نحن نعيش حقبة جديدة من التقدم الإنساني نتيجة للتطورات العلمية والتكنولوجية في مجالات الطاقة النووية, وغزو الفضاء, وفيزياء الليزر, والتكنولوجيا الحيوية, والهندسة الوراثية, والإنسان الآلي. وظهر التطور واضحا في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نتيجة للتقدم المتسارع في علوم الحاسبات وشبكة المعلومات والتكنولوجيا الرقمية وانتشار استخدام شبكة الإنترنت والمؤتمرات التفاعلية وتطبيقات التكنولوجيا الرقمية. إن ذلك يستهدف تعليما جامعيا يقوم علي التحول من ثقافة الحد الأدني إلي ثقافة الإتقان والجودة, ومن ثقافة الاجترار والتكرار إلي ثقافة الإبداع والابتكار, ومن ثقافة التسليم إلي ثقافة التقويم, ومن ثقافة القهر إلي ثقافة المشاركة, ومن ثقافة الاستهلاك إلي ثقافة الإنتاج, ومن أسلوب القفز إلي النواتج إلي أسلوب معاناة العمليات, ومن الاعتماد علي الآخر إلي الاعتماد علي الذات, ومن التعليم محدود الأمد إلي التعليم مدي الحياة. نحن في حاجة إلي أن تقوم الجامعة بتكوين إنسان يتفاعل إيجابيا مع ما يموج به العالم الكوكبي من متغيرات وتحديات وفرص وإمكانات عملية وتكنولوجية ومعلوماتية, وحتي تحقق الجامعة من خلال مخرجاتها مطالب التنمية وحاجات السوق الداخلية والخارجية المتغيرة دائما. وتعمل الجامعة علي تحقيق التنمية البشرية عن طريق تنمية قدرات الطلاب العقلية والبدنية والاجتماعية والروحية والمهارية والإبداعية إلي أقصي ما يمكن أن تبلغه من نمو وارتقاء خلال سنوات التعليم الجامعي, باعتبار أن تنمية القدرات والطاقات الإنسانية هدف أساسي, وأن الجامعة هي الطاقة الفاعلة والقاطرة المحركة والمنظمة لمختلف الموارد والأنشطة المجتمعية. ومن واقع خبرات التنمية واستشراف المستقبل ومع المتغيرات المتسارعة وثورة المعلومات والاتصالات وما ارتبط بها من تقدم علمي وتكنولوجي يصبح المنتج الجامعي أكبر مصدر لتوليد الثروة, بمواهبه وقدراته الابتكارية والإبداعية ذات القيمة في إنتاج السلع والخدمات. إن الأنشطة الجامعية يمكن أن تتسع وتتنوع لتشمل: الأنشطة الطلابية داخل الجامعة, والأنشطة الجامعية لخدمة المجتمع وتنمية البيئة خارج الجامعة, وأنشطة دولية عبر الثقافات. إن التلقي في قاعات الدرس لم يعد أسلوبا ناجحا في إعداد الدارس لأن يحقق دوره في المشاركة المهنية المجتمعية, إن الجانب الأكاديمي يزود الطلاب بالعلم والمعرفة في مجال التخصص, والنشاط الطلابي يزودهم بمهارات وخبرات نفسية واجتماعية توقظ مواهبهم وطاقاتهم الكامنة, وتسهم في بناء شخصياتهم وتزرع ثقتهم في أنفسهم, وتزيد من فاعليتهم ونشاطهم من خلال التكامل بين الجانب الأكاديمي والنشاط غير المنهجي ليتحقق التوازن في بناء شخصية الطالب الجامعية ذهنيا وجسميا ونفسيا واجتماعيا. والأنشطة تقدم لطلاب الجامعة وهم في مرحلة عمرية تتطلب الطاقات ورعايتها واستثمارها وترشيدها, وحتي يستغلوا أوقات فراغهم في النافع المفيد. ولم يعد من الممكن أن تعيش الجامعة بمعزل عن المجتمع الذي يحيط بها بكل ما يواجهه من مشكلات وتحديات وبكل ما يحلم به من طموحات وآمال, وعليه فإن نشاط الجامعة صار لخدمة المجتمع وتنمية البيئة ليمثل بعدا محوريا, ويضيف مهمة أساسية من مهام الجامعة لتتفاعل مع المجتمع المحيط بها وتشارك مشاركة فاعلة في تقديم الخدمات والاستشارات, ووضع خبرات أعضاء هيئة التدريس وإمكاناتهم البحثية والعلمية لتحقيق رسالة الجامعة في التطوير والإبداع ودعم مسيرة التنمية المستدامة. وتجسد الجامعة هذه الرسالة في شقين رئيسيين: أولهما توظيف إمكانات الجامعة لخدمة مواقع الإنتاج, وثانيهما توجيه الأبحاث العلمية لخدمة قضايا المجتمع والتنمية. وتأتي المراكز والوحدات ذات الطابع الخاص سواء التابعة للجامعة مباشرة أو التابعة لكليات الجامعة لتعبر بوضوح عن الأنشطة الجامعية علي اختلاف أشكالها. ومن الطبيعي أن يكون للجامعة دور علمي وثقافي خارج الوطن يتم من خلاله تبادل الخبرات العلمية والبحثية الإنسانية, لتواكب الجامعة التغيرات المعرفية والبحثية وتسهم في إحداثها وتفيد من تطبيقاتها وتعظم إسهاماتها في التنمية المطردة لتحقق حياة لائقة بإنسان الألفية الثالثة, وتتسع هذه الأنشطة فتشمل الاتفاقات الجامعية مع مثيلاتها من جامعات أجنبية والتآخي بين الكليات الجامعية والمراكز البحثية والبعثات الجامعية والإشراف المشترك. وهذه الأنشطة تفيد في إثراء الخبرات والمهارات والاتجاهات التي تطور عضو هيئة التدريس فكرا وأداء, كما تنمي الطالب الجامعي معرفة وثقافة ووعيا بنفسه وبالآخر من خلال التواصل بالشبكة العالمية للمعلومات, والرسائل الإلكترونية وتبادل الخبرات والتصورات المستقبلية والكمبيوتر التفاعلي. أستاذ المناهج بكلية التربية جامعة عين شمس