إن البسمة في السينما من أصعب ما يمكنه خلقه علي شريط سينمائي, بالطبع تختلف البسمة من ثقافة لأخري..... نعم للضحك ثقافة, و إلا لماذا نجد فئات تقتل نفسها من الضحك علي مهرجين يلقون نكات فجة وسخيفة قد يكون معظمها جنسيا بينما البعض الآخر ( والذي لديه و لو قدر محدود من الثقافة) يجد ما يضحك عليه هؤلاء العامة سخيف وبه قدر عال من البلادة. والحمد لله أن مستهلكي هذا النوع من الضحك اللفظي والمعتمد علي قدر من الانحطاط الثقافي يزدادون يوما بعد يوم في مصرنا العزيزة, والذين لولاهم لما كدس الكثيرين الأموال والإيرادات ولا ما ازدهرت شركات السينما الاحتكارية المسيطرة علي واقعنا السينمائي. وحتي لا نكون غير منصفين فأن هذا هو حال واقع الكوميديا في السينما المصرية بشكل عام منذ القدم مع نماذج مثل إسماعيل يسن وصولا بالعديد من النماذج التالية التي قد يكون بعضها ممثلين فعليين مثل فؤاد المهندس, و لكن شهرتهم و جماهيريتهم لم تتأتي ألا من خلال تقديمهم لنفس نماذج الكوميديا السائدة علي واقع السينما المصرية في تاريخها الطويل. تخفي الرجال في ثياب نسائية والسخرية من أصحاب العاهات و كوميديا الظهور بالملابس الداخلية وضرب الأقلام والضرب بالتورتة في الوجه هي عناصر هذه الكوميدية البدائية التي عرفت باسم' الفرس' التي سادت وتسود في عالم الكوميديا المصرية منذ القدم مع إضافات لقفشات و نكات لفظية, وهذا ليس بجديد فقد ضحك العالم علي كل هذا في فترة من الفترات, لكن المؤسف والمثير للحيرة أن تلك العناصر مازالت تضحك الكثيرين في مصر حتي يومنا هذا دون أن يجدها البعض مملة أو مكررة أو سبق لهم الضحك عليها من قبل. من أضحكوا الجمهور في السينما بفن راق ومبدع خالقين المواقف الباعثة للضحك تحفظ لهم السينما مكانة خاصة في تاريخها أيا كانت الفترة الزمنية التي قدموا فيها أفلامهم وأيا كانت نوعية تلك الأفلام وجنسيتها صامتة- أبيض وأسود- ملونة, لهذا مجدت السينما أسماء صانعي الكوميديا مثل شارلي شابلن باستركيتون بيلي ويلدر وودي آلان و فيتوريو دي سيكا و دينو ريزي من ايطاليا و جاك تاتي من فرنسا و غيرهم من العمالقة الذين رسموا البسمة علي شفاهنا عبر فن السينما الساحر. آخر هؤلاء السحرة في تاريخ فن الكوميديا العظيم هو بلاك أدورز مبتدع شخصية' الفهد الوردي' أو المفتش كلوزو مع الممثل الإنجليزي الراحل بيتر سيلرز. رحل بلاك أدورز عن علمنا يوم16 ديسمبر2010 عن عمر يقارب88 عاما, اسمه الحقيقي( ويليام بلاك كرمب). ولد بلاك أدورز في26 يوليو1922 بولاية أوكلاهوما بالولايات المتحدةالأمريكية ليصنع لنفسه مسارا طويلا كممثل و منتج و مخرج في السينما الأمريكية, كان أدورز زوجا للممثلة والمطربة الإنجليزية جولي أندروسن بطلة فيلم ماري بوبنز1964 من إخراج روبرت ستيفسون وصوت الموسيقي1966 من إخراج روبرت وايز. ولد بلاك أدورز لعائلة فنية واجتذبته أضواء الفن سريعا ليظهر في أدوار صغيرة بالسينما منها فيلم مع المخرج جون فورد عام1945 وويليام ويلر1946 أتجه أدورز لكتابة السيناريو للإذاعة و التليفزيون ليتعاون مع المخرج ريتشارد كوين في عملين ويتم التعرف عليه في هوليوود ككاتب سيناريو في1948 في عام1955 أخرج أدورز أول أفلامه السينمائية مع فيلمBringyoursmilearound, مع المطرب الأمريكي من اصل إيطالي فرانكي لين, ولكن شهرته الحقيقية ككاتب سيناريو ومخرج بدأت في عام1957 عندما قدم فيلمMISTERCORY مع توني كيرتس الذي توفي هذا العام هو الأخر, والذي لعب دورا كبيرا في حياة أدورز حيث اقنع الأستوديو بقيام أدورز بإخراج الفيلم و هو لم يكن ألا كاتبا للسيناريو لتقوم بينهم علاقة قوية يخلق عبرها أدورز بداية نجومية كيرتس مع فيلمOperationPetticoat1959 أمام كاري جرانت وهو فيلم تدور أحداثه علي غواصة أمريكية في الحرب العالمية الثانية تنقذ مجموعة من ممرضات الجيش الأمريكي غرقت سفينتهن بالمحيط ليحملوهن علي متن الغواصة للوطن لتنفجر الكوميديا من الفوضي الناتجة لوجود سيدات وسط الجنود. في عام1961 يقدم أدورز واحدا من أروع أفلام السينما الأمريكية التي ساهمت في صنع الحلم الأمريكيBreakfastatTiffany's والذي يعد فيلما رومانسيا مع نجمين كبيرين في بداية حياتهما السينمائية ليصبحا بعد ذلك من أكبر نجوم هوليوود أحدهما تدعي أودري هيبورن أمام ممثل شاب في ذلك الوقت يدعي جورج بيبارد. الفيلم مأخوذ عن رواية شهيرة بنفس الاسم من تأليف ترومان كابوت عن قصة حب بين فتاة جاءت نيويورك من تكساس بحثا عن الشهرة والثراء لتقع في حب كاتب فقير يقطن في الشقة المجاورة لها, لينتصر الحب علي الرغبة في الثراء. [email protected]