بالفعل هي جراحة عاجلة تجريها الدولة في سيناء وبالتحديد علي الحدود المصرية مع غزة في منطقة رفح في أعقاب الحادث الإرهابي الأخير الذي شهدته العريش, حيث بدأت منذ أيام قليلة عملية إزالة المنازل الموجودة علي الشريط الحدودي والتي كانت تمثل عقبة كبيرة أمام الدولة في مواجهة الإرهاب أو إن شئنا الدقة إرهاب الإنفاق, حيث تعتبر تلك الأنفاق هي المورد الأساسي لدعم الإرهاب في سيناء سواء بواسطة جماعات من حماس أو يرها من الجماعات الإرهابية الأخري المدعومة من دول وجهات عربية وأجنبية, تسعي إلي زعزعة من دول وجهات عربية وأجنبية, تسعي إلي زعزعة الاستقرار والأمن في مصر. والمؤكد أن تلك الأنفاق تمثل ثغرة كبيرة في جدار الأمن القومي المصري في ظل ظروف غاية في الصعوبة والتوتر تعيشها المنطقة بسبب تدهور الأوضاع في العراق وسوريا, وظهور الحركة الإرهابية التي تطلق علي نفسها داعش وهو ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي تأكيد أن الأمن القومي المصري هو خط أحمر, ولن نقبل أي مساس به وأن الجيش المصري قادر علي حماية حدود مصر وصيانة أمنها القومي. وأيضا جاءت كلمات الرئيس السيسي يوم الاثنين الماضي خلال جانب من المناورة بدر4102 لتؤكد أيضا اهتمام الدولة ليس بمواجهة خطر الأنفاق وإزالة المنازل علي الشريط الحدودي, بل الاهتمام بأهالي سيناء, حيث وجه رسالة تحية وتقدير واعتذار لهم.. وهو ما يؤكد أن الدولة بدأت تتجه وبقوة نحو تنمية سيناء وتضع في اعتبارها أن أهالي سيناء لهم الحق مثل غيرهم في العيش في سلام وإيجاد فرص عمل حقيقية لأبنائهم, خاصة أن شمال سيناء عانت سنوات طويلة من تجاهل الدولة بجميع أجهزتها وهو ما جعل أبناء سيناء يشعرون بالتهميش ويتجه عدد غير قليل منهم للعمل في تجارة المخدرات وتهريب السلاح والتعاون مع حماس في بناء وصيانة وتشغيل الأنفاق. وأعتقد أن موقف أهالي سيناء من قرار إزالة منازل الشريط الحدودي موقف وطني ومشرف ويبرز رغبتهم في التعاون مع أجهزة الدولة لضبط الحدود والسيطرة عليها, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في ظل تلك الأزمة والأجواء المتوترة في سيناء أين دور الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية في دعم أهالي سيناء وإجراء حوارات معهم لشرح حقيقة الأوضاع لهم؟ أين التحالفات الانتخابية والاجتماعات التي تتم يوميا بهدف التنسيق للانتخابات البرلمانية المقبلة؟ وأين قيادات العمل الحزبي والسياسي, والتي تتغني يوميا بحب مصر؟ أليس من الأحري أن تتحرك تلك الأحزاب والتحالفات لدعم دور الدولة في التصدي للإرهاب والسعي إلي إيجاد تواصل حقيقي وأصيل في مواجهة الإرهاب التي تتعرض له مصر, وليسوا هم الهدف من إزالة أي من المنازل علي الشريط الحدودي. ولا شك أن الجراحة العاجلة التي تجريها الدولة الآن في منطقة الشريط الحدودي لابد أن تستمر للنهاية وألا تتوقف عند أي مرحلة من مراحلها, والأهم من ذلك هو أن يتم بالتوازي معها إنشاء مدينة سكنية للأهالي تتميز بالطابع السيناوي الكامل, وأن تكون التعويضات التي تم صرفها هي جزء فقط, من تلك المنظومة والتي سوف تكون دليلا واضحا علي صدق الحكومة في التعامل مع الأزمة واستعادة ثقة المواطن السيناوي. ولا يمكن اختزال الأزمة في شمال سيناء في منطقة الشريط الحدودي فقط, رغم كونها مصدر الخطر الأكبر. إلا أننا لابد أن ننظر إلي سيناء كوحدة متكاملة سواء الشمال أو الجنوب وأن تسعي الدولة بصورة حقيقية وجادة في تنفيذ مخطط متكامل للتنمية في سيناء عن طريق إنشاء شبكة متكاملة من الطرق وإقامة مشروعات استثمارية ضخمة في مجالات الزراعة والتصنيع تتواكب مع مشروع قناة السويس الجديدة العملاق حتي تتمكن الدولة من مواجهة الإرهاب في جميع صوره. الجميع يدرك أنه عن طريق القضاء علي البطالة وتحسين مستوي الدخل لأهالي سيناء, وإيجاد مجتمعات عمرانية وصناعية جديدة يمكن للمواطن أن يقوم بدور حقيقي وفعال في التصدي للإرهاب, وأنه تعتمد عليه الدولة في حماية أمنها لأنه سوف يشعر بأن دوره يتكامل مع دور الدولة وأنه أصبح له قيمة حقيقية في وطنه, وبالتالي تعميق وتنمية الانتماء لدي المواطن وهو ما يدعم دون شك قدرته علي العمل والإنتاج, وهو ما تحتاجه مصر خلال المرحلة المقبلة. [email protected]