يبحث كتاب "اللغة والهوية" الصادر عن سلسلة عالم المعرفة للباحث جون جوزيف، في موضوع العلاقة بين الهوية والقومية، والإثنية، والدينية للجماعات داخل مجتمع معين وطبيعة اللغة التي يتحدثون بها، إذ يشدد الباحث على ضرورة أن تشكل الهوية الجزء الأهم في أي دراسة أكاديمية ميدانية تجري حول اللغة إذا ما أريد للنظرية اللغوية أن تتطور، وتعاد إليها نزعتها الإنسانية. الكتاب وفقاً لجريدة "المستقبل" اللبنانية يتبنى الطرح الاجتماعي الإيديولوجي لدراسة اللغة إلا أنه يوضح أيضاً سبب عجز اللسانيات البنيوية أو اللسانيات "المستقلة بذاتها" أن تقدم تفسيرات وتأويلات للأنماط اللسانية المستعملة داخل مجتمعات يغلب عليها الطابع الإثني/ العرقي، والديني/ الطائفي. وبهذا المعنى يحدد هذا المبحث أهدافه في ثمانية فصول، ضمنها من جهة، دراسات نظرية تاريخية حول اللغة والهوية وأشهر اللغويين المحدثين الذين اهتموا بها، ومن جهة أخرى الجانب التطبيقي من خلال بحوث ميدانية قام بها في أماكن عدة من العالم. لقد حاول هذا الكتاب تقديم نظرة شاملة عن كيفية تشكل الهويات القومية، والإثنية، والدينية عبر اللغة، وكيفية تشكل اللغات عبرها. وحاول أن يبيّن كيف أن هذا الفهم للغة أصبح جزءاً من علم اللغة الحديث، كما دافع عن أهمية الهوية اللغوية ضمن فهم علمي للغة. ولا يحتاج المرء الى أن ينظر بعيداً كي يجد الموقف المتعارض. ويتساءل كثير من اللغويين، خصوصاً أولئك الذين يؤمنون ب"استقلالية" العقل اللغوي، عما إن كان للغة في علاقتها بالهوية، أي صلة بها، في نطاق ما يدرسونه، بوصفها نسقاً شكلياً من التمثل والتواصل. ولكن، أي دراسة لغوية تحتاج الى أخذ الهوية في الاعتبار، إذا أرادت أن تكون دراسة تامة وغنية، وذات مدلول، لأن الهوية ذاتها لا يكتمل مدلولها إلا في جوهر اللغة، وفي الطرق والأسباب التي عملت على ظهورها، وفي كيفية تعلّمها واستخدامها كل يوم من قبل كل مستخدم لغة في كل وقت وحين. ومن هذا المنطلق، تتجلى أهمية البحث حسبما ذكرت "المستقبل" في اللغة والهوية، وعلى نطاق واسع، في مساهمته في إعادة "أنسنة" علم اللغة. وقد بدأ هذا المشروع من "الأنسنة" بصورة متقطعة، منذ الثلث الأول من القرن التاسع عشر وحتى القرن العشرين.