انتخابات النواب، غرفة عمليات حزب المؤتمر ترصد مخالفات عدة بالدائرة الثالثة في أسيوط    رمضان 2026| الصور الأولى من مسلسل "فن الحرب"    وزير المالية: نعتزم إطلاق حزمة تيسيرات جديدة في الجمارك والضرائب العقارية    أمير قطر يؤكد الدعم الكامل لسيادة الصومال ووحدة أراضيه    استجواب وتهجير قسري للفلسطينيين بشمال الضفة الغربية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يستخدم المدرعات والروبوتات المفخخة ويكثف قصفه شرق غزة    أمم أفريقيا 2025| أبياه: جاهزون لاختبار غينيا الاستوائية وسنقاتل من أجل نتيجة إيجابية    أمم إفريقيا - دوكو دودو ل في الجول: كنا نستحق نتيجة أفضل أمام الكونغو.. ونريد الوصول إلى أبعد نقطة    وفاة وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم بصحراوي المنيا    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    رمضان 2026.. الصور الأولى من كواليس "عين سحرية" بطولة عصام عمر    "عبدالغفار" يكرم العاملين بالمنظومة الصحية تقديرا لجهودهم وتضحياتهم خلال عام 2025    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    نوتينجهام فورست ضد مان سيتي.. شوط أول سلبي فى الدوري الإنجليزي    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان إيتاي البارود    تأجيل محاكمة تكفيري أسس جماعة إرهابية لشهر فبراير    ترامب يدعو وزارة العدل إلى فضح الديمقراطيين المتورطين في قضية جيفري إبستين    بيان غرفة عمليات حزب المؤتمر حول انتخابات النواب    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    إنجازات الزراعة خلال 2025| طفرة تصديرية واكتفاء ذاتي.. والميكنة تغطي 8.3 مليون فدان    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على "إعلام وراثة" لرمضان 2026    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    بولندا تغلق مطارات بسبب غارات روسية على أوكرانيا    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    المشاط: نعمل على وصول النمو لمستويات 7% لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الشباب بالدوري السعودي    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    جيسوس يعزز قائمة النصر بثلاثي أجنبي قبل مواجهة الأخدود    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافه ابراء الذمة
نشر في الأهرام المسائي يوم 14 - 11 - 2014

شاع بين كثير من الكتاب والمتحدثين في المنابر الصحفية والإعلامية في الآونة الأخيرة أن الكاتب والمتحدث إذا ما عرضت عليهم المشكلات المعاصرة للأمة,
يسرف في كيل التهم وتتبع السلبيات, ويري أنه قد أدي رسالته وأبرأ ذمته بذكر هذه المثالب وتلك النقائص, وبإسرافه في إدانة المجتمع وتضخيم السلبيات والمبالغة في تصويرها, حتي يتخيل القارئ والسامع أنه ينظر إلي وحش أسطوري مخيف, أو أنه سقط في جب عميق مظلم لا سبيل إلي الخروج منه, فتطبق علي روحه ظلمات اليأس ومشاعر الإحباط من كل شيء, وأنه مفيش فايدة!!
مهلا أيها السادة: والآن يا صفوة المجتمع وعقوله النيرة:
ألستم جزءا من هذا المجتمع بكل ما فيه من إيجابيات وسلبيات ؟! أم أنكم هبطتم عليه من كوكب آخر؟!
ماذا قدمتم من رؤي وأفكار وتجارب تضئ الطريق وتمهد للخروج من هذه السلبيات وتجاوزها؟!
وهل كلمات الإدانة قادرة علي تخطي الأزمات؟!
تريدون أن تسهموا بآرائكم ورؤاكم في سبيل البناء, أم تريدون لكلماتكم أن تكون معاول لمزيد من الهدم والدمار؟!
إن هذا الموقف السلبي في التعامل مع الأزمة, نوع من الهروب والتخلص من عبء المسئولية والالتزام بقضايا الأمة, ولون من الكذب علي الذات قبل الآخرين فصاحب هذا الموقف الهروبي يتدثر بعبارات الإدانة وتوجيه التهم وتوزيع النقائص, وكأنه يشير إلي نفسه قائلا: أنا مليش دعوة!!.
ما أسهل إدانة المجتمع وتتبع العورات والسقطات, أما بناء المجتمع وإصلاحه فيحتاج إلي أكثر من ذلك, يحتاج إلي نيات صادقة, وقلوب مخلصة, وعقول واعية تحمل رؤي خلاقة وفكرا قادرا علي تشخيص الأزمة ورؤيتها في مسارها الصحيح في إطار مجتمع متغير وعالم يموج بالصراعات والاضطرابات والأزمات, ثم وضع الحلول العملية للخروج من الأزمة, وحشد طاقات الأمة وتوجيهها إلي العمل الجاد والمخلص والدءوب, وصولا إلي تحقيق طموحات الأمة وآمالها, وتحريرها من أغلال الجهل والتخلف والانحطاط, والتبعية والانهزامية وسائر المثالب والسلبيات, فإن تتبع العورات والوقوف عند رصدها وتضخيمها لا يقدم شيئا, بل هو عائق آخر في طريق الإنجاز وعقبة تعترض السبيل نحو البناء والإصلاح.
كأني بك يا سيدي يا رسول الله, تنظر إلينا من سجد الغيب, وتري ما نحن فيه من عجز وتقاعس وانهزام, فتنادينا وتهيب بنا أن نتعلم كيف نكون حكماء في معالجة السلبيات, فتقول: إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم.
لقد كنت يا سيدي يا رسول الله- صلوات ربي وسلامه عليك- تقدم الشفاء من كل داء, مستضيئا بنور الله, ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
ولنتأمل معا كيف عالج النبي صلي الله عليه وسلم أدواء المجتمع وسلبياته, كيف ارتقي بقبائل العرب من مجتمع القبيلة إلي الدولة, ومن مفهوم العشائرية إلي مفهوم الأمة, ومن خلق الأثرة والإفراط في الفردية إلي خلق الإيثار والبذل والتضحية.
لم يكتف النبي صلي الله عليه وسلم بتعليم الأمة عن طريق الوعظ والخطب والوصايا, بل كان لهم نعم الأسوة والقدوة الصالحة علي طريق الخير والعمل لنهضة الأمة وإصلاح أحوال المجتمع, كان خير إمام, وخير أب, وخير قائد, وأعدل حاكم, وأعظم معلم, وتأمل كيف كان يتعامل بحكمة وبصيرة نافذة في كل موقف, فيضيء للناس الطريق ويهديهم إلي الخير, خذ مثلا موقف معاوية بن الحكم السلمي حين سمع رجلا يعطس في الصلاة فقال له معاوية: يرحمك الله! فرماه القوم بأبصارهم, فقال: ما شأنكم تنظرون إلي؟! فجعلوا يضربون بأيديهم علي أفخاذهم.
يقول معاوية: فلما صلي رسول الله صلي الله عليه وسلم, فو الله ما رأيت معلما قبله أحسن تعليما منه, فو الله ما كهرني( زجرني), ولا ضربني ولا شتمني, وإنما قال لي: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس, إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
وهذا أنس بن مالك غلام النبي صلي الله عليه وسلم يقول: والله لقد خدمت رسول الله, عشر سنين, فما قال لشيء صنعته: لم صنعته؟ ولا لشيء تركته: لم تركته؟!
وفي هذا دلالة علي سعة صدر النبي صلي الله عليه وسلم, وحسن أسلوبه في التعليم والتربية والتوجيه, وقدرته علي احتواء نفوس من حوله بقلب الأب وروح القائد والمعلم, وحكمته وتنوع أساليبه في التربية, ومن بينها ضرب الأسوة والقدوة الحسنة دون زجر أو توبيخ إو إدانة واتهام.
حتي مع السفهاء كان رسول الله صلي الله عليه وسلم واسع الصدر قادرا علي رؤية ما أداهم إلي السفه والحماقة, ورعونات الجهلاء وطيش الحمقي وضلال الضالين, من ذلك ما رواه.
ولنا في حبيبنا النبي أسوة وقدوة كثيرا ما تعرض رسول الله صلي الله عليه وسلم لمواقف من هذا القبيل, من السفهاء والجهلاء, أو ممن أرادوا أن يختبروا حلمه كموقف زيد بن سعنة, وغير ذلك من مواقف لا حصر لها, ضرب لنا فيها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم الأسوة الحسنة, وبين لنا فيها كيف نتعامل مع الأزمات والشدائد, وكيف نعالج المساوئ والنقائص بمنطق الأسوة والقدوة الذي يستند إلي الإيمان لا بمنطق الإدانة وتتبع العورات الذي يستند إلي ثقافة إبراء الذمة.
إننا بحاجة إلي تقديم الأسوة التي تبني وتبعث الأمل في النفوس وتحيي فينا الهمة الصادقة والروح المتوثبة والعمل المخلص لتجاوز الأزمات والمحن والسلبيات.
كذلك فإن ثقافة إبراء الذمة تتنافي مع روح الثبات وخلق الصمود عند المؤمن الذي لا ينهار في مواجهة الشدائد والمحن, وإنما يكون منه الثبات, مستندا إلي يقينه بالله ورؤية صادقة وواضحة تبتغي الخير والإصلاح, معتمدا علي توفيق الله تعالي, مصداقا لقول الله تعالي:
( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) هود/.88


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.