يبدو أن رد حزب الله علي إسرائيل قد جاء محسوبا, علي عملية القنطرة التي سقط فيها عدد من قادته وجنرال إيراني, مما قد يجنب لبنان سيناريو يشبه سيناريو غزة حسب تهديد نيتانياهو- يزيد من ثقل الأعباء علي هذا البلد الذي يعاني اقتصاديا من وطأة المهاجرين السوريين وعسكريا في محاربة الإرهاب وتأثيرات الصراع السوري وسياسيا في الحفاظ علي وحدة الدولة, رغم أن تصرف الحزب في مضمونه يورط الدولة اللبنانية بأكملها في صراع قد لا تكون مؤهلة له في الوقت الحالي. وقد اتضح اتجاه إسرائيل للتهدئة المؤقتة بعد اجتماع امتد لساعتين وجمع رئيس الوزراء الاحتلال بنيامين نيتانياهو بالوزراء والمسئولين الأمنيين. ويتضح ذلك أيضا من إعلام الاحتلال الذي يراقب عن كثب الاجتماع الأمني وما سيخرج عنه من تصريحات مما يكشف عن أن تل أبيب قررت عدم التصعيد علي حدودها الشمالية في الوقت الحالي. المحللون رأوا أن اتجاه الاحتلال الإسرائيلي للتهدئة قد يقف خلفه عدة أسباب لعل أبرزها الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في مارس المقبل والرسائل التي أوصلها حزب الله لإسرائيل عبر الأممالمتحدة بأن عملياته قد انتهت في الجنوب اللبناني. وقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي, موشيه يعالون أن إسرائيل تلقت رسالة من حزب الله عبر قوات اليونيفيل الدولية مفادها أن الحزب غير معني بتصعيد الموقف بعد الهجوم علي الدورية العسكرية. لكن إسرائيل كما يري المحللون العسكريون علي مفترق طرق حاليا, فمن جانب تختار التهدئة لمنع حرب ثالثة ضد لبنان التي قد تدخلها في مأزق كبير نتيجة الرد الصاروخي من قبل حزب الله خصوصا علي المدن الشمالية, ومن جانب آخر يفقد الجيش الإسرائيلي بالتهدئة قوة الردع التي ترتكز عقيدته العسكرية عليها. وتضيف الصحيفة أن قوة الردع بهذا قد تنتقل إلي حزب الله الذي قد ينفذ مثل هذه العمليات في المستقبل ما سيصعب علي إسرائيل استهداف قوافل الأسلحة من سوريا إلي لبنان خشية الرد ما سيمهد فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل في الجولان, ويبدو أيضا أن حزب الله يدرك ذلك حيث عرض علي بعض القنوات التابعة له صورا لنوعيات جديدة من الصواريخ ذات تأثير أكبر ومدي أبعد. من جانبها, أكدت قوي14 آذار اللبنانية في تعليقها علي عملية حزب الله ضد إسرائيل في مزارع شبعا أمس أنه لا يجوز أن يتحكم حزب الله في مصالح اللبنانيين..متسائلة هل مصلحة اللبنانيين وأرزاقهم واقتصادهم وأمنهم مرهونة بحسابات إيران وإسرائيل وسوريا. ورأت الأمانة العامة ل-14 آذار أن ما حدث يتجاوز الجدل القانوني حول أحقية أو عدم أحقية حزب الله في القتال داخل أراض متنازع عليها, ويتجاوز الكلام التقني حول الخط الأزرق, ويدخل في صلب سؤال يطرحه اللبنانيون علي أنفسهم منذ العام1969: من يقرر السلم والحرب في لبنان؟ وهل حصرية الدولة للسلطة والسلاح ضرورية أولا, وهل مصلحة اللبنانيين وأرزاقهم واقتصادهم وأمنهم مرهونة بحسابات إيران وإسرائيل وسوريا؟.