جاء قرار نقابة الصحفيين بمقاطعة رئيس نادي الزمالك لاعتدائه بالسب علي العديد من الزملاء الصحفيين والمواطنين, ليكون وقفة أخلاقية لحصار ما يمكن أن يوصف بأنه ظاهرة غير أخلاقية تتسع, وأري أن يشمل القرار كل الشتامين ممن يتجاوزون بالسب في وسائل الإعلام, وليت القنوات التليفزيونية تشارك في المقاطعة, وأن تكون أحد بنود ميثاق الشرف الإعلامي. لقد تدهور مستوي خطابنا الإعلامي بصورة غير مسبوقة, وزادت معدلات الشتائم المتبادلة, وإذا اطلعنا علي ما يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وتويتر نجد أننا في خطر أخلاقي حقيقي, الألفاظ الجنسية والسباب بالأم والأب أصبح معتادا بدرجة خطيرة, وكأننا في وصلات ردح لا تكاد تتوقف. كنت آمل أو أحلم أن يكون الوضع الخطير الذي تعيشه مصر هو الهم الرئيسي لدي كل فئات المجتمع, خاصة نخبتها السياسية ومثقفيها, لكن معظمهم انجر, مع الأسف الشديد, إلي خطاب الردح والشتائم, لنبتعد عن الموضوعية التي نحتاجها, لنبحث سبل مواجهة التحديات التي نواجهها, وهي كثيرة وخطيرة. أذكر أنه في أوقات الحروب التي خاضتها مصر اختفت الجرائم, توقف اللصوص عن السرقة, ولم تسجل مشاجرات أو أعمال عنف أو تجارة مخدرات طوال حرب أكتوبر1973, حيث شعر الشعب, بمن فيه المجرمون, بخطورة الأحداث التي كانت تمر بها مصر, ونحن الآن في حرب لا تقل خطورة عن معركة أكتوبر, بل أهم منها بكثير, لأنها معركة وجود وليست معركة تحرير جزء من أراضينا, فكيف في مثل هذا الوضع ينجر المثقفون إلي تبادل السباب والشتائم, ويتربص كل فريق بالآخر؟ إذا كان المجرمون قد تنبهوا إلي خطورة ما تمر به مصر في حرب أكتوبر, فالأجدي أن تدرك نخبتنا السياسية والمثقفة هذه المخاطر, وأن تكون علي مستوي المعركة التي يخوضها جيشنا وأجهزة الأمن في مواجهة إرهاب بشع, مدعوم من قوي إقليمية ودولية, يهدف إلي تدمير الدولة وإشاعة الفوضي والحرب الأهلية. إن المهمة الملقاة علي عاتق النخبة السياسية أو الإعلامية والثقافية كبيرة, في مقدمتها أن تواجه الفكر الإرهابي, وأن تلتحم مع الشعب لتكوين ظهير سياسي ومعنوي لقواتنا التي تحارب الإرهاب, وأن تخرج الجماهير والأحزاب من حالة السكون, وعدم الاكتفاء بالفرجة علي المعركة الدائرة مع الإرهاب, لتكون الجماهير بكل انتماءاتها السياسية صفا واحدا في مواجهة الخطر الذي يهدد مصر, شعبا وأرضا, خاصة أن الحرب مع الإرهاب ليست علي جبهة واحدة, فهي حرب مفتوحة علي كل أرض مصر, وهذا يعني أننا جميعا في مواجهة الإرهاب في كل لحظة وفي أي مكان. إن الحرب ضد الإرهاب تحتاج إلي جهود كبيرة في جميع المجالات, وليست في الأمن والقوات المسلحة فقط, فالعمل لابد أن يستمر ويتضاعف, وأن يبذل كل منا أقصي جهد في مجال عمله, إلي جانب التوعية والمواجهة مع من يروجون للإرهاب, أو ينالون من وحدة شعبنا.