لا ينكر منصف أن الوزارة الحالية برئاسة المهندس إبراهيم محلب تتحمل مسئولية ليست بالهينة فهى جاءت عقب ثورة 30 يونيه وسط آمال وطموحات لا يحدها سقف أو يلجم خطواتها ظروف سياسية واقتصادية غير طبيعية تمر بها مصر. الأجواء التى جاءت خلالها الوزارة الحالية جعلت معظم أعضائها يعملون وهم بين مطرقة الطموحات المرتفعة للمواطنين وسندان شح الإمكانات والموارد المالية إضافة إلى تركة ثقيلة تراكمت على مدى أكثر من ثلاثين عاما فهم مطالبون بالإنجاز بمعدلات سريعة جدا وبما يتناسب مع الاحتياجات المستقبلية وفى الوقت نفسه عليهم إصلاح منظومة كانت تعتمد فى عملها على المدى القصير دون النظر إلى احتياجات المستقبل وعلى الرغم من هذه الأجواء يتعرض عدد من الوزراء لموجات من الهجوم غير المبرر وربما المدفوع من بعض الطامعين فى كرسى الوزارة بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة أو من رافضى التغيير ومقاوميه فى دواليب مختلف الوزارات. الوضع السابق يمكن ملاحظته بوضوح فى الوزارات الخدمية التى ترتبط بشكل مباشر ولحظى بالمواطنين على مختلف مستوياتهم المادية والثقافية مثل وزارة النقل التى يتولى مسئوليتها المهندس هانى ضاحى فمنذ اللحظة الأولى لدخوله الوزارة بدأت نغمة أنه ليس من أبناء وزارة النقل وان أهل مكة أدرى بشعابها وهى مقولة لا تتسق بأى شكل من الأشكال مع مدارس الإدارة الحديثة ففى أحيان كثيرة عند الرغبة فى سرعة الإنجاز وعلاج مشكلات مزمنة يكون من الأفضل الاستعانة بكفاءات من خارج دولاب الوزارة خاصة إذا كانت خبراتها العلمية والعملية تؤشر إلى النجاح. وبعودة إلى وزير النقل وتعرضه كل فترة لموجات من الهجوم تشكيكا فى استحقاقه لحقيبة النقل يجب التذكير بأن قطاع البترول الذى عمل به المهندس هانى ضاحى لأكثر من 30 عاما هو من أكثر قطاعات الدولة احتكاكا بالخبرات الأجنبية التى تعتمد فى عملها بالأساس على الإنجاز السريع والمنضبط، كما أن مشواره بقطاع البترول شهد توليه رئاسة العديد من الشركات فى مجال الصيانة والتصميمات الهندسية والمقاولات وأخيرا هيئة البترول ومن ثم فإن توليه مسئولية وزارة النقل أمر يتسق تماما مع المرحلة الحالية من الحاجة إلى مسابقة الزمن لتنفيذ مشروعات كبرى تعالج سلبيات الماضى وتتناسب مع طموحات بناء مستقبل مختلف. وبعيدا عن شخص الوزير ومؤهلاته فإن مشكلات وزارة النقل التى تضم الطرق والموانئ والسكك الحديدية ومترو الأنفاق هى فى حقيقتها مشكلات مزمنة ليس من الصائب التعامل معها بطريقة المسكنات كما كان يحدث فى الماضى خاصة وان المشروعات الكبرى التى أطلقها الرئيس السيسى يرتبط نجاحها بشكل مباشر بهذه الملفات وحتمية إعادة صياغة خريطتها لتتناسب مع ما تستهدفه هذه المشروعات القومية الكبرى من وضع مصر على طريق المستقبل، حيث بدأت فعليا ترجمة الخريطة الجديدة فى صورة مشروعات تخدم الحاضر والمستقبل معا مثل المشروع القومى للطرق الذى يستهدف إنشاء 3200 كيلو متر من الطرق الجديدة وفقا للمواصفات العالمية ومع هذا المشروع سوف ترتفع كمية السلع المنقولة عبر الطرق بمصر من 1.5 مليون طن إلى 3.3 مليون طن يوميا كما ترتفع السلع الموجهة للتصدير من 84 ألف طن إلى 620 ألف طن يوميا وكذلك السكة الحديد هذا المرفق الذى تقدر خسائره بنحو 1.8 مليار جنيه سنويا وتدنى مستوى خدماته ويجرى حاليا علاج تشوهاته بشكل علمى شامل. وفى السياق نفسه يأتى قطاع الموانئ ومترو الأنفاق. هذه النماذج من المشروعات لن تظهر ثمارها بين يوم وليلة ولكن عند اكتمالها سوف يشعر المواطنون بالنقلة النوعية فى مستوى الخدمة المقدمة إليهم ومن ثم فإن وزير النقل يسبح فعلا ضد التيار. هذا التيار الذى يهاجم لمجرد الهجوم أو لتهيئة الأجواء للمشتاقين مقدما المصلحة الشخصية قبل مصلحة الوطن.