لا شك أن ما يحدث الآن علي الساحة الأمنية المصرية من عمليات انتحارية في سيناء أو بعض الانفجارات في القاهرة أو المحافظات إنما هي رسائل موجهة تماما إلي صميم الأمن القومي المصري, وتهدف إلي زعزعة استقرار الدولة والقضاء علي الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي تحقق بصورة كبيرة بعد إنهاء جانب كبير من استحقاقات خارطة الطريق, ولذا لابد أن نسعي جميعا إلي التصدي لهذا الإرهاب الأسود المدمر دون مزايدات أو سعي البعض إلي استغلال ذلك لتحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدي علي حساب الأمن القومي المصري. وما يحدث في الشارع السياسي الآن من قيام بعض أطراف العملية السياسية ومن يطلقون علي أنفسهم ممثلي القوي السياسية ببذل أقصي جهد من أجل الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة دون الالتفات إلي ما تتعرض له مصر من مؤامرات توفير شبكة أمان سياسي للدولة في حربها ضد الإرهاب عن طريق عمل لقاءات مستمرة مع الشباب في المحافظات المختلفة خاصة في سيناء سواء الشمال أو الجنوب للتوعية بمخاطر الإرهاب, وكيفية مواجهته خاصة أن الدولة تقود حربا شرسة ضد الإرهاب بجميع أشكاله في سيناء. والمؤكد أن غياب مفهوم الأمن القومي لدي بعض القوي السياسية دفعها, ومن خلال نظرة ضيقة للغاية إلي المزايدة واللجوء إلي الشعارات السياسية الجوفاء دون النظر في حقيقة الأوضاع التي تمر بها مصر الآن سواء الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية بل إن بعض القوي تسعي إلي خلط الأوراق دون وعي أو عن قصد لخدمة أهدافها السياسية فقط دون النظر إلي مصالح الوطن التي يجب أن نتكاتف جميعا خلفها في تلك المرحلة الحساسة. وما تقوم به الدولة ممثلة في القوات المسلحة الآن من عمليات إزالة للمساكن الموجودة علي الشريط الحدودي في رفح لابد أن تجد مساندة كبيرة من القوي السياسية المختلفة خاصة وإذا علمنا أن هناك أكثر من802 منزل في تلك المنطقة تمت إزالة438 منها حتي الآن بعد أن قامت الحكومة بدفع تعويضات للأهالي تراوحت بين700 1200 جنيه للمتر المربع بالإضافة إلي900 جنيه قيمة إيجار شقة لكل أسرة لمدة ثلاثة شهور, وهي إجراءات لاقت قبولا كبيرا من قبل أهالي رفح وبالتحديد من أصحاب المنازل التي تتم إزالتها الآن. وعلي الرغم من مخاوف البعض من رفض أهالي رفح الاستجابة لإزالة مساكنهم علي الشريط الحدودي إلا أن الأهالي أثبتوا أنهم علي قدر كبيرمن الوعي والإدراك لمتطلبات الأمن القومي المصري بل أنهم أثبتوا أنهم أفضل كثيرا من العديد مما يسمون أنفسهم دون وجه حق رموز الحركة الوطنية علي الساحة السياسية خاصة أن مشايخ شمال سيناء تعهدوا خلال حواراتهم مع القوات المسلحة والشرطة بمساندة الجهود المبذولة لمواجهة الإرهاب ودعم الأمن القومي المصري بمفهومه البسيط لديهم, والذي يعني بالطبع حماية الحدود المصرية والتصدي لمحاولات بعض الجماعات الإرهابية زعزعة أمن واستقرار الوطن. ويقينا فإن ما تم الإعلان عنه من قبل الدولة بشأن البدء في وضع التصور العام والتصميمات الخاصة بمدينة رفح الجديدة سوف يدعم إجراءات بناء الثقة المفقودة بين أهالي سيناء والحكومة منذ سنوات طويلة خاصة أن هناك ما يسمي بالمجلس الاجتماعي للتنمية, والذي يتبع رئيس الجمهورية مباشرة وهو الذي يتابع عمليات التصميم ووضع الرؤية النهائية للمشروع الكبير لأهالي رفح وبالتالي فإن البدء في تنفيذ المشروع سيعطي دفعة كبيرة للجهود التي تقوم بها القوات المسلحة والشرطة في مواجهة الإرهاب حيث سيسعي أهالي سيناء جميعا, وليس رفح فقط إلي التصدي لمن يحاول التلاعب بأمن واستقرار الوطن في تلك المنطقة المهمة. وأعتقد أنه بالتوازي مع تلك الجهود لابد أن تتحرك الحكومة في اتجاه وضع مخطط عام لتنمية سيناء يشمل إقامة مشاريع استثمارية ضخمة تهدف إلي إيجاد فرص عمل لأبناء سيناء بالإضافة إلي إحداث تطوير وتحسين في البنية الأساسية خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والطرق, والتي تحتاج إلي جهود كبيرة وإخلاص حقيقي من قبل المسئولين سواء الوزارة أو محافظ شمال سيناء في التعامل مع تلك القضايا الحيوية والتي تشغل المواطن السيناوي منذ سنوات طويلة ويأمل أن يجد لها حلا حقيقيا خلال السنوات المقبلة.