رئيس التعبئة والإحصاء يطّلع على تطورات العمل في محطة الضبعة النووية    الوادي الجديد.. تسليم محطة "الخير والنماء" لشركة مياه الشرب استعدادًا للانتهاء من 14 محطة    طبيبة أمريكية بمستشفى الشفاء: مستوى الجوع بغزة مأساوي ولم أره في حياتي    آخر تطورات أزمة أحمد الجفالي مع الزمالك وعروض الرحيل    كواليس جلسة استئناف المتهمين في انفجار خط غاز الواحات على حكم حبسهم 10 سنوات    تطورات واقعة احتجاز المطربة رحمة عصام، النيابة تخلي سبيل العريس وأصدقائه    إجراء 100 عملية جراحية متقدمة بمستشفيي رمد سوهاج وطهطا ضمن قوائم الانتظار    طريقة عمل الحواوشي زي الجاهز، لغداء سريع التحضير    رسميًا.. برشلونة يُلغي جولته التحضيرية في اليابان بسبب خرق تعاقدي    رسميًا.. أتلتيكو مدريد يضم السلوفاكي دافيد هانكو لتعزيز دفاعاته    د أحمد شلبي: المطورون العقاريون يطالبون بحوار عاجل مع الحكومة بعد فرض رسوم وعلاوات جديدة    بسبب لهو الأطفال .. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بالجيزة    البابا تواضروس الثاني: اثبتوا في الإيمان    راغب علامة بعد أزمة الساحل: "عاوز أحمد فتوح يروح معايا النقابة"    السفير رياض منصور: البيت الأبيض قادر على وقف النار خلال 24 ساعة    مصروفات كلية الهندسة بجامعة مصر للمعلوماتية 2025    يعاني من متلازمة المحتال الخفية.. أكبر نقاط القوة والضعف لبرج الحمل    الجيش اللبناني يفكك جهاز تجسس للاحتلال الإسرائيلي في مزرعة بسطرة - حاصبيا    «متحف مجلس قيادة الثورة» .. ذاكرة وطنية على ضفاف النيل    ناجى الشهابي: ثورة 23يوليو ما زالت ملهمة للسياسة الوطنية رغم محاولات التشويه    التحاق مروان حمدي بمعسكر بيراميدز في تركيا.. واستمرار غياب جودة    أبو ريدة يتابع معسكر وتدريبات الحكام على تقنية ال VAR    أول رد فعل من علي معلول بعد أنباء رحيله إلى الصفاقسي التونسي    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يقر تعويضات لعملاء شركة فودافون مصر المتأثرين من العطل الذي وقع في شبكة الشركة مساء الثلاثاء    مدبولي يبحث مع وكلاء ماركات عالمية ضخ استثمارات في مصر ودعم سياحة التسوق    رغم التخرج- لماذا تطاردنا كوابيس الثانوية العامة في أحلامنا؟ "فيديوجرافيك"    الفرحة بتطل من عنيهم.. لحظة خروج 1056 نزيلًا بعفو رئاسي في ذكرى 23 يوليو    ضبط عريس متهم بالتسبب في مصرع شاب بطلق ناري أثناء حفل زفافه بالشرقية    الأردن: إدخال قافلة مساعدات من 36 شاحنة مواد غذائية إلى شمال غزة    إيران توافق على زيارة فريق من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأسابيع المقبلة    «سلاح البر مفتاح الحسم».. رئيس الأركان الإسرائيلي: نعمل في طهران وبيروت ودمشق وغزة    «بعد طلب وزير خارجية الاحتلال».. هل ستصنف أوكرانيا الحرس الثوري الإيراني «منظمة إرهابية»؟    أحمد سعد يطرح أغنية «حبيبي ياه ياه» بمشاركة عفروتو ومروان موسى    في عيد ميلاده.. أحمد عز يتصدر قائمة الأعلى إيرادًا بتاريخ السينما المصرية    المركز القومي للبحوث يحصد 5 من جوائز الدولة لعام 2024    أول تعليق من أسماء أبو اليزيد بعد الحلقة الأخيرة لمسلسل "فات الميعاد"    هل يجوز أخذ مكافأة على مال عثر عليه في الشارع؟.. أمين الفتوى يجيب    بدء طرح الوطنية للطباعة بالبورصة 27 يوليو بسعر 21.25 جنيه للسهم    مدبولى يعلن بدء إجراءات تطبيق قانون الإيجار القديم: «لن يضار أي مواطن» (فيديو)    تحدث في معدتك- 5 أعراض لمرض الكبد الدهني احذرها    اليونسكو متطرفة !    رئيس الجامعة البريطانية في مصر يكرّم السفير جاريث بايلي تقديرًا لدعمه للتعاون المشترك    سلطان عُمان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 23 يوليو    خلال استقبال مساعد وزير الصحة.. محافظ أسوان: التأمين الشامل ساهم في تطوير الصروح الطبية    خادم الحرمين وولى العهد السعودى يهنئان الرئيس السيسى بذكرى ثورة 23 يوليو    خطة استثمارية ب100 مليون دولار.. «البترول» و«دانة غاز» تعلنان نتائج بئر «بيجونيا-2» بإنتاج 9 مليارات قدم    لماذا لا ينخفض ضغط الدم رغم تناول العلاج؟.. 9 أسباب وراء تلك المشكلة    الأهلي يترقب انتعاش خزينته ب 5.5 مليون دولار خلال ساعات    ضبط 3695 قضية سرقة كهرباء خلال 24 ساعة    فيريرا يركز على الجوانب الفنية في مران الزمالك الصباحي    الإفتاء توضح كيفية إتمام الصفوف في صلاة الجماعة    محفظ قرآن بقنا يهدي طالبة ثانوية عامة رحلة عمرة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم نتمنى ان نكون مثلكم ?!    بالفيديو.. الأرصاد: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد حتى منتصف الأسبوع المقبل    الرئيس السيسي: هذا الوطن قادر بأبنائه على تجاوز التحديات والصعاب    رئيس الوزراء يتفقد موقع إنشاء المحطة النووية بالضبعة    دار الإفتاء المصرية توضح حكم تشريح جثة الميت    خلال فترة التدريب.. مندوب نقل أموال ينهب ماكينات ATM بشبرا الخيمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلوم الإنسانية بين التجاهل المؤسسى والتنوير المجتمعى
نشر في الأهرام المسائي يوم 15 - 10 - 2014

لاشك ان هناك تكاملا واضحا بين العلوم جميعا وهو تكامل تفرضه حاجة المجتمعات البشرية لكافة العلوم سواء كانت علوم انسانية كعلم الاجتماع وعلم الجغرافيا وعلم التاريخ وعلوم اللسانيات، أم كانت علوم تطبيقية كعلوم الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء الى آخره من علوم، ذلك التكامل لا يهدف بطبيعة الحال إلى رقى المجتمعات الانسانية فقط وانما يسعى لتحقيق الحفاظ على بقائها واستمراها وذلك عن طريق توفير الحلول المختلفة لما قد يعن لها من مشكلات على اساس علمى، ومن هذا المنطلق أصبح لكل نوع من النوعين السابقين دوره المعروف بالنسبة للمجتمعات فى العصور الحديثة، ومن ثم ظهر ما يُطلق عليه بلغة العلم مصطلح التخصص.
والواقع فإن المهتم بالشأن الاجتماعى المصرى لابد وانه قد أدرك ان العلوم الانسانية فى مصر عانت على مدار عشرين عاما مضت من تجاهل مؤسسات الدولة المختلفة اللهم فيما عدا بعض محاولات من جانب وزارة الثقافة المصرية ومحاولات اخرى ليست اقل منها جدية واهمية من جانب المركز القومى للترجمة، بينما نجد الدعوات تتعالى هنا وهناك للتركيز نحو دفع القطاع الأكبر من طلاب الجامعات المصرية نحو العلوم التطبيقية على أساس ان المجتمع المصرى بوجهة نظر اصحاب تلك الدعوات قد تشبع بالمقبلين على دراسة العلوم النظرية ومبررهم فى ذلك لا يخلو من طرافة فهم يعتقدون خطأً ان اولئك المقبلون على دراسة العلوم النظرية انما هم هاربون من صعوبات دراسة العلوم التطبيقية للاستمتاع بدراسة العلوم النظرية الأكثر سهولة وضمانا للنجاح، والأدهى من ذلك فقد تكرست فى عقل المجتمع المصرى صورة قديمة يبدو فيها المُقبلون على دراسة العلوم النظرية على انهم فشلوا فى المرحلة الثانوية فى التأكيد على تفوقهم عبر المجموع ومن ثم يجب ان يحرموا من دراسة العلوم التطبيقية مانحين بانسحابهم الاضطرارى الفرصة للطلاب الأكثر تفوقا فى المجموع لدراسة العلوم التطبيقية.
والحقيقة فبغض النظر عما قد يتسبب فيه هذا الاتجاه الأيديولوجى من تمييز ربما يترتب عليه اصابة معظم دراسى العلوم النظرية بحالة من الإحباط، على اساس توجه المجتمع الدائم ناحية تشجيع دارسى العلوم التطبيقية. ذلك التشجيع الذى غالبا ما تجده فى شكل أدبى او معنوى، نجد حتى دارسى العلوم النظرية محرومون منه، وهنا نكتشف ان دارسى العلوم النظرية لم يحرموا فقط مما يحصل عليه اقرانهم من تشجيع ادبى، بل ويعاقبون بنظرة المجتمع التى تمييز بينهم وبين اقرانهم، تمييزا يصل فى بعض الاحيان إلى شعورهم بالخجل وبعبثية دراساتهم وعدم جدواها مقارنة باقرانهم من طلاب العلوم التطبيقية.
ويبدو لى ان اصحاب هذا الاتجاه الايديولوجى قد غاب عنهم طبيعة الدور الخطير المنوطة به الدراسات الانسانية من تنوير وتثقيف وتعريف بتاريخ الوطن وقضاياه وأهمية موقعه الاستراتيجى جغرافيا ودراسة ما يتسم به من ظواهر اجتماعية فى ريفه أو حضره وكلها امور تصب جميعها فى صالح تكوين الهوية المصرية الوطنية، وتقف درعا فكريا يحمى دارسها من محاولات الاستقطاب سواء كان سياسيا ام دينيا، كما انها بمثابة المضاد الحيوى الذى يقى متلقيه شر عمليات تغييب العقل عن طريق ما يعرف باسم غسيل المخ . إن العلوم النظرية والتطبيقية وجهان لعملة واحدة، ولا يمكن لمجتمعنا ان يبدأ مسيرة انطلاقه الواعدة بنفس الافكار القديمة، فالمجتمع الناجح متقدم على المستويين النظرى والتطبيقى، كما ان المجتمع الناجح بالضرورة يكون متقدما على المستويين المدنى والعسكرى وهذا ما فهمته من خلال متابعتى لتفاصيل اللقاء الأبوى الذى جمع السيد رئيس الجمهورية باوائل الجامعات المصرية والكليات العسكرية تحت قبة جامعة القاهرة، إذ بدا لى وكأنه يحاول توصيل رسالة الى المجتمع المصرى فحواها اننا جميعا يكمل بعضنا الآخر بهدف خدمة وطننا ومجتمعنا وأمتنا العربية . من هذا المنطلق أردت ان انوه فى هذه السطور الى خطورة تجاهل العلوم الانسانية فإن غابت غاب عقل المجتمع وفكره، وعلينا ألا ندفن روؤسنا فى الرمال كالنعام وأن نواجه بجسارة ونبحث عن مخارج آمنة لأحلام وطموحات شباب الوطن ذلك إذا اردنا كمؤسسات وكمجتمع الحصول على كوادر وطنية واعية قادرة ومتزنة تصون للوطن فضله وتعمل لاجل رفعة مجتمع حفظ لها قيمتها ومؤسسات آمنت بأهمية وحساسية رسالتها ودورها فى الحاضر والمستقبل.
أستاذ مساعد التاريخ القديم بآداب الإسكندرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.