمد بن حنبل نفسه كان يدعو في فقهه إلي معاملة الشاة قبل ذبحها معاملة خاصة حيث يقول تقاد إلي الذبح قودا رفيقا وتواري السكين عنها ولا تظهر إلا عند الذبح. لقد فهموا ذلك من نبيهم العظيم الرحيم الذي سأله أحد الصحابة إني لأذبح الشاة وأنا أرحمها فقال له الرسول( ص) والشاة إن رحمتها رحمك الله. هذا هو الإسلام.. وهذه هي داعش.. هذه رحمة الإسلام وهذه قسوة داعش.. هذا عطف الإسلام وهذه غلظة داعش. إن داعش التي أحرقت الطيار الأردني الكساسبة المسلم وهو حي ولم تكتف بذلك بل صورت هذا الجرم ونشرته في الأفاق لم تقرأ يوما ما فعله الصحابة مع أسري بدر حيث كان الصحابي يعطي الطعام لأسيره ويطوي يومه جائعا.. رغم أن هذا الأسير كان من المشركين الذين أذاقوا الرسول وأصحابه الويلات.. ولكنهم يعلمون قوله تعالي ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا داعش لم تقرأ يوما ماذا قال أبو بكر الصديق الذي يلوث بعض الجهلاء سيرته الناصعة بالباطل زورا وبهتانا.. لقد قال عن أسري بدر: يا رسول الله أري أن تعفو عنهم أو تقبل منهم الفداء. واليوم يزور البعض تاريخه الناصع المشرف والرفيق بأنه حرق أسيرا.. فمن أي كتاب استقوا علمهم.. ومن أي صحيفة صفراء جاءوا بهذا الهراء.. إنهم يريدون جمع داعش مع الصديق؟ واني لهما أن يجتمعا؟. لقد استبشر رسول الله صلي الله عليه وسلم برأي أبي بكر وقبله علي الفور.. لأن رحمته وافقت رحمة النبي.. وعفوه وافق عفوه.. و شفقته وافقت شفقته.. وكيف لا والنبي والصديق كالكيان الواحد.. يأكل أحدهما فيشبع الآخر.. يتألم أحدهما فيتوجع الآخر له.. ويحزن أحدهما فيبكي قلب الآخر له. يا قوم يا من تزايدون علي مثل الصديق اعرفوا أقداركم والزموا حدودكم. داعش تقرأ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين فتفهمها هكذا وما أرسلناك إلا ذابحا للعالمين.. أو حارقا للعالمين.. أو مفجرا للعالمين..عيونهم فيها غشاوة.. ونفوسهم فيها جفوة. الرسول ينهي عن تكفير المسلم لأخيه.. فيكفرون99% من مسلمي الكرة الأرضية.. حتي الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية يكفرونها.. إنهم لا يتركون حزب النهضة أو الإخوان أو حزب العدالة والتنمية أو حزب النور والحرية والعدالة دون تكفير لأنه يشق عليهم أن يتركوا أحدا دون أن يكفروه فهم المسلمون وحدهم والإسلام حصري عليهم. الرسول صلي الله عليه وسلم ينادي علي البشرية كلها افشوا السلام بينكم فيفهمونها أفشوا الدمار بينكم.. افشوا الذبح بينكم. الرسول يبشر وهم ينفرون.. ويجمع وهم يفرقون.. وييسر وهم يعسرون.. ويعدل وهم يظلمون.. ويبتسم وهم يتجهمون.. ويهدي الخلائق وهم يكفرون. الرسول لا يقاتل عدوين في وقت واحد رغم قوته ونبوته وتأييد الملائكة له.. وهم يقاتلون الدنيا كلها ويصطدمون بسنن الله في كونه وخلقه ويظنون أنهم سينتصرون. الرسول يرحم وهم يحرقون ويذبحون.. فأي الفريقين أهدي سبيلا وأقوم طريقا.