بعدما تخطي الفقراء حاجز المليون:

بنوك الطعام تنقذ بريطانيا من الجوع

بين بريطانيا ودول العالم الثالث بعض أوجه شبه. منها أن أغنياءها يزدادون ثراء, وفقراءها يزدادون فقرا, والفقر فيها يبلغ حد الجوع والبحث عن فضلات طعام
حتي في صناديق القمامة. ولا يستحي البريطانيون, بمن فيهم السياسيون في السلطة والمعارضة والمؤسسات الدينية والاجتماعية, من الاعتراف بأن بريطانيا العظمي لم تستطع أن تطعم كل مواطنيها.
في عام2007, عندما كان حزب العمال زعيم المعارضة الحالي في السلطة, كان عدد الجوعي30 ألف شخص. وفي عام2014, اقترب العدد في عهد حكومة حزبي المحافظين والليبراليين الديمقراطيين الائتلافية, من المليون.
بقية ال64 مليونا الآخرين, تذكرهم زيارات التسوق بعطلة نهاية الأسبوع في سلاسل المتاجر الكبري بهؤلاء الفقراء الجوعي. ففي مخارج هذه المتاجر, تضع بنوك الطعام حاويات يضع فيها فاعلو الخير ما تيسر لهم أنواعا محددة من الأطعمة, غير القابلة للتلف. وتضيف بعض المتاجر, ومن أشهرها سانزبيري و آسدا وتسكو, ما قيمته30 في المائة علي ما يتبرع به القادرون. فمنذ نوفمبر عام2012, بلغ حجم تبرعات متاجر تسكو وزبائنه حوالي22 مليون وجبة, وفي عيد الميلاد الأخير بلغ حجم التبرعات لللفقراء الجوعي حوالي8 ملايين وجبة.
وإلي جانب, المتاجر تضع مئات المنظمات الخيرية, والمؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية جمع تبرعات الأغذية علي رأس أولوياتها.
وكل هذه التبرعات ترسل إلي أكثر من450 بنك طعام في أنحاء المملكة المتحدة. وحسب التقديرات, فإن بنكي طعام ينشآن كل أسبوع, ما يشير إلي حجم مآساة الجوع في المملكة التي أطلت برأسها في عام2004 الذي شهد أول بنك طعام في البلاد.
وبعد عشر سنوات, وبالتحديد في منتصف2014, بدأت بعض مواقع الانترنت نشر خرائط إرشادية تساعد المحتاجين علي تحديد أقرب مقر بنك طعام لمسكنهم عن طريق كتابة عنوانهم البريدي.
هذه البنوك ليست مجرد مخازن لتجميع الأغذية وتوزيعها, بل أصبحت مؤسسات يعمل فيها الآلاف بين عامل ومتعاون ومتبرع بالوقت والجهد والخبرة, في التعبئة والتغليف والطبخ والنقل والعمل الإداري. ويشرف خبراء تغذية علي الوجبات الساخنة أوالجافة التي تقدم للمحتاجين بهدف ضمان أن تتضمن العناصر الغذائية الضرورية. وفي حالة تقديم وجبات جافة معلبة, فإنها توضع في حاويات كرتونية او بلاستيكية تكفي الفرد لثلاثة أيام علي الأقل.
ولأنها باتت مؤسسات مساعدة للدولة في مكافحة الجوع, فإنها أنشأت شبكة علاقات مع الزائرات الصحيات وضباط الاتصال في المدارس والإخصائيين الاجتماعيين الذين يرشدون المحتاجين من الأسر إلي كيفية الاتصال ببنوك الطعام ويشجعونهم علي الاستفادة من خدماتها.
لماذا يجوع الفقراء في دولة عظمي تملك خامس أكبر اقتصاد في العالم؟
الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمملكة منذ عام2008, تقول المؤسسات الخيرية. وأضافت نتائج دراسات ميدانية سببا آخر هو التأخر في دفع المساعدات الحكومية, التي قلصت بسبب برامج التقشف الاقتصادي بسبب الأزمة, لذوي الدخول المنخفضة. وشكلت البطالة, التي زادت نتيجة تعثر وتقليص ميزانيات الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية, سببا ثالثا. والسبب الرابع هو ارتفاع تكاليف المعيشة( بنسبة30.5 في المائة خلال السنوات الخمس الأخير) خاصة بعد رفع الضرائب وتجميد الزيادة السنوية لرواتب العاملين في المؤسسات العامة.
ولأنه موسم انتخابات, تدافع الحكومة عن نفسها قائلة إنه لا علاقة ببرنامج التقشف الصارم بظاهرة الجوع. وتقول تقاريرها الرسمية إنها تنفق94 مليار جنيه استرليني علي برامج مساعدة عديمي أو ذوي الدخول القليلة.