«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعض الجوانب القانونية لانفصال جنوب السودان

في‏9‏ يناير‏2005‏ وقعت حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان علي اتفاقية السلام الشامل‏,‏ وضمن بروتوكول ماشاكوس الموقع في‏20‏ يوليو‏2002‏ كفصل أول في الاتفاقية‏,‏
وغني عن القول فقد نص البروتوكول علي حق شعب جنوب السودان في تقرير المصير عبر استفتاء لتحديد وضعهم المستقبلي‏,‏ كما نص علي أنه عند نهاية الفترة الانتقالية المحددة بستة أعوام يجري استفتاء لشعب جنوب السودان لكي يؤكد وحدة السودان أو يصوت للانفصال‏.‏
ويلاحظ أنه قد وقع علي الاتفاقية كشهود رؤساء دول ووزراء خارجية وممثل للأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي وممثل لمنتدي شركاء الإيقاد وممثل للاتحاد الأوروبي وغيرهم‏,‏ ويجدر بنا أن ننوه إلي أن توقيعات هؤلاء ليست لها أي قيمة من الوجهة القانونية‏,‏ ولا تجعل من دولهم أو المؤسسات التي يمثلونها ضامنة لتنفيذ الاتفاقية‏,‏ فالقاعدة الأصولية تقضي بأن الاتفاقيات لا تفرض التزامات أو ترتب حقوقا إلا لأطرافها‏.‏
حصلت اتفاقية السلام الشامل علي ضمان دستوري بموجب المادة‏225‏ من دستور السودان الانتقالي لعام‏2009,‏ وحصل حق تقرير المصير علي الضمان نفسه وفقا للمادة‏219,‏ وكذلك المادة‏222‏ التي نصت علي إجراء الاستفتاء قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية‏,‏ كما نصت علي أن يصوت مواطنو الجنوب لتأكيد وحدة السودان باستدامة نظام الحكم الذي أرسته اتفاقية السلام والدستور‏,‏ أو اختيار الانفصال‏.‏
إذا اختار شعب الجنوب الانفصال فإن ذلك سيفضي إلي تطبيق فرع القانون الدولي المسمي خلافة الدول‏StateSuccession,‏ يعالج هذا الفرع النتائج التي يرتبها حدوث تغيير في السيادة علي إقليم ما‏,‏ فخلافة الدول تعني حلول دولة محل دولة أخري في المسئولية عن العلاقات الدولية لإقليم من الأقاليم‏,‏ ويعتبر تاريخ الحلول هذا هو تاريخ الخلافة‏,‏ وحتي تكون الصورة أكثر وضوحا نقول إنه عند حدوث خلافة دول فإن السيادة علي إقليم جنوب السودان ستنتقل إلي الدولة الجديدة التي ستؤسس فيه وتعرف بالدولة الخلف‏SuccessorState,‏ أما الدول المتقدمة في الشمال فستعرف بالدولة السلف‏PredecessorState,‏ وعندئذ ستنتهي مسئوليتها عن العلاقات الدولية لإقليم جنوب السودان‏,‏ وفي تاريخ الخلافة ستتحول حدود عام‏1956‏ المتفق عليها من حدود داخلية أو إدارية إلي حدود دولية يحميها القانون الدولي‏,‏ ففي رأيها رقم‏(3)‏ أفتت مفوضية التحكيم الخاصة بيوجسلافيا بأن الحدود الداخلية بين كرواتيا وصربيا‏,‏ والبوسنة والهرسك وصربيا قد أصبحت حدودا يحميها القانون الدولي‏,‏ واستندت المفوضية في فتواها إلي مبدأ احترام الوضع الإقليمي الراهن‏TerritorialStatusQuo,‏ ومبدأ لكل ما في حوزته‏UtiPossidertis.‏
إن هناك صورا مختلفة لنشوء حالات خلافة الدول‏,‏ فقد تحدث الخلافة عندما تندمج دولتان مثل اندماج جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية في مايو‏1990‏ مع جمهورية اليمن لتكونا معا دولة واحدة‏,‏ وقد تحدث عندما تفقد دولة ما جزءا من إقليمها لينضم إلي دولة أخري‏,‏ أو ليكون دولة جديدة‏,‏ وقد تحدث خلافة دولة عند فناء دولة أو زوالها وتحل محلها دولة أو دول أخري جديدة‏,‏ وقد شهد التاريخ حالات خلافة عديدة بعد الحرب العالمية الأولي‏,‏ وإبان فترة تصفية الاستعمار في ستينيات القرن الماضي‏,‏ وخلال العقدين الماضيين اكتسبت مسائل خلافة الدول أهمية قصوي عندما نشأت دول جديدة في شرق ووسط أوروبا‏,‏ بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا‏,‏ وفناء جمهورية يوجسلافيا الاتحادية الاشتراكية‏.‏
وإذا انعقد اختيار شعب جنوب السودان علي الانفصال‏,‏ فإنها بلاريب لن تكون حالة الانفصال الوحيدة التي سجلها التاريخ المعاصر‏,‏ إذ انفصلت الهند عن باكستان في عام‏1947,‏ وسنغافورة عن ماليزيا في عام‏1965,‏ وبنجلاديش عن باكستان في عام‏1971,‏ وتيمور الشرقية عن إندونيسيا في‏2002,‏ لكنها ستكون حالة الانفصال الأولي في إفريقيا بامتياز برغم أنها ذات طابع رضائي‏,‏ وربما يري البعض أن انفصال إريتريا عن إثيوبيا في عام‏1993‏ هو السابقة الأولي‏,‏ غير أن الراجح هو أن حالة إريتريا كانت استقلالا وليست انفصالا‏,‏ فإريتريا لم تكن أبدا جزءا من إثيوبيا‏.‏
ونعيد إلي الأذهان أن الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية قد تعهدوا في عام‏1964‏ باحترام الحدود القائمة وقت الاستقلال‏,‏ ورفضوا الاعتراف بمحاولة بيافرا الانفصال عن نيجيريا في عام‏1967‏ كممارسة لحق تقرير المصير‏,‏ لكن قرار غرفة محكمة العدل الدولية في نزاع الحدود بين بوركينا فاسو ومالي قد ألقي بظلال من الشك حول العلاقة بين مبدأ حق تقرير المصير ومبدأ احترام الحدود القائمة أو الموروثة من الحقبة الاستعمارية‏,‏ وبالرغم من أن غرفة المحكمة تحدثت عن وجود تعارض ظاهري فقط بين المبدأين‏,‏ فإن بعض الفقه يعتقد أن غرفة المحكمة قد أخطأت عندما قررت أن المبدأين غير متعارضين‏,‏ وأنه يمكن التوفيق بينهما‏,‏ وذهب أحد الشراح إلي أن المبدأين ليس بوسعهما التعايش إلا إذا أفسح حق تقرير المصير أمام الحاجة السياسية لاحترام الحدود القائمة‏.‏
قانون خلافة الدول
إن انفصال الجنوب سيثير مسائل قانونية شائكة وبالغة التعقيد‏,‏ ومن هذه المسائل خلافة الدول في الجنسية والمعاهدات والممتلكات والمحفوظات والديون وعضوية المنظمات الدولية والحقوق الخاصة والمكتسبة‏,‏ سنعرض لبعض هذه المسائل من بعد‏,‏ وسنتوخي التبسيط حتي لا نرهق القارئ غير المتخصص بدقائق مادة قانونية أجمع فقهاؤها علي صعوبتها‏.‏
معلوم أنه لم تستقر بعد قواعد عرفية عامة واجبة التطبيق علي جميع المسائل التي تثيرها خلافة الدول‏,‏ ويعزي ذلك إلي عدة أسباب نذكر منها ما يلي‏:‏
أولا‏:‏ تنوع الحالات والظروف التي تنشأ فيها الخلافة‏,‏ فقد سبق لنا القول إن الخلافة ربما تنشأ بسبب انحلال الدولة‏,‏ أو انفصال جزء أو أجزاء من إقليمها‏,‏ أو بسبب تنازل دولة عن إقليم أو توحيد دول‏.‏
ثانيا‏:‏ إن اختلافات وتنوع ممارسات الدول في تسوية المسائل التي تثيرها خلافة الدول قد أدي إلي عدم استقرار أعراف دولية عامة‏.‏
ثالثا‏:‏ إن محاولات تدوين أو تطوير قواعد دولية عامة في مجال خلافة الدول لم تتكلل بالنجاح‏,‏ فاتفاقية فيينا لخلافة الدول في المعاهدات لعام‏1978‏ دخلت حيز النفاذ في نوفمبر‏1996,‏ وأطرافها‏22‏ دولة فقط‏,‏ واتفاقية فيينا لخلاف الدول في ممتلكات الدولة ومحفوظاتها وديونها لعام‏1983‏ لم تدخل بعد في حيز النفاذ‏,‏ لكن ينبغي التنويه إلي أن بعض أحكام هاتين الاتفاقيتين تعكس القانون الدولي العرفي‏,‏ وأن الدول تسترشد بهاتين الاتفاقيتين عند تسوية مسائل الخلافة المتصلة بهما‏.‏
نخلص مما تقدم إلي أن أول مبدأ واجب التطبيق هو أن تتفاوض الدولة السلف والدولة الخلف بشأن كل المسائل المتصلة بالخلافة‏.‏ ففي الرأي رقم‏(9)‏ دعت مفوضية التحكيم الدول الخلف ليوجسلافيا لتسوية كل جوانب الخلافة بالاتفاق‏,‏ وأن تسعي للوصول لتحقيق حل منصف‏,‏ وذلك بالاستهداء بالمبادئ الواردة في اتفاقيتي‏1978‏ و‏1983,‏ وحيث يكون ملائما بالقانون الدولي العرفي‏.‏
‏1‏ الخلافة بالنسبة لجنسية الأشخاص الطبيعيين‏:‏
الجنسية هي الرابطة القانونية بين الفرد ودولة ما وهي التي توفر للفرد الحماية الدبلوماسية لتلك الدولة‏.‏ وتخضع الجنسية أساسا للقانون الداخلي في إطار ما يضعه القانون الدولي من حدود‏.‏
تعتبر الجنسية من المسائل ذات الأهمية القصوي عند حدوث خلافه دول‏,‏ وذلك لارتباطها الوثيق بحقوق الإنسان وحرياته‏.‏ فالمادة‏15‏ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تنص علي حق كل فرد التمتع بجنسية ما‏.‏ وتعترف المادة‏24(3)‏ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام‏1966‏ والمادة‏7‏ من اتفاقية حقوق الطفل لعام‏1989‏ علي حق كل طفل في اكتساب جنسية‏.‏ وفي الرأي رقم‏(2)‏ أفتت مفوضية التحكيم الخاصة بيوغسلافيا بأن حق كل فرد في اختيار الانتماء إلي الجماعة الإثنية أو الدينية أو اللغوية التي يرغب فيها مستمد من حق تقرير المصير المضمن في المادة‏1‏ من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام‏1966.‏
خلافا لمسائل خلافة الدول المتعلقة بالمعاهدات والديون والممتلكات والمحفوظات‏,‏ فإن مسألة الخلافة بالنسبة لجنسية الأشخاص الطبيعيين لم تدون أو تقنن بعد في هيئة اتفاقية‏.‏ ولكن يمكن الاسترشاد في هذا الصدد بالمعاهدة الأوروبية بشأن الجنسية لعام‏1997‏ وإعلان جنسية الأشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في‏12‏ ديسمبر‏2000(A/RES/153/55).‏
دعت المعاهدة الأوروبية للجنسية لعام‏1997‏ في المادة‏4‏ الدول الأطراف لتأسيس قواعد الجنسية علي عدة مبادئ كان بضمنها حق كل فرد التمتع بجنسية‏,‏ وتجنب إنعدام الجنسية‏Statelessness,‏ وحظر الحرمان من الجنسية تعسفيا‏.‏ وتناولت المادة‏18(2)‏ من المعاهدة الاعتبارات التي يتعين علي الدول الأطراف مراعاته عند منح أو الابقاء علي الجنسية في حالات خلافة الدول‏,‏ وقد كانت‏:‏
‏(‏أ‏)‏ الرابطة الحقيقية الفعالة‏GenuineandEffectiveLink‏ بين الشخص المعني والدولة‏.‏
‏(‏ب‏)‏ مكان الإقامة الاعتيادية‏HabitualResidence‏ للشخص المعني وقت خلافة الدول‏.‏
‏(‏ج‏)‏ إرادة الشخص المعني‏.‏
‏(‏د‏)‏ الأصل الإقليمي‏TerintorialOrigin‏ للشخص المعني‏.‏
يلاحظ أن الاتفاقية الأوروبية لم تعرض لمسألة الجنسية في إطار الحالات المختلفة التي قد تنشأ فيها خلافة دول‏.‏ بل اكتفت بالنص في المادة‏19‏ بإلزام الدول المعنية بأن تسعي في حالات خلافة الدول‏,‏ لتنظيم المسائل المتعلقة بالجنسية بالاتفاق بينها مع مراعاة المبادئ والقواعد الواردة في فصل الاتفاقية المخصص لخلافة الدول الجنسية‏.‏
إن إعلان جنسية الأشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في‏12‏ ديسمبر‏2000‏ هو في واقع الأمر عبارة عن مشروع مواد أعدتها لجنة القانون الدولي‏.‏ وقد رأت الجمعية العامة أن هذه المواد تشكل دليل ممارسة نافعا يسترشد به في معالجة مسألة جنسية الأشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول‏.‏ ولعلم القارئ فإن لجنة القانون الدولي قد أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام‏1947‏ للنظر في التدوين والتقدم المطرد للقانون الدولي‏.‏
تناول الباب الأول للإعلان أحكاما عامة مهمة نذكر منها مايلي‏:‏
‏-‏ حق الفرد الذي كان في تاريخ الخلافة يتمتع بجنسية الدولة السلف بصرف النظر عن طريق اكتسابها‏,‏ أن يحصل علي جنسية دولة واحدة علي الأقل من الدول المعنية‏(‏ المادة‏1).‏ من الجلي أن هذا الحكم يعترف بالحق في جنسية في سياق خلافة الدول‏.‏
‏-‏ الحيلولة دون أن يصبح الأشخاص الذين كانوا في تاريخ خلافة الدول يتمتعون بجنسية الدول السلف عديمي جنسية‏Stateless‏ بسبب هذه الخلافة‏(‏ المادة‏4).‏ نورد هنا أن معاهدة خفض حالات انعدام الجنسية لعام‏1961‏ لم تعرض بشكل مباشر لمسألة الجنسية في سياق خلافة الدول‏.‏
‏-‏ افتراض اكتساب الأشخاص الذين يقيمون بصفة اعتيادية‏HabitualResidence‏ في الإقليم المتأثر بخلافة الدول جنسية الدولة الخلف في تاريخ حدوث الخلافة‏(‏ المادة‏5),‏ قصد بهذا الحكم عدم حدوث فجوة بين تاريخ الخلافة وتاريخ صدور أي اتفاق بين الدول المعنية أو تشريع مانح للجنسية‏.‏
‏-‏ حظر تجريد الأشخاص المعنيين تجريدا تعسفيا من جنسية الدولة السلف أو حرمانهم تعسفيا من حق اكتساب جنسية الدولة الخلف‏,‏ أو من الحق في الخيار‏,‏ إذا كانت هذه الحقوق مكفولة في حالة خلافة الدول‏(‏ المادة‏16).‏
أفرد الباب الثاني من إعلان جنسية الأشخاص الطبيعيين في حالة خلافة الدول لبيان أحكام تتصل بفئات محددة من خلافة الدول وهي نقل جزء أو أجزاء من الإقليم‏,‏ وتوحيد الدول‏,‏ وانحلال الدولة‏.‏ ولكن محل اهتمامنا هنا هو انفصال جزء أو أجزاء من الإقليم والتي تحكمها المواد‏24‏ و‏25‏ و‏26‏ من مواد الإعلان‏.‏
وضع مشروع المادة‏24(‏ أ‏)‏ القاعدة الاساس التي تقضي بانه علي الدولة الخلف‏(‏ أي دولة الجنوب‏)‏ أن تعطي جنسيتها إلي الأشخاص المعنيين الذين يقيمون فيها بصفة اعتيادية مالم يتبين غير ذلك عند ممارسة حق الخيار‏.‏ تؤيد هذه القاعدة ممارسة دولية تمتد من حالات الخلافة التي حدثت بعد الحرب العالمية الأولي إلي تفكك الاتحاد السوفيتي فمثلا عند انفصال بنجلاديش عن باكستان في مارس‏1971,‏ اعتبرت تلك الدولة الاقامة في إقليمها المعيار الأساس لمنح جنسية بنجلاديش بصرف النظر عن أي مواصفات أخري‏.‏ ولكن السكان من غير البنغال خيروا بين الاحتفاظ بالجنسية الباكستانية أو أن يدلوا باقرار بسيط لأجل أن يتعرف بهم كمواطنين في دولة بنجلاديش‏.‏
أجاز مشروع المادة‏25(‏ أ‏)‏ للدولة السلف‏(‏ أي دولة الشمال‏)‏ أن تسحب جنسيتها من الأشخاص المعنيين الذين يكونون أهلا لاكتساب جنسية الدولة الخلف‏(‏ أي دولة الجنوب‏)‏ ولكن لا يجوز لها أن تفعل ذلك قبل أن يكتسب هؤلاء الأشخاص جنسية الدولة الخلف‏.‏ وتقضي المادة‏25(2)‏ بأنه لا يجوز للدولة السلف‏(‏ دولة الشمال‏)‏ أن تسحب جنسيتها من الأشخاص المشار إليهم في الفقرة‏25(1)‏ الذين يقيمون بصفة اعتيادية في إقليمها ما لم يتبين خلال ذلك عند ممارسة حق الخيار‏.‏ بقي أن نذكر أن المادة‏26‏ من الإعلان تلزم الدولة السلف والدولة الخلف‏(‏ أي دولة الجنوب والشمال‏)‏ بمنح حق الخيار للأشخاص المشمولين بأحكام المادة‏24‏ والمادة‏25(2)‏ الذين يكونون مؤهلين لاكتساب جنسية كل من الدولة السلف والدولة الخلف‏.‏ وأن نذكر أيضا أن المادة‏3‏ من الإعلان تنص علي أن مواده لا تنطبق إلا علي آثار خلافة الدول التي تحدث طبقا للقانون الدولي وبوجه خاص طبقا لمبادئ القانون الدولي المجسدة في ميثاق الأمم المتحدة‏.‏
إن مسألتي الجنسية المزدوجة والمعاملة التفضيلية لرعايا الشمال والجنوب المقيمين في الدولة الخلف والدولة السلف تحفها اعتبارات سياسية واقتصادية وأمنية ونفسية بالغة التعقيد‏.‏ فلربما إذا انعقد الرأي علي ذلك‏,‏ أن تترك المسألتان ليبت فيهما القانون الداخلي لكل من الدولتين قبولا أو رفضا‏.‏
وحري بالذكر أن لجنة القانون الدولي قد قالت في أحد تعليقاتها علي مشروع المادة‏26‏ بشأن قيام الدولة السلف والدولة الخلف بمنح حق الخيار للأشخاص المعنيين‏,‏ إنها لا ترمي بذلك إلي استبعاد الجنسية المتعددة أو المزدوجة وأن القرار في ذلك متروك لكل دولة علي حدة‏.‏
علي كل حال إذا توافر قبول للمسألتين من حيث المبدأ علي أساس تبادلي‏,‏ فانه من الأصوب أن يصار إلي التفاوض حولهما بعد فترة زمنية معقولة من حلول تاريخ خلافة الدول‏,‏ واستقرار الأوضاع المتصلة بالجنسية والإقامة في كل من الدولتين‏.‏ فهناك من يعقد أن الجنسية المزدوجة والمعاملة والتفضيلية لمن يستحقها‏,‏ ويستوفي شروطها ستكون السبيل الوحيد الباقي للتأسيس لوحدة قد تأتي يوما ما طوعا لا جذبا إلي بيت شمالي حسن الترتيب والادارة‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.